طوني عيسى:
خلافاً للمظاهر، غالبية القوى السياسية مهتمّة بأمر واحد: إيجاد الصيغة التي تبرِّر التمديد، تحت العنوان «التقني»، وبعدها لكل حادث حديث.
وقائع السيناريو تجري وفق ما هو متوقّع حتى الآن: الرئيس سعد الحريري وقف في الوسط بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري فعطَّل جلسة تمديدٍ كان سيمرّ حتماً، وبسلام، في 15 أيار، ولو باعتراضات مسيحية. وجعل الحريري نفسه «بيضة القبان» بين الشيعة والمسيحيين.
وربما «عداوة الكار» هذه هي السبب الأساسي لغضب النائب وليد جنبلاط «التويتري» على إبن شريكه في «الحلف المقدس». فجنبلاط لا يحبّ أن يأخذ منه أحد دور «بيضة القبان»، لا بين الشيعة والسنّة، ولا بين الشيعة والمسيحيين.
القوى السياسية كلها كانت ستستعجل الانتخابات لو أنها ستتمّ على قياسها. وفي عبارة أكثر وضوحاً، قوى الحلف الرباعي (شيعية – سنّية- درزية) كانت تستعجل قانوناً للانتخابات يعيد إنتاجَ المجلس الحالي، فيما القوى المسيحية كانت وما زالت مستعجلة للتغيير ودخول اللعبة بعد غياب.
هذه المعاندة بين الطرفين استنفدت الوقت. ولذلك، ارتأى الجميع أن يلعبوا ورقة التأجيل:
1- قوى الحلف الرباعي يناسبها التمديد لأنه يكرِّس، بلا عناء، استمرار المجلس الذي تريده، وحتى إشعار آخر. ولذلك هي حضّرت للتمديد عاماً من خلال اقتراح فتوش، وستحافظ على مدّة العام تحت عنوان «التمديد التقني».
2- القوى المسيحية تضغط لئلّا يطول التمديد أكثر من الوقت الكافي لإنتاج القانون الذي تريده. لكن هذا الضغط ليس كافياً لفرض التعجيل.
إذاً، ما الوقائع التي ستتأتّى من هذا «الكباش»؟
الاتفاق على عنوان عام للقانون العتيد هدفه تبرير التمديد «التقني» وإمراره بما يحفظ ماء الوجه، خصوصاً لرئيس الجمهورية والفريق المسيحي الرافض مبدأ التمديد.
وبعده، يمكن مجلس الوزراء أن يحيل إلى المجلس النيابي قانوناً لا يبتّ التفاصيل التنفيذية، فيما تتولّى لجنة تقنية درس النقاط موضع الجدل، من نوع: العتبة الوطنية، التأهيل، الصوت التفضيلي، وكثير من النقاط التي ستظهر تباعاً.
على الأرجح، سيكون تمديداً طويل الأمد، بما يتناسب والوقت الذي يستغرقه حسم هذا الكمّ الكبير من التفاصيل، وإطلاق حملات الشرح والتفسير عبر وسائل الإعلام ليتمكّن الناخبون من فَهْمِ الأُسس الجديدة التي ستجري عليها الانتخابات، للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
كما أنّ القوى السياسية ليست واثقة تماماً من خياراتها بالنسبة إلى تفاصيل القانون، لأنها تخوض تجربتها للمرة الأولى، وقد تفاجَأ بما لا تتوقعه وتُصاب بصدمات في غير محلّها، وفي أكثر المراحل دقّةً وحساسية، حيث الخسارة يصعب تعويضها.
وهنا تبرز الدراسة التي قدّمها الوزير المشنوق، المستندة إلى تقدير مؤسسات دولية، والتي تقول بالحاجة إلى 7 أشهر من التحضير قبل إجراء الانتخابات وفق القانون المتداوَل. ويجب التنبّه إلى أنّ تعداد الأشهر الـ7 يبدأ بعد إقرار القانون الجديد، بكل تفاصيله، لأنّ الصعوبة تكمن خصوصاً في التفاصيل لا في العنوان العام (النسبية و15 دائرة).
لا يعرف الطاقم السياسي كم يحتاج من الوقت للاتفاق على التفاصيل، ليحدّد موعدَ الانتخابات في نهاية مهلة الـ7 أشهر. ولذلك، الأرجح أنه سيمدّد «احتياطاً» للمجلس أكثر من 7 أشهر، أي حتى مطلع العام 2018 على الأقل.
ولأنّ السلطة اعتادت دائماً تجنّبَ إجراء الانتخابات في كانون الثاني، بذريعة الأحوال الجوية غير المناسبة، على الأرجح ستتمّ الانتخابات بين آذار ونيسان، ما يعني التمديد للمجلس الحالي عاماً كاملاً، حتى 20 حزيران 2018.
