انتقل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والوفد المرافق الى العاصمة كانبيرا المحطة الثانية في جولته الاسترالية والتقى فور وصوله السفراء العرب على مائدة غداء تكريمية أقامها على شرفه القائم بأعمال السفارة اللبنانية جيسكار الخوري في حضور، سفراء: مصر محمد خيرت، الإمارات الدكتور عبيد الكتبي، الكويت نجيب البدر البارودي، والقائمون بأعمال سفارات السعودية مشعل الزوقي، الاْردن عدلي الخالدي، قطر فهد الحمر ، ليبيا محمود عامر.
وقال جعجع خلال اللقاء “اريد ان اشكر في المناسبة الدول العربية كافة التي كانت سنداً للبنان في طليعتها المملكة السعودية ومصر والكويت والإمارات وقطر وكل الدول التي دعمت لبنان ولنا لها معها علاقات جيدة “.
اضاف “نعاني في لبنان من مشكلات عدة، البعض منها عادي والبعض منها غير عادي. فمشكلة الفساد في لبنان أكثر من عادية، ولكن هذا شأن داخلي علينا كلبنانيين ان نرى ماذا يمكن فعله في هذا الصدد ونحن نحاول الكثير في هذا المجال. ولكن لدينا مشكلة استراتيجية تتلخص في ان منطق الدولة غير محترم في لبنان، في المجتمعات اما ان يعتمد منطق الدولة او اللا دولة ، ولا يوجد شيء اسمه نصف دولة . في لبنان يفترض ان يكون لنا دولة ولكن واقعياً نرى دويلة الى جانب الدولة تصادر القرار الاستراتيجي وقرار السلم والحرب وتفعل ما يشاء لها وتنعكس النتائج على كل الشعب اللبناني “.
وأوضح :”اتذكر تماماً في العام ٢٠٠٦ كنا على طاولة حوار وكان معنا السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة وسواهم . وكان الحوار حول ما يمكن ان نفعله لكي يستقر الوضع في لبنان .واتفقنا ان يعمل كل فريق ما يتوجب عليه للحفاظ على الاستقرار والسلام في لبنان . وفجأة ومن دون ان ندري استفقنا لنرى ان حرباً طويلة عريضة نشبت في جنوب لبنان بين حزب الله وإسرائيل . وبغض النظر عن أحقية او عدم أحقية الموضوع فلا احد يستطيع ان يأخذ قراراً بهذا الحجم خارج الدولة . اتصلت برئيس الحكومة فوجدت ان لا علم له بشيء وكذلك وزيري الدفاع والداخلية . في وقت كلفت هذه الحرب لبنان ١٢٠٠ شهيداً و٤ مليار دولار مباشرة و١٢ مليار دولار خسائر غير مباشرة ، أين هو منطق الدولة في كل ذلك”؟.
واكد : ” نحن نحترم بَعضنا كمجموعات لبنانية ولا يقوم لبنان الا على هذا الشكل ولكن علينا ان نتفق اما نريد دولة او لا دولة . اذا كنا نريد الدولة فان قيامها يقتضي منطقاً معيناً هو ان لا يكون القرار الاستراتيجي خارجها ، ولا نستطيع بناء دولة عندما يكون جزء من العمل العسكري منوط بالجيش اللبناني الذي هو جيش كفوء وان يكون الجزء الآخر منوط بشيء نسميه المقاومة وهو عملياً تنظيم مسلح تابع لأحد الأحزاب اللبنانية” .
وتابع ” في الوقت الحاضر وبين فترة واُخرى يقوم حزب الله بهجوم عنيف على المملكة العربية السعودية او على دول الخليج ، وهذا غير مقبول ، ماذا فعلت دول الخليج او السعودية من سوء تجاه لبنان ؟ . لم اسمع في يوم من الأيام ان السعودية او الإمارات او اي دولة خليجية استقدمت جيوشها وغزت لبنان واحتلته بينما من فعل هذا هو نظام الأسد ، ورغم ذلك يساعد حزب الله نظام الأسد بالرجال والمال ودماء اللبنانيين بينما يتهجم يومياً على مجموعة من الدول العربية”.
