أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في مقابلة مع إذاعة “لبنان الحر”، “أننا نريد حكومة أخصائيين مستقلين لا علاقة لهم بالأكثرية السياسية، وأي محاولة لتشكيل حكومة أخصائيين تسميهم هذه الأكثرية أمر مرفوض، فهذا فخ لأن الكلمة المفتاح في كل المسألة هي مستقلون”. وشدد على ان “القوات ليست مع أي حكومة لها أي علاقة بالسياسيين وبالأكثرية النيابية والوزارية”، لافتا إلى أن “القوات كما دائما بانسجام تام مع شعبها ومجتمعها، ولأننا كذلك خرجنا من الحكومة، والجميع يعلم أننا كنا نعيش حالا من التململ داخلها لأننا كنا نرى أنه لا يتم تطبيق واعتماد المعالجات اللازمة كي لا نصل إلى الوضع الذي وصلنا إليه اليوم”.
وأوضح جعجع أن “من يقوم بتغيير موظفة ليس لسبب سوى لأنها ليست مع توجهاته السياسية في “عز دين الثورة” وبعد ورقة الإصلاحات الشهيرة التي تعهدت بإلغاء وزارة الإعلام، ويتصرف وكأن الدنيا بألف خير بعد 8 أيام على استقالة رئيس الحكومة، في حين انه ليس لدينا حقيقة دقيقة واحدة للمماطلة والإنتظار، ومن ثم يعود للالتفاف على مطالب الناس عبر الدفع باتجاه تشكيل حكومة أخصائيين تسميهم القوى السياسية، هل من الممكن ان نعتبر أن عقلا يتصرف بهذا الشكل هو واع لحقيقة الواقع في لبنان وما هو حاصل على الأرض، وواع أنه أوقع البلاد في مشكلة كبيرة جدا؟”.
وقال جعجع: “الناس خرجت من منازلها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ليس كي تعود إليها من دون أي نتيجة، وأسباب نزولهم إلى الشارع واقعية، يومية ومعيشية وبالتالي أتوقع أن تستمر هذه الثورة ولو بأشكال مختلفة، فهي منذ بدايتها حتى اليوم كانت تأخذ طابع قطع الطرقات إلا أنها الآن بدأت تأخذ طابعا آخر لذا ستستمر وإن بأشكال مختلفة”.
وردا على سؤال عما إذا كان تطويق المؤسسات ممكن أن يؤدي إلى أي نتيجة، أوضح جعجع أن “هذه طريقة في التعبير، صحيح أنه من الممكن أن تكون بعض هذه المؤسسات لا علاقة لها بما يحصل لأن المشكلة الرئيسية تكمن على مستوى القرار السياسي، فعندما يكون هذا الأخير غير مستقيم من المستحيل أن يستقيم أي شيء آخر في البلاد، إلا أنه عندما يستقيم تستقيم معه كل المؤسسات باعتبار ان المؤسسات لا تعمل على هواها وإنما انطلاقا من قرار سياسي، لذا ما يحصل هو طريقة في التعبير يحاول من خلالها الناس التأكيد أنهم مستمرون في التحرك الذي بدأوه منذ قرابة الـ20 يوما من أجل الوصول إلى الغايات التي يريدونها”.
وعن فكرة تأليف حكومة مطعمة بسياسيين، أكد جعجع أن حزب “القوات اللبنانية” “ليس مع أي حكومة فيها أي شيء له علاقة بالسياسة والسياسيين في الوقت الراهن، باعتبار أن المشكلة في المرحلة الماضية، إن كان في السنوات الثلاث المنصرمة أو في الأعوام الثلاثين الماضية، كانت تحديدا في القرار السياسي وعلى المستوى السياسي، لذا “القوات” ليست مع أي شيء له علاقة بالسياسة أو بالأكثرية الوزارية أو النيابية في الوقت الراهن”.
وقال: “في مقابل تصميم الناس وثباتهم واستمراريتهم في حراكهم، هناك بعض من في السلطة يحاول الإلتفاف بطريقة ملتوية على مطالب الناس، والدليل ما هو مطروح اليوم على سبيل المثال في ما يتعلق بتشكيل الحكومة بين البارحة واليوم، فهم تراجعوا عن طرح حكومة تكنو-سياسية بعد أن رأوا أن لا قبول لها وتحولوا إلى طرح آخر وهو حكومة أخصائيين، ولكنهم يحاولون السعي كي تكون تسمية هؤلاء من قبل القوى السياسية، وهذا الأمر يعني أننا لم نصل إلى أي مكان ولن ننجز أي تقدم أو تغيير لأن المشكلة لا تكمن فقط في الإختصاص لأن هذا الأمر جزء منها فقط، إلا أن الجزء الأكبر من المشكلة يكمن في تصرف وممارسة قوى الأكثرية الوزارية والنيابية، لذلك أعتبر أن ما يحصل هو عملية إلتفاف على مطالب الناس”.
