وخصص التقرير السنوي للبنك المعروف بأنه البنك المركزي العالمي للبنوك المركزية الوطنية، فصلا كاملا عن العملات الافتراضية ومدى ما تشكله من خطورة على النظام المالي العالمي وعلى ثروات الأفراد.
وكانت العملات الافتراضية، وأشهرها بيتكوين، قد بدأت كأداة تداول على ما يسمى “الانترنت المخفي” الذي يستخدمه المجرمون واللصوص من مافيا تجارة البشر والمخدرات وغيرها قبل أن يبدأ تداولها عبر الإنترنت في العقد الأخير، وربما كرد فعل على الأزمة المالية العالمية في 2008/2009.
لكن تقرير بنك التسويات الدولي يفصل ما بين العملات الافتراضية وبين تكنولوجيا التعامل بها المعروفة باسم “بلوكتشين” والتي بدأ استخدامها لأمانها التقني الشديد.
ورغم أن دولا تجرب تكنولوجيا البلوكتشين مثل كندا (مشروع جاسبر) واليابان (مشروع ستيلا) وسنغافورة (مشروع أوبين) إلا أن أيّا منها لم تقدم على إصدار عملة رقمية افتراضية.
ويخلص التقرير إلى أن التعدين (البحث عن العملات الافتراضية عبر الإنترنت) والتداول أصبح كارثة بيئية عالمية لما يحتاجه من طاقة، حيث تستنزف بيتكوين وحدها طاقة تساوي ما تستهلكه دولة مثل سويسرا.
وأشار التقرير إلى أن العملات الرقمية تصبح “بلا قيمة من خلال عمليات الغش أو الاختراق الرقمي” وغالبا ما يتم التداول فيها عبر “صناديق وهمية تودي بثروة المواطنين بعيدا عن قواعد التعامل الرسمية”.
ومن سلبيات هذه العملة أيضا أن الثقة التي تعد أهم قيمة للعملات، يمكن أن تنهار ببساطة لتجعل العملة بلا قيمة، حيث ذكر التقرير: “يمكن للثقة أن تتبخر في أي لحظة نتيجة هشاشة عملية التدقيق التي تضمن إتمام المعاملات، كما أن العملة الرقمية يمكن أن تتوقف تماما ما يعني خسارة القيمة بالكامل”.
ويفصل التقرير أيضا وهم سرعة التعامل بالعملات الرقمية الافتراضية بعيدا عن الأنظمة المالية الرسمية، إذ أن التدقيق في أي معاملة يأخذ في التباطؤ مع كل عملية، فكلما ارتفع عدد العملات المتداولة كلما زاد الوقت المطلوب للتداول وصولا إلى عدة ساعات.
ويقارن التقرير ذلك مع شركتي بطاقات الائتمان فيزا وماستركارد اللتين تنتهيان من 5600 عملية في الثانية، وبكلفة لا تكاد تذكر، أما مع معاملات البيتكوين وأمثالها ترتفع كلفة المعاملة الواحدة لتصل إلى 48 دولار.
وهناك خطر آخر يحيط بالعملات الافتراضية وهو احتمالية عدم إتمام المعاملة لأي سبب ما يعني خسارة المتداول بالعملات الرقمية الافتراضية للثروة.
ولأن تلك العملات وتداولها لا يخضع لأي قواعد، فلا يوجد أي سند لها في حال خسارة المتعامل لثروته وهو خطر حقيقي مع وجود آخرين لديهم مهارات اختراق أوسع تمكنهم من “خطف” ثروة غيرهم.
وباستثناء عدد قليل من جهات التعامل الرسمية فإن كثيرا من “بورصات” تداول العملات الرقمية الافتراضية تبين أنها لا تعدو عمليات نصب منظمة تستخدم التكنولوجيا لنهب ثروات الأفراد.
وفي النهاية يؤكد تقرير بنك التسويات الدولي أن مشكلة العملات الرقمية الافتراضية ليست في التكنولوجيا من ناحية الأمان أو سهولة الاختراق، ولكنها مشكلة بنيوية بالأساس يصعب حلها بإخضاعها للقواعد أو التنظيم.