يبدو أن البرلمان الإيراني لا يسير بطريق آخر مختلف عن ذلك الذي لم يجد الشعب الإيراني مفرا منه، حيث شهدت القبة البرلمانية احتجاجات “لفظية” غير معتادة أن تصدر من أروقة سلطة تشريعية يحكم المرشد علي خامنئي قبضته عليها أيضا.
وبالحديث عن “وقاحة الأسد” و”الضحية إيران” و”الانحطاط الأمني” والفساد المستشري، أنصت البرلمان إلى حديث عضوه الإصلاحي عن مدينة كاشمر (في محافظة خراسان) بهروز بنيادي، وذلك بالتزامن مع الاحتجاجات التي تجتاح البلاد بعد انهيار الريال الإيراني.
وشن بنيادي نقدا لاذعا، في بداية حديثه، ضد كل من الرئيس السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتن، محذرا من تقارب البلدين على حساب “الضحية إيران”.
وقال: “اليوم نشاهد الأسد وهو يزيد من تناغمه مع بوتن بكل وقاحة، هو لا يقلل فقط من أهمية (شهداءنا) في سوريا، بل ينكر في بعض الأحيان ذلك”.
وإيران، إلى جانب روسيا، حليف رئيسي للأسد، عبر فيلق القدس الذي تعده بمثابة الجناح العسكري الخارجي لقوات “الحرس الثوري” المتهمة بتبديد أموال الشعب الإيراني، وزيادة الخنق الاقتصادي
وتساند إيران عدة فصائل طائفية مسلحة منها حزب الله اللبناني الذي يقاتل دعما للرئيس السوري.
وباستكمال الحديث عن الأسد وبوتن، قال النائب الإيراني: “لا أستبعد أن يضحيا بنا لنتانياهو وترامب”.
وبالفعل وقفت روسيا مكتوفة الأيدي أمام انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران عام 2015، مع إعادة فرض عقوبات والترقب لعقوبات أخرى في أغسطس ونوفمبر المقلبين على طهران.
وتهدد إسرائيل بين الحين والآخر بضربة عسكرية ضد إيران، ووقعت بينهما مواجهات عسكرية متفرقة في ساحات القتال بسوريا.
لكن بنيادي يريد “أن يتحول التفكير في إيران من الدائرة العسكرية إلى السياسية والاقتصادية”.
وعدد بنيادي ما وصفها بـ “عشرات الأمور الأخرى المثيرة للخجل”، قائلا: “في مطلع الثورة (1979) لم يخطر على بال الناس والمسؤولين أن يروا الاختلاس، والواسطة، والفساد الإداري، والفقر، والمحسوبية، والدعارة، والرياء، والكذب، والتحرش، وضرب الزوجات، والاغتصاب في المدارس وصفوف القرآن”.
وتابع “المظلومون من الشعب الإيراني تحملوا المشاكل، ومنحوا المسؤولين فرصة 40 عاما”.
ويتناسق حديث البرلماني بنيادي مع ما قاله الباحث في الشؤون الإيرانية حسن راضي لموقع “سكاي نيوز عربية”، الأربعاء، بشأن معاناة المجتمع الإيراني مشاكل خانقة أخرى بعيدا عن الاقتصاد والبطالة، مثل أزمتي المياه والبنى التحتية الفقيرة.
وتتحدث مصادر إيرانية عن تبديد نظام الملالي أموال الشعب، وانشغاله بالأمور الخارجية وتقويض أمن المنطقة، على حساب الاهتمام بشؤونه الداخلية، عبر تمويله ودعمه لعدد كبير من الميليشيات الإرهابية المسلحة في المنطقة العربية.
وكان كبار التجار الإيرانيين أعلنوا إضرابا في بازار طهران الكبير، أغلقوا خلاله متاجرهم واحتشدوا أمام البرلمان للاحتجاج على التراجع الكبير لسعر العملة مقابل الدولار، بينما اعتقلت القوات الأمنية بعضهم وتعاملت بعنف مع آخرين، في محاولة سريعة لكبح جماح غضب تجار البازار الذين لعبوا دورا بارزا في الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي.
لكن بنيادي انتقد أيضا التعامل الأمني مع الاحتجاجات، قائلا: “عدم تحمل المعارضين واختراق الحياة الخاصة للمواطنين أول جرس يقرع على طريق الانحطاط”.