إن التجميد هو أحد أبسط الطرق للحفاظ على الغذاء والنسيج البيولوجي والمواد سريعة التلف، ولكن تكوين بلورات الثلج يمكن أن يتلف الخلايا. والجديد هو نجاح باحثين من مستشفى ماساتشوستس العام في تطوير طريقة جديدة للتبريد الفائق للسوائل باسم “supercool” وحلول مماثلة لإبقائها في شكل سائل لكن بأقل كثيرا من نقطة التجمد المعتادة، وفقاً لما نشره موقع “New Atlas” نقلا عن دورية “Nature Communications”.
يعلم الجميع أن الماء يتجمد عند درجة حرارة صفر مئوية (32 درجة فهرنهايت)، ولكن لا يعلم الجميع أن العملية ليست بهذه البساطة. إن هذه هي النقطة التي يبدأ فيها السائل في التجمد، حيث تبدأ جزيئات الماء على السطح في أن تتبلور إلى جليد، وتنتشر إلى جزيئات مجاورة حتى يتم تجميد الجسم بالكامل. بمعنى أن خفض درجة الحرارة يزيد من احتمال تجمد أي جزيء معين من السائل.
إن هناك إيجابيات وسلبيات لتجميد الأشياء، فكلما زادت برودة السوائل أو المواد، تباطأت العمليات الأيضية، وتحدث بعض التفاعلات الكيميائية. وهذا يعني أن البكتيريا لن تنمو، وأن الأنسجة لن تتحلل بسرعة.
ولكن على الجانب الآخر، تؤدي عملية التجميد إلى تشكل البلورات الثلجية بين الخلايا، مما يؤدي إلى إتلافها. إن اكتشاف طرق لإبقاء السوائل باردة جداً بدون تجميدها بشكل صحيح يمكن أن يساعد في تخزين، ونقل الطعام، والأنسجة والأعضاء، والأدوية لفترات أطول.
تقنية مدهشة
وتعد تقنية مستشفى ماساتشوستس العام، بسيطة بشكل مدهش، حيث إن من المعروف أن عملية التجميد تبدأ على السطح، حيث تلتقي المياه بالهواء البارد، ولكن تحافظ التقنية الجديدة على الماء والهواء منفصلين. قام فريق الباحثين بعزل سطح السائل بزيت يعتمد على الهيدروكربون، ووجدوا أنه يمكنهم إيقاف تكوين الجليد في عينة سعة 1 مليلتر (0.03 أوقية) مخزنة في درجة حرارة -13 درجة مئوية (9 درجة فهرنهايت) لمدة تصل إلى أسبوع.
نهج عملي ومنخفض التكلفة
ويقول أوستا بيرك، الباحث المشارك في الدراسة: “إن هذا النهج البسيط والعملي، المنخفض التكلفة، الذي يضمن استمرار التبريد الفائق لفترات طويلة، يمكن أن يتيح العديد من طرق الحفظ الطبية والغذائية، بالإضافة إلى التجارب الأساسية التي لم تكن ممكنة من قبل”.
وبناءً على تلك الاختبارات الأولى، جرب الباحثون زيوتا أكثر تعقيدًا وهيدروكربونات بسيطة نقية مثل الكحول والألكانات (أي الهيدروكربون المشبع). وباستخدام تلك الهيدروكربونات، تمكن الباحثون من تحقيق التبريد الفائق، لعينات من 1 مل من الماء، وتعليق الخلية إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر (أي 4 درجة فهرنهايت تحت الصفر) لمدة 100 يوم. كما تمكّنوا من التدرج في الكميات القابلة للاستخدام من السوائل، وتمكنوا من إبقاء 100 مل (3.2 أوقية) من العينات المبردة لمدة أسبوع.
تطبيقات متعددة
ثم انتقل الفريق لاختبار مدى جودة هذه التقنية في الحفاظ على سوائل مثل خلايا الدم الحمراء. تمكنت تجاربهم الأولية من إبقاء 100 مل من مفاعلات خلايا الدم الحمراء في درجة حرارة فائقة عند 13 درجة مئوية تحت الصفر لمدة تصل إلى 100 يوم.
ويقول بيرك: “نعمل أيضًا على تطبيق هذه الطريقة على الخلايا الأخرى وترجمتها إلى الأنسجة الكبيرة والأعضاء الكاملة مثل الكبد. ويمكن أيضا استخدام الاختراع الجديد، بالإضافة إلى التطبيقات المحتملة في الطب وحفظ الطعام، في دراسة التفاعلات الكيميائية في الحالة السائلة في درجات حرارة منخفضة دون معدات الضغط العالي المعتادة المكلفة والمعقدة”.