في خضم أزماته السياسية والدستورية الآخذة في التناسل، لا تزال العين الدولية ساهرة على لبنان واستقراره، فيما هو يتخبط في الحسابات الحكومية، وتلك الرئاسية البعيدة المدى، في وقت تشير الأجواء الاقليمية اللاهبة إلى أن ساعات التسوية والتصفية وتعداد المكاسب والخسائر إذا وجدت، باتت قريبة، ما يفسر الحسابات المتأنية التي يركن إليها جميع اللاعبين، وهو ما يمكن أن يعلل سبب البطء في تأليف الحكومة على مدى أكثر من 9 شهور.
وفي انتظار الساعة الصفر، لا تزال فرنسا ورئيسها ايمانويل ماكرون يضعان لبنان على أجندتهما الدولية، وإن كان الرئيس الفرنسي منشغلا بقضايا عدة داخلية وخارجية، ليس أقلها احتجاجات السترات الصفر على سياساته الاقتصادية، وشكل الاتفاق على آلية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والملفان السوري والايراني . في هذا الاطار، تذكّر مصادر ديبلوماسة غربية عبر “المركزية” أن مؤتمر “سيدر” الذي خصص لدعم الاقتصاد اللبناني ومده بمقومات الحياة قد عقد في باريس بدفع من ماكرون شخصيا، ما يفسر الضغط الفرنسي الكثيف الذي يمارس في سبيل دفع اللبنانيين إلى تأليف حكومة تجنب البلاد خسارة المساعدات التي رصدتها الدول المانحة. إلا أن المصادر تؤكد أن إصرار ماكرون على مساعدة لبنان لا ينفي أنه لا يستطيع زيارة بيروت (التي ضرب 13 و14 شباط المقبل موعدا لها) ما لم يكن لبنان “دولة كاملة المؤسسات الدستورية الفاعلة”، من دون أن تسقط من حساباتها احتمال الابقاء على موعد الزيارة قائما في حال كسب المتفائلون حكوميا رهانهم على الايجابية المباغتة التي ضخت في الساعات الأخيرة، علّ التوليفة الموعودة تبصر النور في خلال لساعات المقبلة.
وفي الانتظار، برز موقف لافت في مضمونه وتوقيته نسبته صحيفة “معاريف” الاسرائيلية إلى وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان. ذلك أن غداة الاطلالة الأخيرة والمسهبة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، التي وجه فيها رسائل سياسية وعسكرية مباشرة إلى تل أبيب محددا قواعد المواجهة المقبلة بين الطرفين-وإن كانت بعيدة حتى اللحظة-، زعمت الصحيفة أن فرنسا دعت إسرائيل إلى عدم توجيه ضربة عسكرية إلى لبنان قبل تأليف الحكومة العتيدة، ما أوحى بأن ثمة تخليا فرنسيا عن لبنان في حال وقوع المحظور العسكري، في إطار الكباش الاسرائيلي- الايراني المحتدم في المنطقة. غير أن المصادر الديبلوماسية تفضل التركيز على المنحى الايجابي المتمثل في مسارعة وزارة الخارجية الفرنسية إلى نفي ما ورد في الصحيفة الاسرائيلية، وتأكيد استمرار الدعم الفرنسي للجيش، وفي ذلك تأكيد جديد على تمسك فرنسا بالمؤسسات الشرعية اللبنانية”، مشيرة إلى أن التوضيح الفرنسي استبقه لودريان بموقف عنيف من حزب الله وسلاحه واستمراره في تعطيل مسار تأليف الحكومة اللبنانية”.
وفي مقابل تأكيد الدعم للبنان ومؤسساته الشرعية دون سواها، تلفت المصادر إلى أن باريس تحمي لبنان وتدعمه لمواجهة أي عملية عسكرية اسرائيلية، وتمارس ضغوطا على تل أبيب لمنعها من الاقدام على عمل عسكري، وقد مدت خطوط تواصل بين فرنسا وايران أيضا للهدف نفسه. ذلك أن الفرنسيين لا يمكن أن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء تعرض لبنان للاعتداءات الاسرائيلية.
وتختم المصادر كاشفة أن الفرنسيين طلبوا من السلطات اللبنانية الضغط على حزب الله لثنيه عن الاقدام على إشعال فتيل المواجهة، وهو ما أكد عليه نصرالله في مقابلته الأخيرة، في سياق التهدئة المطلوبة دوليا
المركزية