رعى وزير العدل سليم جريصاتي إطلاق مركز الطب الشرعي والنفسي في قصر العدل – طرابلس، بمشاركة سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن، في حضور ممثل وزير الداخلية والبلديات نهاد للمشنوق قائد منطقة الشمال في قوى الامن الداخلي العقيد علي سكينة، الدكتور مصطفى الحلوة ممثلا النائب محمد الصفدي، الرئيس الأول لمحاكم الشمال القاضي رضا رعد، العميد وليد الحاج ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون، نقيب المحامين في الشمال عبد الله الشامي، العقيد حسن العلي ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الرائد علي الأيوبي ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المديرة العامة لوزارة العدل ميسم نويري، ورئيس فرع مخابرات الجيش في الشمال العقيد أحمد العمري.
جبور
بداية النشيد الوطني ونشيد الاتحاد الاوروبي، ثم ألقت رئيسة “ريستارت” سوزان جبور كلمة تناولت فيها “ظروف انشاء المركز وأهميته على مستوى المقاضاة”. ونوهت ب”جهود سفيرة الاتحاد الأوروبي”، ولفتت الى “جهود المديرى العامة للعدل التي ساهمت في إنجاز المشروع”، ولفتت إلى أن “العمل على افتتاح المكتب يأتي في إطار مشروع “العمل المشترك الفاعل من أجل مقاضاة مرتكبي التعذيب وتعزيز التزام مكافحة الجرائم المتأصلة في لبنان والأردن”.
لاسن
ثم ألقت السفيرة لاسن كلمة تناولت فيها المشروع وأهميته، مثنية على “التعاون مع restart ووزارة العدل”، مؤكدة مبادئ حقوق الإنسان وتوافير المناخات المؤاتية لتحقيق العدالة”.
وقالت: “لولا تعاون الوكالات الأمنية والوزارات المختصة وخبرتها وتفاني هيئات المجتمع المدني والتزامها لما كان لبنان قادرا على تحقيق ما حققه خلال العام المنصرم من انتصار على الجرائم واكتشافها، وهي خطوة مهمة إلى الأمام ومحط تقدير عميق ليس في داخل لبنان فقط بل وخارجه أيضا”.
جريصاتي
وألقى الوزير جريصاتي كلمة قال فيها: “عندما دعتني مديرة مركز “ريستارت” الأستاذة سوزان جبور لرعاية إفتتاح “مركز الطب الشرعي والنفسي في قصر العدل – في طرابلس” الممول من الإتحاد الأوروبي، مشكورا، غمرتني المشاعر المليئة بالفخر والإعتزاز والحنين الى أيام خوال كنت أقصد فيها طرابلس مع عائلتي بقدر ما كنت أقصد فيها زحلة مدينتي.
إن الحديث عن طرابلس الفيحاء، وتاريخها العريق من الفينيقيين الى الفرنسيين مرورا بالرومان والبيزنطيين والعرب والفرنجة والعثمانيين، وعن تاريخ رجالاتها ونسائها الرائدات قد يطول ولا تسمح هذه المناسبة في الإفاضة في إسترجاعه، من دون أن يعني ذلك ألا نذكر شهداءها من أيام العثمانيين حتى أيامنا هذه، وفيهم من كبار رجالات الدولة.
ويطول التأمل في زوايا تألقها، فالرحلة التي تبدأ من ساحة التل لا تنتهي في الميناء، بل إن في كل حارة وفي كل سوق وكل شارع حكاية شعب مناضل مكافح محب للخير وعاشق للحياة، حكاية شعب جمع على أرضه آذان المساجد بأجراس الكنائس في تناغم وإنسياب جعله مثلا يحتذى ليس فقط في لبنان بل في المنطقة بكاملها.
عرف شعب طرابلس إنتكاسات في العيش المسالم، إلا أنها كانت مصطنعة ولا تشبه طبيعته وأهل الضواحي، بدليل قلب الصفحة ورفض الإنصياع الى منطق العنف وأخذ العبر من الأحداث المأسوية كي لا تتكرر مهما كانت الظروف.
لن أبوح بسر إن قلت أن فخامته ودولته حريصان على قلب صفحة الماضي الأليم في طرابلس وسائر أنحاء الوطن، وقد طلبا من وزارة العدل إقتراح قانون عفو عام عن جرائم يمكن أن يشملها العفو، بحيث تنتصر العدالة على ما سواها من إعتبارات”.
