خرج التباين بين رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وبين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى العلن على خلفية ملابسات تأليف الحكومة وما رافقها من مداولات. وانتقد جنبلاط ما اعتبره “شبه غياب رئاسة الوزارة” في تشكيل الحكومة، فرد الحريري عليه من دون أن يسميه مشيرا إلى أن رئاسة مجلس الوزراء “لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد”.
وقالت مصادر في “اللقاء الديموقراطي” إن فتور العلاقة بين الجانبين كان بدأ خلال المداولات حول الحكومة حيث انزعج جنبلاط من طلب الحريري إليه أكثر من مرة التخلي عن حقيبة الصناعة، لمصلحة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بديلا من البيئة التي أراد رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الحصول عليها. لكن جنبلاط رفض، حسبما أوضحت مصادر “اللقاء الديموقراطي”، وانتقد في مجالسه إصرار الحريري على تلبية مطالب غيره على حسابه، في وقت يتقصد الوزير باسيل دعم التحركات القائمة في الجبل ضده وخصوصا من النائب طلال أسلان. وترى مصادر “اللقاء” أن “جملة مؤشرات تدل على محاولات تطويق “الاشتراكي” وأنه سيخوض المواجهة السياسية لهذه المحاولات، فضلا عن التباينات في التعاطي مع تلزيمات بعض المشاريع التي أثارها جنبلاط في تغريداته الأخيرة معتبرا أنها تخالف الأصول”.
وكان “اللقاء الديموقرطي عقد اجتماعا إستثنائياً، في كليمنصو، في حضور رئيس “التقدمي”، رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، وزير التربية أكرم شهيب، وزير الصناعة وائل أبو فاعور والنواب: مروان حمادة، هادي أبو الحسن، نعمة طعمة، بلال عبدالله، هنري حلو، فيصل الصايغ، النائب السابق غازي العريضي، أمين السر العام في الحزب التقدمي الإشتراكي ظافر ناصر، مستشار النائب تيمور جنبلاط حسام حرب، مفوض الداخلية هشام ناصر الدين، ومفوض الإعلام رامي الريس.
وبعد الاجتماع، أعلن وليد جنبلاط ان “اللقاء الديمقراطي اجتمع بشكل دوري لدرس بعض المواضيع وكيفية مواجهة لبعض الامور”.
وقال: “تم طرح الشكل الذي جرى فيه تشكيل الحكومة حيث لاحظنا وجود أحادية بالتشكيل للأسف وشبه غياب لمركز أساسي في إتفاق الطائف وهو رئاسة الوزارة، ولاحقا في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية جبران باسيل الذي بدا كأنه يضع الخطوط العريصة للبيان الوزاري وكيفية العمل لاحقا من دون استشارة أحد، وهذا يطعن بالطائف”.
“لعب بالنار… وأزمة كبرى”
وذكّر بأن “كل مجلس وزراء كان يضع على الطاولة اتفاق الطائف، إتفاق الطائف لم يوضع هذه المرة، وهذا لعب بالنار ويؤدي إلى خلل كبير في البلد ولسنا مستعدين أن نقبل بهذا الخلل”. وأعلن أن وفداً من “اللقاء الديموقراطي” سيزور رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ليسألهم: إلى أين الطائف؟ ونتمنى على رئيس الوزراء أن يقدم جواباً واضحاً، وإذا كان هو بالطريقة التي عومل بها يريد أن يتخلى عن الطائف فهذا يشكل أزمة كبرى في البلد”. وقال: “نسأل سعد الحريري أين الطائف الذي بناه والدك واستشهد من أجله. أنا لا اتهم أحداً لكني أريد أن أعلم أين الطائف وإلى أين ذاهب البلد”.
وتابع: “التحالف الجديد، التحالف المضاد فرض وزيراً لشؤون اللاجئين لونه سوري، لكننا سنقوم بمعركة لأننا لن نتخلى عن حماية اللاجئين السوريين في لبنان ولن ننجر إلى رغبة الفريق السوري في الوزارة بإرسالهم بأي ثمن إلى المحرقة والسجون وإلى التعذيب في سورية”.
