قالوا قديما إن المعدة بيت الداء، وحديثا ارتبط عدد من الأمراض أو على الأقل مضاعفاتها بالغذاء، وأهم هذه الأمراض السكري والسمنة وارتفاع أو انخفاض ضغط الدم وغيرها.
وتشير الدراسات إلى ارتباط وثيق بين صحة المجتمعات وبين نظامها الغذائي، فمثلا اليابان لديها أعلى متوسط في طول العمر، وتم ربط ذلك بنوعية الأكل الذي يتناوله الشعب الياباني وأهمه السمك والخضار.
وقال خبير التغذية محمد عطية: “الأنظمة الغذائية للشعوب التي تُركز على الوجبات السريعة تُسبب مشاكل صحية، أهمها ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والسمنة”.
وتابع عطية في حديثه لـ “عربي21”: “بينما الشعوب التي يعتمد نظامها الغذائي على نسبة كبيرة من الخضار والأسماك، تُعاني من مشاكل صحية أقل من غيرها من المجتمعات”.
وأشار إلى أنه كلما زاد تمدن المجتمع زادت الأمراض المزمنة ومعدلات السمنة، وبالعكس تماما عند المجتمعات الريفية.
الأمراض والأنظمة الغذائية الخاطئة
يُعتبر النظام الغذائي للشعوب كأي ثقافة متوارثة تنتقل من جيل لجيل، لكن بعض أنواع الطعام التي تدخل ضمنها تُسبب أو تزيد من بعض الأمراض.
وقال خبير التغذية: “إن الأنظمة الغذائية الخاطئة تؤدي إلى مشاكل صحية متعددة منها، ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول ومشاكل في الأوعية الدموية والسمنة”.
وتابع: “بالإضافة لمشاكل في الجهاز الهضمي واضطرابات في القولون والأرق وقلة التركيز”.
النظام الغذائي وصحة بعض الشعوب
ساهم النظام الغذائي لبعض الشعوب في تحسين صحتها، وظهر جليا ارتباط نوعية الطعام الذي يتناولونه بصحتهم الجيدة.
وقال عطية: “الشعوب تستفيد من النمط الغذائي بالتركيز على أنواع معينه من الأطعمة، فمثلا شعوب البحر الأبيض المتوسط يركزون على تناول المأكولات البحرية الغنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة المفيدة لعمل القلب والذاكرة، فبالتالي من النادر تسجيل حالات تعاني من مشاكل بالقلب”.
وأضاف: “هناك شعوب تُركز في طعامها على البروتينات النباتية ولا تتناول الحيوانية منها فتجد عندهم نقصا في الحديد وفيتامين (د) والزنك”.
من جهتها قالت أخصائية التغذية العلاجية أمل حداد في حديثها لـ”عربي21″: “نعم إن التنوع الغذائي الآتي نتيجة لتعدد المناخات في الشرق الأوسط، والذي جعلها تجمع أكبر عدد من أنواع الخضار والفواكه والبقوليات وغيرها من المنتجات الزراعية المفيدة لصحة الإنسان، نتج عن هذا التنوع في المنتجات الزراعية نظام غذائي متناغم وصحي ومتنوع”.
مستدركة: “ولكن العادات وطريقة التناول الخاطئة، ساهمت في خسارة القيمة الغذائية الجيدة لهذه المواد، فمثلا دولنا العربية وبالأخص الخليجية أصبح اعتمادها على الطعام المشبع بالدهون أكثر من قبل وهذا أدى لسوء صحة المجتمعات وانتشار السمنة”.
وأكملت “بينما في الغرب مثل قارة أمريكا تفتقر للتنوع المناخي، مما ساهم في قلة التنوع الغذائي، وأصبح اعتمادهم على اللحوم والخبز والبطاطا والحلويات أكثر، لكن لديهم ثقافة استهلاك أفضل، أي أنهم يتناولون كميات تتناسب وصحتهم”.
وضربت مثالا على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية حيث وصل نسبة السمنة بها عام 2012 لـ 62%.
وتابعت: “حين التزم غالبية الشعب الأمريكي بنظام “طبقي الصحي”، الذي اعتمد على التنوع الغذائي وشكلت الخضار نسبة 50% منه، انخفضت نسبة السمنة عام 2014 لتصبح 46%، وحاليا 40%، بينما أصبحت في غالب الدول العربية 62%”.
وختمت حداد حديثها بالقول: “النظام الغذائي المتوازن لأي شعب لا يكفي وحده، بل يجب تغيير العادات الاستهلاكية”.
مستدركة :”بمعزل عن طريقة الاستهلاك الخاطئة، فإن الأنظمة الغذائية التي تعتمد على الدهون العالية مثلا دول الخليج وأمريكا، تُعتبر أسوء الأنظمة، وكلما اقتربنا إلى الساحل، تكثُر الحركة والنشاط البدني والطعام المفيد مثل الأسماك والخضار، وكلما كانت الدولة غنية ومعتمدة على الرفاهية يزيد أوزان الناس”.
أفضل الأنظمة الغذائية الصحية في العالم
وكانت منظمة الصحة العالمية نشرت تقريرا عام 2016، ذكرت فيه أفضل الأنظمة الصحية بالعالم على النحو التالي:
أولا: النظام الغذائي في دول البحر المتوسط، حيث يشمل الخضار الطازجة والفاكهة والحبوب الخضراء والمكسرات، ويضم أيضا الأسماك ومنتجات الألبان وزيت الزيتون الذي يعد المصدر الرئيسي للدهون.
وأثبتت الدراسات فوائد تناول هذا المزيج من الأطعمة الذي يُحسن الصحة إجمالا ويقلل من نسب الإصابة بالأمراض المزمنة مثل الجلطات والذبحات الصدرية والسكري النوع الثاني والخرف.
ثانيا: النظام الغذائي في اليابان حيث يمتلك الشعب الياباني أعلى متوسط أعمار بالعالم، وذلك لأن نظامهم الغذائي غني بالكربوهيدرات والخضروات والفواكه وكذلك الأسماك واللحوم.
وأوصت الحكومة اليابانية سابقا باتباع دليل غذائي قامت بإصداره، يُشجع السكان على تناول نظام غذائي منخفض بالدهون المشبعة والأطعمة المصنعة ومرتفع في نسب الكربوهيدرات الموجودة في الأرز والخضروات.
المصدر : عربي 21