هل يعني ذلك أنّ 20 حزيران 2018 سيكون خاتمة أحزان اللبنانيين؟
من المبكر الجزم بذلك أو بنقيضه. ولكن، عند الدخول في تفاصيل النقاشات والخلافات العميقة حول العتبة والتأهيل والصوت التفضيلي وسواها، قد تُفتَح أبوابُ الجحيم مجدّداً.
فمَن يضمن أَلّا تؤدي نتائج التجاذب على المصالح الطائفية أو المذهبية أو السياسية إلى إطاحة الأسس المتفق عليها اليوم. مثلاً: هل يُعاد طرح نقل المقاعد، أو العودة إلى نصّ «إتفاق الطائف» بخفض عدد النواب إلى 108؟
إستتباعاً، قد يلجأ البعض إلى الاستعانة ببنود أخرى من الطائف لمجرد طرح البند المتعلق بعدد النواب: مجلس الشيوخ الذي أصرّ عليه الوزير جبران باسيل أمس، اللامركزية الإدارية الموسّعة وإلغاء الطائفية السياسية وسواها.
عندئذٍ، سيُعاد النظر في العنوان العام المطروح، أي القانون الذي على أساسه تمّ التمديد، والذي سار به الجميع على عجل، تحت ضغط الوقت، ورغبةً في تبرير التمديد «التقني».
ومَن يضمن في هذه الحال أَن لا تعود الأمور إلى النقطة الصفر، وأن تُطرَح مجدداً العودة إلى القانون الساري، قانون 1960 المعدّل في الدوحة، ريثما يتم التوافق على آخر جديد؟
في عبارة أخرى، كيف السبيل إلى التأكد من أنّ «التمديد التقني» سينتهي بالأفراح الانتخابية لا بخيبة جديدة. فالمجلس النيابي مدّد لنفسه 4 سنوات سابقاً… على أمل أن تحمل الظروف حلّاً لقانون الانتخاب!
عملياً، وبعيداً من الشعارات والمناورات المتبادلة، الجميع يؤجّل المشكلة على الطريقة اللبنانية آملاً في إجراء الانتخابات في ظروف يكون هو فيها أقوى، خصوصاً بالمراهنة على التحوّلات الإقليمية المنتظرة خلال السنة المقبلة.
وفي مهلة عام كامل، لا يستبعد كثيرون أن يكون متاحاً للطبقة السياسية إبرام الصفقات الدسمة الجاهزة… من النفط والغاز والكهرباء إلى الاتصالات والنفايات وسواها. وربما ستكون الصفقات جزءاً من الرشاوى والأوزان المتبادلة، بحيث تتمازج روائح المكاسب على أنواعها، من سياسية وغير سياسية، وفي خلطة لبنانية نموذجية.
وربما «عداوة الكار» هذه هي السبب الأساسي لغضب النائب وليد جنبلاط «التويتري» على إبن شريكه في «الحلف المقدس». فجنبلاط لا يحبّ أن يأخذ منه أحد دور «بيضة القبان»، لا بين الشيعة والسنّة، ولا بين الشيعة والمسيحيين.
القوى السياسية كلها كانت ستستعجل الانتخابات لو أنها ستتمّ على قياسها. وفي عبارة أكثر وضوحاً، قوى الحلف الرباعي (شيعية – سنّية- درزية) كانت تستعجل قانوناً للانتخابات يعيد إنتاجَ المجلس الحالي، فيما القوى المسيحية كانت وما زالت مستعجلة للتغيير ودخول اللعبة بعد غياب.
هذه المعاندة بين الطرفين استنفدت الوقت. ولذلك، ارتأى الجميع أن يلعبوا ورقة التأجيل:
1- قوى الحلف الرباعي يناسبها التمديد لأنه يكرِّس، بلا عناء، استمرار المجلس الذي تريده، وحتى إشعار آخر. ولذلك هي حضّرت للتمديد عاماً من خلال اقتراح فتوش، وستحافظ على مدّة العام تحت عنوان «التمديد التقني».
2- القوى المسيحية تضغط لئلّا يطول التمديد أكثر من الوقت الكافي لإنتاج القانون الذي تريده. لكن هذا الضغط ليس كافياً لفرض التعجيل.
إذاً، ما الوقائع التي ستتأتّى من هذا «الكباش»؟
الاتفاق على عنوان عام للقانون العتيد هدفه تبرير التمديد «التقني» وإمراره بما يحفظ ماء الوجه، خصوصاً لرئيس الجمهورية والفريق المسيحي الرافض مبدأ التمديد.
وبعده، يمكن مجلس الوزراء أن يحيل إلى المجلس النيابي قانوناً لا يبتّ التفاصيل التنفيذية، فيما تتولّى لجنة تقنية درس النقاط موضع الجدل، من نوع: العتبة الوطنية، التأهيل، الصوت التفضيلي، وكثير من النقاط التي ستظهر تباعاً.