وتابع: “نحن بالطبع بحاجة لأخصائيين من أجل اجتياز هذه المرحلة الصعبة إلا أن الكلمة المفتاح في هذه الأيام هي “مستقلون” والتي تناساها المعنيون بالأمر، الذين يسوقون اليوم لحكومة أخصائيين تسميهم القوى السياسية. نحن بحاجة إلى مستقلين لا يتأثرون بأي من القوى السياسية التي كانت تشكل الأكثرية الوزارية باعتبار أنه الأخصائي إذا ما كانت يتأثر بالقوة السياسية التي أتت به، فهذا يعني أننا لم ننجز أي تقدم ولا نزال في نفس المكان الذي نحن فيه اليوم”.
وردا على سؤال عما إذا كان على اتصال مع الرئيس سعد الحريري والأفرقاء السياسيين في مسألة التداول في تأليف الحكومة العتيدة، أكد جعجع أننا “على تواصل مع حلفائنا بالدرجة الأولى ومع آخرين بطريقة او بأخرى في الدرجة الثانية. هناك تبادل بيننا، إلا أن وجهة نظرنا هي هي منذ اللحظة الأولى وواضحة جدا وهي التي أعبر عنها في الوقت الحاضر”.
وقال: “لا أشعر أن من في السلطة اليوم واعون لما يحصل، وكل ما يحاولون القيام به هو محاولة الإلتفاف على الضغط الذي مارسه الشارع عليهم عبر مكاسب شكلية، ويستمرون في ممارسة هوايتهم المفضلة داخل السلطة وهي المحسوبية في التوظيفات، وعلى سبيل المثال في هذا الإطار ففي “عز دين فورة الشارع” خرجت الحكومة بورقة إصلاحات من أجل تهدئة الأوضاع، وواحد من بنودها هو إلغاء وزارة الإعلام، إلا أنه كيف يمكن ان تكون جديا في الإصلاحات بينما تقوم في اليوم الثاني على إعلان هذه الورقة بتغيير موظفة بآخر ليس لسبب سوى أنها ليست بنفس توجهك السياسي، فيما هذا الآخر تأتي به من مكتبك مباشرة لتضعه مكانها. وهنا أنا أتكلم عن “الوكالة الوطنية للإعلام” حيث أن تغيير لور سليمان لم يتم لأسباب تقنية او إنتاجية أو فعلية، وهذا كله حصل في “عز دين” الثورة. فمن يتصرف بهذا الشكل، هل ممكن أن نستنتج أنه أخذ أي عبرة من الذي حصل في الشارع؟ كما أن العقل الذي يتصرف على النحو الذي يقوم به اليوم بعد 8 أيام على استقالة رئيس الحكومة وكأن الدنيا بألف خير ولدينا كل الوقت أمامنا للتكليف والتأليف، في حين ان الحقيقة ليس لدينا دقيقة واحدة للمماطلة والإنتظار، ومن ثم يعود للالتفاف على مطالب الناس في أن يقول إنه سيشكل حكومة أخصائيين يوزر فيها 4 أو 5 أشخاص من الحراك، وبطبيعة الحال يختارهم من الذين لديه صلة معهم أما بقية الوزراء فيكونون من الأخصائيين الذين تسميهم القوى السياسية. وفي هذه الحال نكون في مكاننا نراوح ولم ننجز أي تغيير، لذلك هل من الممكن ان نعتبر أن العقل الذي يتصرف بهذا الشكل واع لحقيقة الواقع في لبنان وما هو حاصل على الأرض، واع أنه أوقع البلاد في مشكلة كبيرة جدا؟”.
وردا على اتهام حزب “القوات اللبنانية” بأنه يقطع الطرقات ويفرض الخوات، قال جعجع: “كل هذه الإتهامات كذب بكذب بكذب بكذب، والعقل الذي يحاول الإلتفاف على الثورة، هذه احدى طرق التفافه عليها، فهو يحاول أخذها إعلاميا ونظريا في مخيلته إلى مكان آخر مختلف. يتكلمون عن قطع الطرقات في حين أن هذا الأمر حاصل في كل لبنان، وحتى اليوم هناك قطع طرقات في عكار وصيدا. فأين هي “القوات” من هذه المناطق، يحاولون منذ اللحظة الأولى التقاط الصور لمواطنين يؤيدون أو ينتمون إلى حزب “القوات اللبنانية” في الحراك ويعمدون على نشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي ليقولوا ان حزب “القوات” يؤكد ألا علاقة له بالحراك في حين أن هذه الصور إثبات للعكس، إلا أن الحقيقة هي أننا جزء من هذا البلد وناسنا هم أناس كبقية الناس وبالطبع لنا علاقة بما هو حاصل في البلاد لناحية أننا مواطنون كسائر المواطنين. إلا أن اتهامنا بأننا نحرك كل هذا الحراك من العبدة وببنين وصولا إلى صور والنبطية فيا ليت باستطاعتنا ذلك، إلا أن ما يقال فهو كذب ومحاولة لنزع الصفة الحقيقية عن هذا الحراك وهذه الثورة ومحاولة لإلباسها لباسا سياسيا ضيقا له علاقة بمراحل سابقة، ولا علاقة له بما هو حاصل اليوم. ونحن في كل الأحوال في الأماكن الذي يكون لدينا أدلة بسيطة، من الممكن الإرتكاز عليها من أجل الإدعاء بتهمة نشر معلومات كاذبة على “القوات” نقوم بذلك”.
