جعجع، وفي حديث لصحيفة “L’Orient-Le Jour”، شدد على أنه “كي يتم وضع سياسة “النأي بالنفس” قيد التطبيق بشكل فعال، يجب على “حزب الله” احترام التزامه بالابتعاد عن الصراعات الإقليمية”، مشيراً إلى أن “الحزب قد وافق على هذا المبدأ خلال مناقشات مجلس الوزراء التي أسفرت عن اعتماد الإعلان الوزاري الذي أفضى إلى عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته، ولذلك، يجب أن يتوقف عن الإنغماس في الأزمات الإقليمية”. واضاف: “نحن ننتظر نتائج التحقيقات التي أمر رئيس الحكومة السلطات المعنيّة بالقيام بها من أجل تبينان كيفية دخول الميليشيات العراقية والأفغانية إلى البلاد وبذلك تحديد الثغرات التي استفاد منها هؤلاء من أجل الدخول إلى لبنان ومحاولة سدّها”، لافتاً إلى أنه “يعتزم أيضاً التشاور مع الحريري بشأن احترام الأطراف لالتزامها بسياسة “النأي بالنفس”، خصوصاً وأنه في المناقشات التي سبقت الإعلان الوزاري، قال رئيس الحكومة إنه سيعيد النظر في موقفه بالعودة عن الإستقالة في حال تم انتهاك هذه السياسة”.
وفي سياق متصل، قال جعجع: “إن مجموعة الدعم الدولية للبنان في اجتماعها الأخير أعلنت صراحةً تأييدها لسياسة “النأي بالنفس”، ولكن دعم هذه المجموعة لهذا المبدأ هو برأيي سياسيّ بحت. بيد أنه، إذا لم يتم احترام القرارات الدوليّة خصوصاً الـ1701 و1559 التي دعا إليها المشاركون في الاجتماع، فإن عواقب ذلك ستكون إقتصاديّة وستعرّض لبنان إلى خسارة كبيرة على هذا الصعيد، لأن المجتمع الدولي سيقوم عندها بتخفيض مساعدته للبنان”.
من جهة أخرى، أوضح رئيس “القوات” أنه “حائر إزاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعلان القدس عاصمة لإسرائيل”، معتبراً أن هذا القرار “لا يصدق”. وأضاف: “لقد دأبت لإيجاد سبب منطقي يعلّل إتخاذ ترامب لقرار مماثل إلا أنني لم أجد أي سبب. لذلك، يبقى هذا القرار بالنسبة الي غامضاً”.
وتابع جعجع: “إن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، والذي أرجأه أسلاف دونالد ترامب مراراً وتكراراً، من المرجح أن يسبب مشاكل هائلة لمنطقة الشرق الأوسط، يمكن أن تصل إلى حد الفوضى السياسية الشاملة. وأعتقد، علاوة على ذلك، أن الدول العربية لن تقبل بعد اليوم بأن ترعى الإدارة الأميركية مفاوضات السلام، التي من الممكن أن تتوقف”.
ورداً على سؤال عن العلاقة بين “القوّات” و”تيار المستقبل”، أوضح جعجع أن “هذه العلاقة تعكرت، لا سيما إزاء موقف “القوّات” من استقالة الحريري، ولم تعد بعد إلى وضعها الطبيعي”، مشيراً إلى ان “هناك الكثير من العمل الذي يتم القيام به لكي تعود العلاقة إلى طبيعتها، وهناك اتصالات ناشطة بين الطرفين من أجل توضيح الأمور”. واضاف: “إن هذه العمليّة قد تستغرق عدة أيام أو أسابيع، واللقاء مع الحريري سيتم عقده بعدها”.
اما عن العلاقة مع “التيار الوطني الحر”، فقد لفت جعجع إلى أن “العلاقة بدأت بالتدهور قبل سبعة أو ثمانية أشهر”، عازياً هذا التدهور إلى “اتهام رئيس “التيار” جبران باسيل “القوّات” بوضع وزراء تكتل “التغيير والإصلاح” في دائرة الإنتقاد”، موضحاً أن “هذا الأمر ليس صحيحاً”. وقال: “على سبيل المثال، إن أخذنا موضوع التباين بشأن ملف الكهرباء، فنحن فقط لا نريد أن نكون شهود زور في هذا الملف الذي قيمته عدة مليارات ليرة لبنانية، لذلك قمنا بتقديم ملاحظاتنا في هذا الخصوص. وفي الواقع، فقد أدلى المدير العام لإدارة المناقصات جان العليّة، الذي تربطه علاقات جيدة مع “التيار”، بالملاحظات نفسها”.
وتابع جعجع: “بالإضافة إلى ذلك، يتهمنا “التيار” بالتدخل في شؤون الحقائب الوزارية التابعة له. إلا أن واقع الأمر هو أن ما نقوم به ليس تدخلاً بالوزارات التابعة لهم، إنما نقوم بالنظر بالقرارات التي يعمل على إقرارها في الحكومة مجتمعة”.
وشدد جعجع على انه “على الرغم من نقاط الخلاف الموجودة إلاّ أن قنوات التواصل مفتوحة مع “التيار” لأن “القوّات” ما زالت ملتزمة بالتفاهم”، لافتاً إلى أنه “على “القوّات” و”التيار” الإستمرار بالوقوف جنباً إلى جنب كما فعلا في العامين المنصرمين من أجل تعزيز العلاقة بينهما”.
ورداً على سؤال عن “المحاولات المتكررة لقمع الحريات العامة”، ختم جعجع: “إن خطأ مطبعياً على حساب للتواصل الإجتماعي، أو مقالة صحفية تحت سقف قانون المطبوعات، أو حتى عرض حلقة في برنامج تلفزيوني يتم خلالها التطرق إلى انتقادات حادة، ليست بجرائم يجب أن تودي بمرتكبيها للمثول أمام قاضي التحقيق. فالملاحقات القضائيّة المماثلة تشير إلى نهج لا يحترم الحريات والنظام الديمقراطي”.