على الأرجح، سيكون تمديداً طويل الأمد، بما يتناسب والوقت الذي يستغرقه حسم هذا الكمّ الكبير من التفاصيل، وإطلاق حملات الشرح والتفسير عبر وسائل الإعلام ليتمكّن الناخبون من فَهْمِ الأُسس الجديدة التي ستجري عليها الانتخابات، للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
كما أنّ القوى السياسية ليست واثقة تماماً من خياراتها بالنسبة إلى تفاصيل القانون، لأنها تخوض تجربتها للمرة الأولى، وقد تفاجَأ بما لا تتوقعه وتُصاب بصدمات في غير محلّها، وفي أكثر المراحل دقّةً وحساسية، حيث الخسارة يصعب تعويضها.
وهنا تبرز الدراسة التي قدّمها الوزير المشنوق، المستندة إلى تقدير مؤسسات دولية، والتي تقول بالحاجة إلى 7 أشهر من التحضير قبل إجراء الانتخابات وفق القانون المتداوَل. ويجب التنبّه إلى أنّ تعداد الأشهر الـ7 يبدأ بعد إقرار القانون الجديد، بكل تفاصيله، لأنّ الصعوبة تكمن خصوصاً في التفاصيل لا في العنوان العام (النسبية و15 دائرة).
لا يعرف الطاقم السياسي كم يحتاج من الوقت للاتفاق على التفاصيل، ليحدّد موعدَ الانتخابات في نهاية مهلة الـ7 أشهر. ولذلك، الأرجح أنه سيمدّد «احتياطاً» للمجلس أكثر من 7 أشهر، أي حتى مطلع العام 2018 على الأقل.
ولأنّ السلطة اعتادت دائماً تجنّبَ إجراء الانتخابات في كانون الثاني، بذريعة الأحوال الجوية غير المناسبة، على الأرجح ستتمّ الانتخابات بين آذار ونيسان، ما يعني التمديد للمجلس الحالي عاماً كاملاً، حتى 20 حزيران 2018.
هل يعني ذلك أنّ 20 حزيران 2018 سيكون خاتمة أحزان اللبنانيين؟
من المبكر الجزم بذلك أو بنقيضه. ولكن، عند الدخول في تفاصيل النقاشات والخلافات العميقة حول العتبة والتأهيل والصوت التفضيلي وسواها، قد تُفتَح أبوابُ الجحيم مجدّداً.
فمَن يضمن أَلّا تؤدي نتائج التجاذب على المصالح الطائفية أو المذهبية أو السياسية إلى إطاحة الأسس المتفق عليها اليوم. مثلاً: هل يُعاد طرح نقل المقاعد، أو العودة إلى نصّ «إتفاق الطائف» بخفض عدد النواب إلى 108؟
إستتباعاً، قد يلجأ البعض إلى الاستعانة ببنود أخرى من الطائف لمجرد طرح البند المتعلق بعدد النواب: مجلس الشيوخ الذي أصرّ عليه الوزير جبران باسيل أمس، اللامركزية الإدارية الموسّعة وإلغاء الطائفية السياسية وسواها.
عندئذٍ، سيُعاد النظر في العنوان العام المطروح، أي القانون الذي على أساسه تمّ التمديد، والذي سار به الجميع على عجل، تحت ضغط الوقت، ورغبةً في تبرير التمديد «التقني».
ومَن يضمن في هذه الحال أَن لا تعود الأمور إلى النقطة الصفر، وأن تُطرَح مجدداً العودة إلى القانون الساري، قانون 1960 المعدّل في الدوحة، ريثما يتم التوافق على آخر جديد؟
في عبارة أخرى، كيف السبيل إلى التأكد من أنّ «التمديد التقني» سينتهي بالأفراح الانتخابية لا بخيبة جديدة. فالمجلس النيابي مدّد لنفسه 4 سنوات سابقاً… على أمل أن تحمل الظروف حلّاً لقانون الانتخاب!
عملياً، وبعيداً من الشعارات والمناورات المتبادلة، الجميع يؤجّل المشكلة على الطريقة اللبنانية آملاً في إجراء الانتخابات في ظروف يكون هو فيها أقوى، خصوصاً بالمراهنة على التحوّلات الإقليمية المنتظرة خلال السنة المقبلة.
وفي مهلة عام كامل، لا يستبعد كثيرون أن يكون متاحاً للطبقة السياسية إبرام الصفقات الدسمة الجاهزة… من النفط والغاز والكهرباء إلى الاتصالات والنفايات وسواها. وربما ستكون الصفقات جزءاً من الرشاوى والأوزان المتبادلة، بحيث تتمازج روائح المكاسب على أنواعها، من سياسية وغير سياسية، وفي خلطة لبنانية نموذجية.