واعتبر” اننا نعيش في مأساة وطنية بكل معنى الكلمة واكبر دليل انه منذ خروج جيش الأسد من لبنان منذ ١٢ سنة لم تقم بعد دولة لبنانية كما يجب ان تقوم . في وقت يكافح فيه اللبناني من اجل لقمة العيش .لا احد يعتقد ان لبنان بلد فقير نحن فقراء من فعل أيدينا نظراً لعدم اتباع السياسات المطلوبة وسياسة تمييع الدولة ووجودها “.
ورداً على سؤال قال جعجع ” صراحة المشكلة شائكة جداً لانه من جهة لا نستطيع السكوت على الوضع القائم ومن جهة اخرى يجب ان نتجنب باي ثمن حصول حرب أهلية جديدة في لبنان لا سمح الله ونحن نسير بين هذين الحدين .لذلك يعتقد بعض الإخوة العرب اننا مستكينون وهذا غير صحيح لكننا نحاول ان نضغط بالسياسة بالقدر اللازم من دون ان نصل الى نقطة الكسر التي يمكن ان تنزلق بِنَا الى عدم الاستقرار او نشوب حرب . وعلينا بداية ان نتحمّل مسؤولياتنا لجهة أخذ المواقف الواضحة نتحمّل ان يبقى حزب الله كحزب سياسي ولكن لا نقبل ان يبقى كحزب عسكري يصادر قرار الدولة . وعلى باقي الافرقاء ان يأخذوا مواقف مماثلة . انا في تقديري في لبنان المعركة اليوم سياسية بمعنى انه اذا استطعنا تكوين اكثرية برلمانية ليست راضية بهذا الوضع عندئذ لا يمكن لحزب الله ان يستمر بالشكل الذي هو عليه ، اما اذا استمرت سياسة المسايرة لحزب الله فلن نستطيع الانتقال الى وضع افضل”.
وحول العلاقات الإيرانية – اللبنانية وتأثيرها على العلاقات مع دول الخليج قال جعجع : “للأسف اثرت على لبنان والدليل حجم الاعمال الخليجية وحجم السياحة التي تدهورت في الأعوام الأربعة الماضية الى أدنى مستوى . وفِي تقديري لا تستطيع الحكومة ان تكمل كما هي الحال الآن ، فعلاقات ايران بلبنان الجدية هي مع حزب الله اما العلاقة مع الدولة اللبنانية الرسمية فهي علاقة دبلوماسية . ولكن ماذا سيكون موقف الحكومة اللبنانية من التطورات الجديدة وبالأخص استعارة الصراع بين أميركا والغرب والدول العربية من جهة وإيران من جهة اخرى برأيي يجب على الحكومة اللبنانية ان تعيد النظر بموقفها من كل هذه القضايا على ضوء المستجدات وان لم يحصل فإننا نزج بلدنا في أتون لا ناقة لنا فيه ولا جمل وهذا ما سنعمل عليه من خلال وجودنا في الحكومة” .
ورداً على سؤال لأحد السفراء العرب يتعلق بتأزم الأوضاع في المنطقة، قال جعجع: “أتوقع ان يزيد لان الافرقاء كلها بحاجة الى لعب كل اوراقها وانتظر اياما صعبة على لبنان والمنطقة في خضم ما يجري واعتقد ان من مصلحة لبنان العليا ان يعود لبنان بأسرع وقت ممكن الى سياسته التاريخية المعروفة بسياسة النأي بالنفس فنحن لا نستطيع ان نكون طرفاً في الصراع في المنطقة لا في سوريا ولا في سواها ، وعلينا في أسرع وقت ممكن ان يستقيم منطق الدولة وان تلعب الأحزاب السياسية دورها وان نبتعد عن كل ما من شأنه ان يشكل خطرا على لبنان. هذا سيكون برنامجنا السياسي للأشهر والأسابيع المقبلة بمواجهة العاصفة المستجدة في لبنان والمواجهة الكبيرة التي بدأت في ضوء العقوبات الأميركية على ايران ” .
