يتواصل مسلسل “الهيبة” الذي تدور أحداثه حول “جبل” تاجر المخدرات والأسلحة، والذي يردنا إلى الكثير من تجار الأسلحة الذين سمعنا عنهم في الإعلام اللبناني، ويجعلنا في الوقت ذاته نستدعي شخصية “أسكوبار” تاجر المخدرات العالمي، من حيث تكريس المد الشعبي بين الناس ليشتري التأييد والموالاة.
في هذا العمل نجد أن تيم حسن، رغم الاسم الذي يحمله والسمعة التي تخيف الآخرين منه، رهن ثلاث نساء أمه منى واصف، وزوجته المتمردة نادين نجيم التي تزوجته لتمرر بعض أغراضها لاسيما أن تكون قريبة من ابنها جبل الصغير، و”عشيقته” طبيبة الأسنان التي يقضي معها بعض أهوائه ودائما ما يكون رهن إشارتها. وهو ما يدفعنا للتساؤل: إلى أي درجة تلعب المرأة دوراً في قرارات الرجل ومواقفه؟
بإيقاع بطيء تمضي أحداث المسلسل الذي تدور أحداثه حول “عليا” التي تعيش مع زوجها وابنهما في بلد أوروبي، وعندما يتوفى الزوج تعود إلى لبنان لدفنه في بلدته الحدودية بين لبنان وسوريا، فتواجه مشكلة، أولها احتفاظ الجدة منى واصف بحفيدها جبل، وبداية تلقينه عادات وتقاليد وأفكار لاتنسجم مع طراوة هذا الطفل. لتمضي بعدها الأحداث حيث تبتعد عليا إلى بيروت وترفع قضية لكسب ابنها، فيتعرض المحامي إلى تهديدات تجعله يتنازل عن القضية.
تتطور الأحداث بعدها إلى لقاء جبل الكبير بعليا ويتفقان على زواج شكلي من أجل أن تكون بالقرب من ابنها. ورغم أن الزواج شكلي، رغم قانونيته، إلا أن تيم حسن يكون مثل خاتم بيد زوجته، ينفذ لها كل شيء لاسيما توسيع وتطوير معمل اللبن.
على طرف آخر، لا تخفي منى واصف فرحها بزواج ابنها إلا أنها تبقى الحماية المتسلطة والأم التي فقط تلقي الكلام لينفذ، وتعرف بأن ابنها خاتم بيد زوجته وتعبر عن هذا بأساليب وجمل مختلفة.
منى واصف تظهر في هذا العمل وكأنها خارجة من رواية أو فيلم سينمائي بأدائها العالي وصوتها ولهجتها الشامية، واختزانها للثقافة الشعبية، لاسيما ما يتعلق منها بسياسة القوة والتسلط، وبالطبع فإن فضاءها هو هذا البيت، وهذه القرية التي تشكل معقلاً حقيقياً لوجود ابنها.
أما تيم حسن صاحب الرداء الأسود، فيوحي بأنه رجل قيم، يحاول أن يكون هو سيد الجبل في غياب عمه المسجون، وحضور ابن عمه الذي يعيش حالة صراع بين تيم حسن “جبل”، وما يمليه عليه والده، والذي يعكس الصراع مع السلطة، تيم يمضي بأداء بطيء جدا، وصوت رتيب وكأنه يضع في فمه الـ”قات”، رغم أدائه الخاص وحضوره الجميل، يؤدي بهدوء عال يوحي بالحكمة والقيم وكأنه يريدنا أن نتعاطف مع تجار الأسلحة، ورغم مايقال ويشاع عن هذه الفئة من الناس، إلا أنه يتعامل مع زوجته وكأنه قديس.
وهنا نسأل عن أهمية الحب في هذا العمل، بل أهمية حضور نادين نجيم المرأة الجميلة الواعية المتفهمة، الطموحة أيضا، التي بدأت تكسر الحواجز بينها وبين “جبل” وتقترب لتضيف سحرا خاصا على العمل الذي غاب عنه الكثير من المخاطر التي يواجهها هؤلاء لاسيما ملاحقة القانون والسلطة لهم، ومضت معظم حلقات العمل وكأنهم في قرابة حقيقية مع سلطة شبه غائبة، بحيث لاسلطة تعلو على سلطة النساء، اللواتي سيطرن على جبل الذي بات بين ثالوث من النساء.
(فوشيا)