مع انطلاق اللجنة الوزارية في صياغة البيان الوزاري للحكومة، أحاط الطرف الحكومي مهمتها بهالة كبرى من التوقعات الايجابية حول انها ستعدّ بياناً نوعياً مختلفاً عن كل البيانات السابقة، يحاكي الأزمة الخانقة التي يعيشها البلد، ويحاكي أيضاً وجع الناس ومطالب الحراك الشعبي بتغيير الذهنية الحاكمة التي تسبّبت بالأزمة، ويضع البلد على سكة الانفراج. لكن سرعان ما تلاشَت هذه الهالة، لتنطبق على مسودة البيان الوزاري، الذي انتهت اليه اللجنة، المقولة الشعبية: تمخّض الجبل فولد فأرة.
هذه المسودة، التي تَحَدّد موعد لإقرارها في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا الخميس المقبل، وإن كانت قد حاولت في بعض مفاصلها ان تحاكي الحراك الشعبي وتدغدغ مشاعره بجمل إنشائية، تعبّر من خلالها عن تبنّي حكومة حسان دياب لمطالب الحراك وتؤكد على أحقية الشكوى التي رفعها جرّاء الأزمة، الّا انّها في المقابل، لم تقدّم فعلياً سوى وعود جديدة، لم تخرج عن سياق وعود البيانات الوزارية السابقة، التي ثبت في الوجه الملموس انّ مضامينها كانت أقل ثمناً من كلفة الحبر الذي كتبت فيه.
على انّ اللافت للانتباه في المسودة الجديدة، انّ تقييمها يختلف حتى بين أعضاء اللجنة الوزارية التي صاغتها، ففيما اعتبرتها مصادر وزارية “انها مسودة مهمة بمضمون ذكي يحاكي الأزمة والحراك بما يتطلبانه”، اعتبرتها مصادر أخرى بأنها مسودة “ملغومة” وخصوصاً في الشق المتعلق بالكهرباء، حيث أبقَت القديم على قدمه في هذا الشق، والذي كان موضع شكوى واعتراض من قبل غالبية القوى والمكونات السياسية.
وأقرّت المصادر بأنّ التمسّك بهذا القديم، جاء نتيجة مباشرة لضغط سياسي من قبل أطراف معنية بقطاع الكهرباء أصرّت على خطة الكهرباء كما هي في السابق”.
كما وعلمت “الجمهورية” انّ مسودة البيان الوزاري خضعت في الساعات الـ24 الماضية، لقراءات معمّقة من قبل قوى ومراجع سياسية معنية بالحكومة، وخلاصة تقييمها لم تكن مريحة. وعلى ما قال أحد المسؤولين لـ”الجمهورية”: “لقد انتظرنا بياناً وزارياً بحجم المرحلة، لكننا لم نرَ مثل هذا البيان، مع انّ فيه بعض الامور الجيدة، إنما هي محدودة، كنّا افترضنا انّ البعض تعلّم من التجربة واستفاد من مرارة الأزمة، فتبيّن انّ افتراضنا في غير محلّه، وخصوصاً بعدما قرأنا الشق المتعلق بالكهرباء، فإذا تمّ اعتماد النص الكهربائي كما هو في البيان الوزاري، فهذا معناه انّ الحكومة أعطت لنفسها نقطة سلبية مسبقة، ومكلفة لها”.
الجمهورية