وردا على سؤال للسفير المصري حول العلاقات اللبنانية المصرية والوضع في سوريا، اجاب:”وفيما يتعلق بالوضع السوري فان اضعف عامل موجود في الحرب السورية هو العامل السوري الغائب تماماً ، فمن يسيطر على الأمور في أماكن النظام هي ايران وروسيا ولولا ايران لسقط النظام في الأشهر الاولى . لدى ايران ما لا يقل عن ٥٠ الف مقاتل فعلي يقاتلون عن نظام الأسد وهم رأس الحربة لان جيش النظام انهار في الأشهر الاولى وهو يستعمل الان لسد بعض الثغرات . في المناطق الاخرى يتوزع النفوذ بين الأميركيين والروس وتركيا والأردن وهذا هو الواقع السوري حالياً . واعتقد ان أميركا وروسيا متفقتان على هدنة جدية كبيرة وتخفيف التوتر سيستمر واعتقد اننا في المراحل الاخيرة ، والمعارك مستمرة في الرقة ودير الزور واتصور ان هذه المعارك ستنتهي في الأسابيع المقبلة . وسيحاول الأميركيون في دير الزور منع الإيرانيين من السيطرة على جزء من الحدود السورية العراقية للأسباب الاستراتيجية المعروفة . وحتى هذه اللحظة لا اتفاق بين الافرقاء المعنيين حول المستقبل في سوريا لان ايران لن تتخلى عن الأسد اما الروس بتقديري قد يتخلون عنه بثمن عال جداً . واعتقد ان لا إمكانية لبقاء الأسد في سوريا” .
كما تطرق النقاش الى موضوع النازحين السوريين فأكد على اهمية عودتهم بكرامة الى المناطق الامنة .
وانتقل جعجع بعد ذلك الى مبنى البرلمان الفيديرالي حيث التقى وزراء ونواب من الحزب الحاكم ونواب من المعارضة ووزراء الظل .
وحضر من أعضاء الحكومة وزراءالهجرة بيتر داتون، العلاقات الدولية السيناتورة كونسيتا فيفرفانتي ويليز ، الوزير المساعد للاقتصاد غريغ لوندي ، الوزير المساعد للمدن آنغوس تايلر ، الوزير المساعد للتعددية الثقافية السيناتور سيسلجا ، الوزير المساعد للشؤون المالية مايكل سكر اللبناني الأصل من بشري ، رئيس الحكومة السابق طوني أبوت، السيناتور اريك ابتيز ، النواب كيفن أندرو دايفيد كولمن أيان غودانا ، أندرو هايستي ، غريغ كيلي ، طوني باسين والسيناتور جايمس باترسون .
اما في اجتماع المعارضة فحضر زعيمها بيل شورتن والنواب جايسن كلير وطوني بورك وباني وانغ وجولي أونز ودايفيد باني .
واطلع جعجع الوزراء والنواب على اخر التطورات في لبنان والمنطقة .
واستهل نواب المعارضة اللقاء بالتنويه بموضوع تخليه عن ترشحه لرئاسة الجمهورية لصالح مرشح آخر . وجرى في اللقاءين عرض لوضع في لبنان والعلاقة مع ايران وانعكاسات التوتر في الملف النووي بين ايران واميركا على لبنان والمنطقة بالاضافة الى ملف النازحين شارحاً محاولات البعض استخدامه لإعادة نفوذ الأسد .
وبعد جولة في البرلمان دخل جعجع الى القاعة العامة وحضر جانباً من الجلسة التي كانت مخصصة لموضوع الكهرباء وشهدت نقاشاً حاداً، وقد رحب رئيس المجلس بجعجع في البرلمان الاسترالي .
رافق جعجع الى كانبيرا رئيس مقاطعة استراليا طوني عبيد، المستشار القانوني للقوات للشؤون الدولية ستيف ستانتن ، داني جعجع وشربل فخري ومن كانبيرا داني خوري .