وعما اذا كان حزب “القوات اللبنانية” خسر بخروجه من السلطة، شدد جعجع على أن “أكثر ما يهم “القوات” هو أن يبقى في انسجام تام مع شعبه وهذا ما حصل، فالعالم أجمع يرى أننا كنا في حالة تململ كامل داخل الحكومة، لأننا كنا نرى أنه لا يتم تطبيق المعالجات اللازمة كي لا نصل إلى الوضع الذي وصلنا إليه اليوم، كما أريد أن أذكر الجميع أنه خلال لقاء بعبدا الإقتصادي في 2 أيلول الماضي منذ قرابة الشهرين طرحت أن تستقيل الحكومة الحالية وان تتوقف القوى السياسية عن التدخل لأنها أثبتت فشلها، والذهاب باتجاه حكومة من المستقلين الأخصائيين كي ينجحوا في المكان الذي فشلت القوى السياسية فيه، لأن لا حل آخر لدينا. ومنذ ذاك الوقت ونحن ذاهبون في هذا الإتجاه”.
وبالنسبة لمن يربطون ما هو حاصل في لبنان والعراق بالصراع الأميركي – الإيراني، قال جعجع: “ليس هناك أي ربط بين ما يحصل في لبنان وما هو حاصل في العراق، ففي بعض الأوقات تحصل صدف في التاريخ، كانفجار الغضب الشعبي في لبنان والعراق في وقت متزامن، مع الأخذ بعين الإعتبار ان سبب التفجر في العراق له علاقة بالوضع السيادي الوطني العراقي، فيما في لبنان التفجر مرتبط فقط بالوضع المعيشي – الإقتصادي – المالي على ما سمعناه بمداخلات الناس عبر شاشات التلفزة ووسائل الإعلام منذ 20 يوما حتى الآن، وبالتالي ليس هناك أي ربط بين الحراكين والثورة التي انطلقت في لبنان هي ثورة حقيقية، فعلية، شعبية، عفوية ومباشرة لها علاقة بحياة الناس اليومية وليس لها علاقة بأي أمر آخر”.
وعما إذا كان متخوفا من تدهور مالي يؤدي إلى فشل إقتصادي وفوضى أو حتى حرب وكيف من الممكن تدارك هذا الإحتمال، شدد جعجع على أننا “اليوم نمر في تعثر مالي، إلا أن ما يغطي عليه هو أن المصارف في أكثرية الأيام مغلقة انطلاقا من الأوضاع في الشارع والمعنيون بالأمر والذين ما فتئوا منذ عامين يتبجحون “على سمانا” أنهم الأكثرية، ومعهم السلطة هم من يتحملون مسؤولية ما هو حاصل، ومن كانوا يتحكمون فعلا بالقرار السياسي هم من يتحملون المسؤولية وعليهم أن يجدوا المخارج والحلول فكل واحد يحصد نتائج ما زرعت يداه”.
وختم جعجع قائلا: “من بعد هذا الحراك الذي انطلق منذ 20 يوما أصبحنا جميعا فخورين، كوننا لبنانيين بعد أن عشنا مرحلة شعرنا فيها أننا مخنوقون، خصوصا في العام الأخير حيث كانت أوضاعنا تتدهور فيما السلطة السياسية كانت تتصرف ولا تزال وكأن الوضع في البلاد على أفضل ما يرام وتمارس هوايتها المفضلة بالمحسوبية في التوظيفات وأينما تسنح الفرصة بالمصالح المادية الخاصة المباشرة على حساب الإستقامة والنظافة، مما جعل لبنان من بين آخر الدول تصنيفا لناحية الفساد. لذا هذه الإنتفاضة الشعبية مكنتنا من ان نشعر مجددا أننا شعب لبناني قوي ولديه الإمكانيات الكبيرة عندما يتحرك، والأهم يبقى هو في كيفية إيجاد طريقة لإنهاء هذا التحرك بتحقيق نتائج عملية ملموسة، مع الأخذ بعين الإعتبار أن المعنيين في السلطة يحاولون في كل لحظة الإلتفاف على نتائج هذا الحراك كآخر إقتراح يتم تداوله اليوم عن حكومة اختصاصيين يقومون هم بتسميتهم، الأمر الذي يعني أننا لم ننجز أي تقدم، لذا الأهم هو أن نبقى متيقظين لمحاولات الإلتفاف هذه، غير ذلك فهذه الثورة مجيدة ومن الممكن أن تؤدي إلى النتائج المرجوة إن شاء الله”.