أضاف: “أما بعد، يندرج إفتتاح مركز الطب الشرعي والنفسي في قصر العدل في طرابلس ضمن إطار تنفيذ مشروع “العمل المشترك الفاعل من أجل مقاضاة مرتكبي التعذيب وتعزيز التزام مكافحة الجرائم المتأصلة” الممول من الإتحاد الأوروبي، والذي نستغل هذه الفرصة لتوجيه أسمى رسائل الشكر والتقدير الى القيمين عليه وعلى رأسهم سعادة السفيرة الصديقة كريستينا لاسن. وفي هذا الإطار، يهمني التأكيد أن فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لي شرف الإنتماء الى فكره السياسي، ودولة رئيس الحكومة الأستاذ سعد الدين الحريري الذي لي شرف الإنتماء الى حكومته وزيرا للعدل، إنما يوليان قضايا حقوق الإنسان ومنها قضايا مناهضة التعذيب والوقاية منه، أهمية خاصة، تنطلق من حرصهما المشترك على إحترام الدستور وأحكام مقدمته التي نصت على إلتزام الدولة إحترام جميع المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والرامية الى حماية حقوق الإنسان وضمانها، وعلى تجسيد مبادئها في جميع المجالات والميادين”.
ولعل العنوان الذي إتخذته حكومة العهد لنفسها، “حكومة إستعادة الثقة” كاف في ذاته للتعبير عن الأهداف التي إرتضتها لنفسها وهي تتركز بصورة أساسية على إستعادة ثقة المواطن بدولته ومؤسساتها، هذه الإستعادة التي لا يمكن أن تتم إلا من خلال التوجه الى المواطن وطمأنته الى أن الدولة، بأجهزتها الرسمية كافة، تعمل على تأمين حقوقه وضمان حرياته الأساسية ومنع الإنتهاكات ومعاقبة مرتكبيها”.
وتابع: “إيمانا منا بالدور الأساسي الذي يؤديه دليل الطب الشرعي للوصول الى محاسبة مرتكب جريمة التعذيب ولمساعدة الضحية على المطالبة بتعويض أضرارها، وقعت وزارة العدل مذكرة تفاهم مع جمعية غير حكومية – جمعية “ريستارت” لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، التي نبدي لها كامل التقدير والإحترام، لإنشاء مركز للطب الشرعي والنفسي في قصر العدل في طرابلس.
وقال: “إن هذا المشروع يعد مشروعا نموذدجيا سيتم تعميمه بعد مرور سنتين على إنشائه على مختلف قصور العدل في لبنان في جميع المحافظات بعد تقويم التجربة.
إن أهمية هذا المركز الطبي لا تقتصر على تأمين فرصة للموقوفين للخضوع للفحص الطبي من دون أي تكاليف والكشف عن حالات التعذيب أو سوء المعاملة الجسدية والنفسية على حد سواء وتوثيقها وفق المعايير المحددة في دليل التقصي والتوثيق لإدعاءات التعذيب – بروتوكول إسطنبول، بل تتعداه الى أن مجرد وجود هذا المركز سوف يشكل رادعا مزدوجا: من ناحية أولى سيؤدي الى إنصاف أفراد الضابطة العدلية ويخفف عدد الدعاوى الكيدية المجردة من الأدلة الجدية المساقة ظلما في حقهم، ومن ناحية ثانية من شأنه أن يشكل وسيلة رادعة لكل من تسول له نفسه الإعتداء على حقوق الموقوفين وسلامة صحتهم الجسدية والنفسية.
ورأى أن “إفتتاح المركز الطبي اليوم في قصر العدل في طرابلس يشكل خطوة الى الأمام تعكس إلتزام الدولة اللبنانية موجباته الدولية المنبثقة من إتفاق مناهضة التعذيب والبروتوكول الإختياري الملحق به، ويشكل دليلا قاطعا على عزمها على محاربة هذه الآفة من خلال مساعدة الضحية على إثبات تعرضها للتعذيب وملاحقة مرتكبيه، قضائيا وإداريا، وإحالتهم على القضاء المختص للمحاسبة”.
وختم: “إن هذا المركز الطبي يحمل في طياته معان ودلالات متعددة تلاقي تطلعات العهد الجديد الواثق والواعد والمصمم على إنهاض دولة القانون والمؤسسات وصون حقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة، والذي بدأ بإنفاذ تعهداته والمستمر في العمل الدؤوب لإنهاض الدولة التي يجد فيها كل مواطن وكل مقيم على أرض الوطن ملاذا عند الضيق والشدة ومساحة لضمان ممارسة حقوقه وحرياته.
مع التمنيات بنجاح مهمات هذا المركز، ومع التمنيات بأن يساهم في تحسين حقوق الممنوعين من حرياتهم، أتمنى أن تسود العدالة والطمأنينة أرجاء هذه المدينة الحبيبة”.
وفي الختام، قص الوزير جريصاتي ولاسن الشريط التقليدي للمشروع وجالا والحضور في أقسامه.