… ما كُتِب قد كُتب. عبارةٌ اختصرتْ مسارَ تشكيل الحكومة الجديدة الذي دَخل في ربْع الساعة الأخير الفاصل عن ولادتها المرجّحة خلال أيام قليلة في ضوء «قرار كبير» داخلي – إقليمي بالإفراج عنها.
وبدا واضحاً أن محاولاتٍ حثيثة تجري على مدار الساعة لبلوغ الصيغة النهائية للتشكيلة الحكومية كي يحملها الرئيس المكلف سعد الحريري في أسرع وقت الى الرئيس ميشال عون فيطوي لبنان صفحة أزمةٍ قاسية استمرّت على مدى نحو خمسة أشهر.
وفي ضوء آخِر المعطيات التي توافرت حول مفاوضات التأليف التي تحصل في أكثر من اتجاه، أَمْكن رسْم الخلاصات الآتية:
* ان عقدة التمثيل الدرزي حُلّت في جانبها المتصل بآلية اختيار الدرزي الثالث الذي سيتم توزيره الى جانب الوزيرين من حصة زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، على ان يكون توافقياً ويتولى البتّ به عون مع رئيس البرلمان نبيه بري، وسط استمرار الأخذ والردّ حيال الحقيبتين اللتين سيتولاهما وزيرا جنبلاط الذي يريد التربية والزراعة.
* ان عقدة التمثيل المسيحي وتحديداً طبيعة الحقائب التي ستُسند الى حزب «القوات اللبنانية» تبقى مدار «كباشٍ» تحت سقف الحصة الرباعية لـ«القوات» التي تتضمّن أيضاً موقع نيابة رئاسة الحكومة.
وفي هذا السياق تتركّز الاتصالات على سبل منْح «القوات» حقيبةً وازنة، تريد «القوات» ان تكون العدل التي يتمسّك بها رئيس الجمهورية، وسط «بحث وتحرٍّ» عن سبل إحداث خرق في هذه النقطة إما بتنازل عون عن العدل واما توفير بديل وازنٍ باعتبار أن لا إمكان لحرمان «القوات» من وزارة أساسية الى جانب الثقافة والشؤون الاجتماعية.
وفُهم من مصادر على صلة بمفاوضات التشكيل أن أربع حقائب تبقى محور تجاذُب هي الأشغال والزراعة والعدل والتربية التي يمكن ان تخضع لمبادلاتٍ تتيح إرضاء «القوات» وعدم إغضاب الآخرين، معتبرةً أن الكلام عن تبادُل بين «حزب الله» الذي يريد الصحة وبين «تيار المردة» المتمسك بالأشغال غير مطروح.
واتجهتْ الأنظار امس الى لقاء عُقد مساءً بين رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل والوزير ملحم الرياشي، وسط رهان على هذا الاجتماع باعتبار انه يُنهي بمجرد حصوله قطيعة بين طرفيْ «تفاهم معراب»، ويُحْيي تالياً قنوات الحوار المباشر عشية الدخول معاً في الحكومة العتيدة.
واعتبرتْ أوساطٌ سياسية ان اللقاء يؤشر الى أمريْن: الأول انتقال التفاوض حول حقيبة العدل الى مرحلة النقاش «وجهاً لوجه» وبلا وسطاء، والثاني حرص الجانبيْن على معاودة تفعيل التواصل وبلوغ الحدّ الأدنى من التفاهمات حول مشوار الحكومة الجديدة وملفاتها الرئيسية فلا تدخل اليها «المتاريس السياسية»، وهو ما من شأن حصوله المزيد من تسهيل عملية التشكيل.
وتقاطعتْ أجواء القصر الجمهوري و«بيت الوسط» (دارة الحريري) عند تأكيد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح وانها ما زالت تحتاج الى بعض الوقت لتكتمل الصورة، وسط معلومات عن ان الحريري لن يتوجّه الى القصر الرئاسي ما لم تكن في حوزته التشكيلة النهائية.
وفي حين أكد عون امس أمام زواره أن «الملف الحكومي له الأولوية في الوقت الراهن»،، لفت موقف لاقى المناخات الايجابية من بري الذي يعود غداً من جنيف اذ أعلن «ربْطاً بالتقدم الذي نراه، أستطيع قول إنّ المكيول أمامنا والفول أمامنا، ولا يبقى الّا أن يوضَع الفول بالمكيول».
(الراي)