ولفت جنبلاط الى انه “في ما يتعلق بموضوع الضابط وائل ملاعب انشاء الله الا تكون فقط تصفية حسابات، واذا ثبت عليه شيء فهناك قانون، نحن مع القانون ولا مشكلة، فالتوقيت جاء قبل إنتهاء العشاء(مع الرئيس الحريري) وربما كان توقيت الإقالة موجوداً”، مضيفاً “لكن أتمنى على (المدير العام لقوى الامن الداخلي) اللواء(عماد) عثمان أن يزيل كل الفساد في مديريته وأن يكون التحقيق شفافاً مع العقيد ملاعب وأن يضبط المصالح الكبرى والتهريبات الكبرى والفضائح الكبرى في مطار بيروت حيث هناك توازنات إقليمية ربما”.
وفي ما يتعلق بقناة “الجديد” (القاء قنبلة يدوية عليه فجر أمس) قال: “أنا ضد الاعتداء الذي حصل، وقد شاهدت “السكاتش” أكثر من مرة، فشخصية “أبو قعقاع” التي تضع صورتي تبدو وكأنها وليد جنبلاط، وربما هذا نوع آخر من التهجم على وليد جنبلاط وربما المشايخ رأوه من منظار آخر”.
وأشار إلى أن “هناك شرائح معينة في لبنان وغيره لا تقبل بالمس برموز بهذه الطريقة، وسأقيم دعوى على قناة الجديد كما أطالب بتفعيل المجلس الوطني للإعلام، فما ورد في “السكاتش” عندما تقول هذه الشخصية بأني أكلت رأس حية القوات والعونيين وحزب الله هو تحريض على السلم الداخلي”، مذكراً “بأننا في السابق دافعنا عن الجديد لكننا نطالبها بالتفهّم والتفاهم، وعندما تأتي الظروف المناسبة نرى كيف الطريقة والتوقيت لتسليم الشيخ إلى التحقيق”.
وشدد جنبلاط على أنه “لا يجوز في كل يوم ولحظة أن يهان القضاء وأن يساء إلى الدولة وإلى رموزها والتهجم لا يجوز على القاضي سمير حمود وعماد عثمان”. وأكد “أننا مع القانون، ولكن فليسلموا أمين السوقي” (المتهم بحادثة الشويفات)، مضيفاً “كما أننا لم نعرف حتى هذه اللحظة كيف إستشهد محمد بو ذياب، فلتتفضل الدولة وتتكلم”.
وعما اذا سيسحب وزرائه من الحكومة قال: “كلا لماذا سأسحبهم، الوزراء موجودون سيتولون ملفاتهم وسنواجه”.
ورداً على سؤال حول أجواء العشاء الذي جمعه بالحريري، قال: “في آخر العشاء طلب مني التنازل عن حقيبة الصناعة، فقلت له أني سأرد عليه جواباً في اليوم التالي، لكني عدت وابلغته في الليلة نفسها بأنني في ظل الحملة الشعواء ضدي لا يمكنني أن أتنازل”.
الحريري
ورد الرئيس الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، على جنبلاط من دون أن يسميه، وقال: “إن رئاسة مجلس الوزراء في ضوء ما يصدر من مواقف وتعليقات حول عملية تشكيل الحكومة، لا تجد في الكلام الذي يحاول النيل من دورها ومكانتها وادائها في معالجة الازمة الحكومية، سوى محاولة غير بريئة للاصطياد في المياه العكرة والتعويض عن المشكلات التي يعانيها اصحاب هذا الكلام والتنازلات التي كانوا اول المتبرعين في تقديمها” .
واضف: “من المفيد ان يدرك كل من يعنيه الامر، ان رئاسة مجلس الوزراء، المؤتمنة على الطائف وعلى الصلاحيات التي اوكلها اليها الدستور، لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج الى دروس بالاصول والموجبات الدستورية من اي شخص، ولن يكون من المجدي لأيٍ كان تزوير الوقائع، لا سيما ما يتعلق باعداد البيان الوزاري، والايحاءات التي تحاول تعكير المسار الحكومي بدعوى العمل على تصحيح الاوضاع “.