خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
حين تعمّ الجهالة، “زيحوا من الطريق”.هذا ما بات يدور فوق مساحة ال 10452 كلم مربّع، بعد أن كانت واحة للفكر والشعر والأدب الهارب من رمال الصحراء ومن إستبداد العسكريتاريا.فقد تحوّلت إلى حقل تجارب (وبطولات) لكلّ سَحَرة الأرض الموغلين في بُدع الحلال والحرام والتكفير والرجم بالتهم الجاهزة.عادوا بنا إلى السيف والجلّاد.إلى الفتاوى ومحاكم التفتيش.إلى كلّ وسخ وموبقات القرون الوسطى.
“جنود الربّ” (كأنّ للربّ جنوداً، كما لله حزب..) يهاجمون في عقر الأشرفيّة ملهى ليليّاً يلجأ إليه من شذّوا على الطبيعة الجنسيّة للبشريّة، وليس في يدهم حيلة.. اعتدوا عليهم بالضرب والإيذاء، نيابة عن الربّ كما يدّعون، ونيابة عن الدولة التي يفترض بها أن تتصرّف أو تطبّق القوانين المرعيّة.هؤلاء “الجنود” (من يموّلهم، ومن يكلّفهم بتطبيق قوانين السماء؟) لا يُرضون الربّ، ويقومون بما ليس من شأنهم، وهم أشدّ أذىً وضرراً على المجتمع ممّن خُلقوا ذوي ميول شاذّة أو خارج السياق الطبيعي العام!
“الأمر بالمعروف” ظهروا على شاطئ صيدا العمومي.إنّه شاطئ ملك كلّ الناس، وليس منتجعاً خاصّاً يمكن لصاحبه أن يفرض شروطه، كما أيّ مؤسّسة خاصّة.إمرأة بالمايو خدشت عصبيّة رجل شبه عارٍ بالمايوه:هل عري الرجل “لوحة فنّية” تستحقّ التأمل والدهشة، وعري المرأة “عورة” تستحقّ الرجم بالحجارة؟
إسمعوا وعوا يا دعاة “التحريم والتحليل”:السعودية، أرض القداسة والأنبياء، باتت في صراع مفتوح مع الفكر الوهّابي بما يحمله من تشدّد وتزمّت وانغلاق.نحن في زمن آخر، نحن في بلد متنوّع.الشاطئ العام ملك الجميع.لا أحدّد لك ما تلبسه، ولا تحدّد لي ما أرتديه.قناعاتنا الشخصية تبقى ملك دواخلنا، ليس إلّا.ليست مادّة للتداول بالقوّة في المجتمع.هناك قوانين مدنيّة ترعى الحشمة والتصرّفات بما لا يؤذي الذوق العام.وهذا يعود تطبيقه حصراً الى أجهزة الدولة.لا الى هذا الشيخ، ولا الى ذلك الرجل، ولا الى حزبيّ أو شبّيح أو قبضاي!
“باربي” أخافت وزير الثقافة: أيّ ثقافة تخاف من فيلم سينمائي مهما كان مضمون هذا الفيلم؟ الوزير محمّد مرتضى أراد أن يكون خامنئيّاً، ونسي أنّه وزير مفترض لثقافة منفتحة متنوّعة لا تقبل بضبط حرّية التفكير وحرّية الفنّ وحرّية الكلمة.أراد أن يعود بنا الى الوراء، كأنّه لا تكفينا العودة المذهبيّة الى 1400 عام وأكثر..صحيح أنّ الأمن العام قد انتصر لعرض فيلم “باربي” الخالي من كلّ إدعاءات الوزير الحزبي، إلّا أنّ ذلك لا يمحو خطر محاولة أن تطوّع ثقافتنا من قبل أولياء رقابة مستنسخة من ثقافة الملالي الرابضة على صدور الشعب الإيراني!
“جنود الربّ” لن يفلحوا في فرض مشيئة المدعو “أنطوان صحناوي” مهما امتلك من المال والنفوذ، مطاوعو صيدا (وربّما غير صيدا) لن ينالوا من تعدّد الذوق والمزاج واللباس البحري وغير البحري..وأتباع ملالي طهران، مهما امتدّت مملكتهم، لن يقووا على “باربي” الجميلة، على شكل لعبة فاتنة للصغار، أو على شكل فيلم سينمائي مسلّي للكبار!