قاضي التحقيق في الشمال جوسلين متّى، تستحق كل التكريم والاحترام، لأنها أصدرت حكماً قضائياً، هو أكبر من مجرّد اجتهاد، كما يُسمّى في لغة أهل القضاء، ليسمو إلى مستوى المبادرة الوطنية بامتياز، لمعالجة مشاكل الانحراف والتضليل الديني في صفوف الشباب.
القصة أن ثلاثة شبان مسلمين أساءوا «احترام السيدة العذراء»، في كلام وتصرّفات غير مقبولة، فتم اعتقالهم وإحالتهم الى القضاء، وعوض رميهم في السجون مع المجرمين والمتهمين بالتطرّف والإرهاب لسنوات، بلا محاكمة، كما هو حاصل مع عشرات الشباب وصغار السن «الإسلاميين»، بادرت القاضية، وبكثير من الوعي الوطني، والنضوج الفكري، إلى إنهاء التحقيق مع الشبان بالسرعة الممكنة، ومن دون حفلات التأجيل المعهودة في بعض الأحيان، وأصدرت عليهم حكماً سيخلد ذكرى صاحبته في القضاء اللبناني.
لقد عالجت القاضية جوسلين متّى في حكمها خلفيات وأسباب تصرّف الشبان، والتي تعود حكماً إلى جهلهم المطلق بمبادئ الدين الحنيف، وغربتهم الكاملة عن القرآن الكريم، وما يحويه من سورة كاملة عن آل عمران، وسورة ثانية مخصصة للسيدة مريم بنت عمران، والتي يصفها رب العزة في كتابه المكنون بأنها «سيدة نساء العالمين».
استنتاجاً من هذا الواقع، اختصرت القاضية حكمها بأن ألزمت الشبان الثلاثة بحفظ سورة آل عمران من القرآن الكريم، ليتعلموا مكانة السيدة مريم الجليلة عند رب العالمين.
لقد قامت القاضية جوسلين متّى بهذا الحُكم الفذ، بدور الدولة، وبمهمة العشرات من المؤسسات الاجتماعية والإصلاحية، التي ترعى مثل هذه الحالات لتوعية الأجيال الصاعدة من مخاطر الفتن، وإرشادهم إلى السبيل الصحيح في تكوين ثقافة العيش في مجتمعات تعددية، وقبول الآخر، كما علّمَنا رب العالمين في كتابه العزيز!
ويبقى السؤال: لماذا لا تطبق مثل هذه المبادرة الخلاقة على عشرات. بل مئات الشبان المعتقلين في سجن رومية، والسجون الأخرى، وإنقاذهم من براثن الجهل والتطرف؟