عشية عودة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الى بيروت اليوم من نيويورك، تعيش بيروت أجواء ترقُّب جديدة لما ستحمله الأيام المقبلة على صعيد أزمة تشكيل الحكومة التي تُراوِح في «عنق الزجاجة» منذ أربعة أشهر ونيف.
واذ يتحدّث الذين يميلون لتَوقُّع حدوث كوةٍ في جدار المأزق الحكومي عن أن «شيئاً ما» تبدّل بعد كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله التي سلّم فيها بأزمة «مديدة» في مسار التأليف قد تستمر «أشهراً أو سنوات»، يتداولون بأن إيران باتت تحبّذ إنجاز ملف الحكومة سريعاً وضمان انتظام الواقع اللبناني تحت قواعد اللعبة التي تتحكّم واقعياً بمَفاصلها الاستراتيجية عبر «حزب الله»، ولو اقتضى ذلك عدم تسييل نتائج الانتخابات النيابية (التي اعتبرتْها إيران «انتصاراً» للحزب) بالكامل حكومياً أي عدم الإمساك بغالبية الثلثين (مع فريق عون وحلفاء آخرين) وتشكيل حكومةٍ أقرب ما تكون للتوازنات التي حكمتْ الحكومة الحالية.
وبينما يتوقّف هؤلاء عند «الإشارة الايجابية» التي شكّلها دعم رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد لرئيس الحكومة المكلف رفيق الحريري خلال جلسة «تشريع الضرورة» في مطلب إقرار المشاريع المتعلقة بمؤتمر «سيدر 1» الى جانب مماشاته «تفاهُم تحت الطاولة» بين الرئيس المكلف ورئيس البرلمان نبيه بري على «تطيير» الجلسة بعد الانتهاء من بنود المتّصلة بـ «سيدر»، يشيرون الى محاولة متجدّدة لإرساء تشكيلة على قاعدة 10 وزراء لرئيس الجمهورية وحزبه (التيار الوطني الحر) و10 لتحالف الحريري – «القوات اللبنانية» مع منْح الأخيرة منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة (من ضمن سلّة من 4 وزراء 3 منهم بحقائب)، و10 وزراء لكل من «حزب الله» وبري والمردة على ان تُحسب معهم حصة الزعيم الدرزي ليد جنبلاط.
وفيما لفت استقبال الحريري رئيس «القوات» سمير جعجع غداة اجتماع الأول مع النائب وائل ابو فاعور، فإن أوساطاً سياسية تَطْرح علامات استفهام حول حقيقة رغبة «حزب الله» بتأليفٍ قريب للحكومة قبل ان تنقشع الرؤية في المواجهة الأميركية – الإيرانية، مبديةً علامات استفهام حيال جدية المناخ عن إبداء فريق رئيس الجمهورية مرونةً حيال تمثيل «القوات» بشكل وازنٍ (نوعية الحقائب) وحصة جنبلاط والتخلّي عن مطلب 11 وزيراً أي الثلث المعطّل.
كما استوقف هذه الأوساط «التماهي» بين عون و«حزب الله»، ملاحظة انه بعد إشادة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بكلام عون الى صحيفة «لوفيغارو» قبيل وصوله الى نيويورك والذي دافع فيه عن الحزب وسلاحه، انبرت كتلة «الوفاء للمقاومة» أمس للإشادة بـ«مواقف الرئيس اللبناني الوطنية الجريئة والواضحة سواء في الأمم المتحدة أو الى لو فيغارو، وتعبيره عن رؤيته السيادية الجامعة، ومثمناً الدور الوطني لحزب الله في الشأن الداخلي والتصدي لاسرائيل والمجموعات التكفيرية»، معتبرة أن «هذه المواقف حين تصدر عن الرئيس في هذه الظروف تؤكد تقديره لنهج حزب الله الوطني».
وفيما جاء هذا «التماهي» على وقع انطلاق «قطار» مشروع قانونٍ في الولايات المتحدة يفرض عقوبات اضافية على «حزب الله» ورُجح في بيروت أن يكتمل مساره التشريعي ليلاقي العقوبات النفطية على إيران في نوفمبر، تعتبر الأوساط السياسية ان ما «سلّفه» عون دولياً للحزب سيجعل الأخير «يردّ التحية» له في الملف الحكومي ويتفهّم حساباته… حتى النهاية.