خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
يتخبّط وزير الخارجية عبدالله بو حبيب في سياسات لبنانيّة ودوليّة تكاد تشبه شخصيّته المتردّدة، وتشبه انتماءه الى تيّار فقد بوصلته، حيث لا عاد قادراً على استكمال المشوار مع “حليف مار مخايل”، ولا قادراً على التموضع في الطرف الآخر المناقض لحزب الله حيث أنّه يغامر في خسارة “الدني والآخرة”!
يأتي وزير خارجيّة بريطانيا دايفيد كاميرون الى لبنان، بحثاً عن حلول للحرب الدائرة في الجنوب وللفراغ في رئاسة الجمهورية، فيقوم بجولة زيارات على المسؤولين، مستثنياً من جدول لقاءاته نظيره اللبناني، علماً بأنّ “ألف باء” الدبلوماسية يقول ببدء زياراته بمقرّ الخارجية في قصر بسترس، ولكنّ ذلك لم يحصل..لماذا؟ ربّما لأنّ الوزير كاميرون يعرف أنّ بو حبيب لا يقدّم ولا يؤخّر، وهو يردّد مواقف لا تمتّ بصلة الى مصلحة لبنان والدولة اللبنانية، مثل أقواله بأنّه “لن يكون هناك أيّ موافقة بإعادة حزب الله إلى ما وراء الليطاني، لأنّ ذلك سيؤدّي لتجدّد الحرب..وبأنّ الجيش اللبناني لا يمتلك القدرة الكافية للانتشار على الحدود، لوجود مشكلة يعاني منها الجيش ألا وهي النقص بالعدّة والعتاد”:فلماذا يضيع الوزير الزائر وقته مع زميل له لا يؤمن بقدرة جيش بلده، ويرفض أن ينفّذ حزب الله قرارات الشرعيّة الدولية بالتراجع عن الحدود وفق منطوق القرار 1701؟
ماذا فعل الوزير “المُستبعَد” بو حبيب؟
لقد استدعى السفير البريطاني في بيروت هاميش كاول وسلّمه مذكّرة احتجاج على تهميشه من قبل اللورد كاميرون، محذّراً الدبلوماسيّة البريطانية من المعاملة بالمثل، أي يمكن لمعاليه أن يزور لندن (في أقرب وقت) فيلتقي رئيس حكومتها ريشي سوناك، ويعرج على ملك بريطانيا الحالي تشارلز الثالث، متفقّداً حالته الصحيّة المستجدّة، دون أن يمرّ بمكتب الخارجيّة والكومنولث.وهكذا يكون قد أعطى بريطانيا العظمى درساً (لا ينتسى) يشابه الدرس الشهير الذي قدّمه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مجّاناً لدول العالم المتحضّر حول “كيفية إدارة البلاد بلا موازنة، ولا أرقام..ولا مَن يحزنون”، خلال مقابلته مع المذيعة الأميركية هادلي غامبل على هامش مشاركته في منتدى دافوس الإقتصادي، وقد تخلّل المقابلة آنذاك “إحراج” غير مسبوق لباسيل بسبب مباهاته بنوع من أنواع الفساد!
مواقف “بو حبيب” لم تؤدِّ به فقط الى نوع من العزلة الخارجية، بل أثارت موجة سخط على المستوى الداخلي، خاصّة وأنّها تصدر عن مرجع مسؤول رسمي يفترض به أن يطالب بالقرار 1701 ولو أزعج ذلك حزب الله، كما يفترض به أن يرفع من شأن الجيش وجهوزيّته، لا أن يقلّل من قدرته ودوره.
وأيضاً اضطرّ الوزير المعني الى إصدار بيان توضيحي خلال النهار يمسح به “ترهات” ما نطق به في الليل، من خلال بيان صادر عن وزارة الخارجية والمغتربين وجاء فيه:”تناقلت عدّة مواقع إخبارية الكترونية معلومات وتصريح نسبته لوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب حول عدم قدرة الجيش اللبناني على الانتشار واستلام زمام الأمور في الجنوب.تنفي وزارة الخارجية والمغتربين أن يكون الوزير قد أعطى تصريحاً بهذا الخصوص لأيّ جهة إعلامية، وهذه المعلومات هي أخبار مجتزأة ومغلوطة، ومقتطعة من عدّة تصريحات سابقة ولا صحّة لها”.
وكما درجت العادة بالقول “الحقّ على الطليان”، كذلك الحقّ في ما اقترفه لسان وزير الخارجية يقع على الصحافة والصحافيين!