عمر البردان:
صحيح أن القوى السياسية بدأت تحضيراتها الجدية للانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل، وباتت تتعامل مع هذا الاستحقاق كأولوية تتجاوز ما عداها، إلا أن تداعيات الخلاف القائم بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لا زالت ترخي بظلالها على المشهد الداخلي، خاصةً بعد الموقف المقتضب، لكن المعبِّر للرئيس بري أمس، من أن «ما يُطبَّق هو اللاطائف واللادستور»، والذي يحمل في طيّاته الكثير من الاتهامات بحق الرئاسة الأولى، الأمر الذي يعكس اتساعاً للهوة بين «بعبدا» و«عين التينة»، مع ما سيتركه من انعكاسات على عمل المؤسسات الدستورية، ويزيد من حدة الاشتباك السياسي بين الرئاسات، في وقت تستعد المكونات السياسية لخوض غمار الاستحقاق النيابي، ما يتطلب تعزيز مناخات التهدئة والحوار بين القيادات، تجنباً لافتعال أزمات ليس أوانها الآن، لأنها قد تزيد العقبات أمام إجراء الانتخابات، وبالتالي قد يتخذها البعض ذريعةً للدفع باتجاه تأجيل أو تعطيل هذا الاستحقاق الذي يشكل حاجةً وطنية لتجديد الحياة السياسية وتطويرها.
ولا تخفي في هذا الإطار أوساط نيابية بارزة كما تقول لـ«اللواء»، قلقها من ارتفاع حدة التجاذبات بشأن تعديل قانون الانتخاب، بين مؤيد ومعارض، ما يمكن اعتباره بأنه قد يشكل سبباً لتمديدٍ رابع للمجلس النيابي، إذا استمر التباين في وجهات النظر من موضوع التعديل، باعتبار أن كل طرف ما زال متمسكاً بوجهة نظره، وهذا بالتأكيد يزيد المخاطر على مصير الانتخابات ويفتح الباب أمام شتى الاحتمالات، في وقت يبدو أن عامل الوقت لا يسمح بتمرير التعديلات التي يطالب بها «التيار الوطني الحر» وبعض حلفائه، وبالتالي فإن الخيار المرجح استناداً إلى ما تقوله الأوساط، هو إجراء الانتخابات وفق القانون الجديد القائم على النسبية، على أن يُترك أمر التعديلات التي يطالب بها «الوطني الحر» وغيره من القوى السياسية، إلى الانتخابات المقبلة في الـ«2022»، بعدما تكون الأطراف الداخلية قد توافقت على شكل التعديلات ومضمونها، وبما لا يشكل عائقاً أمام الاستحقاق النيابي المقبل.
ويُستدل من كلام النائب وائل أبو فاعور الذي زار الرئيس بري، موفداً من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، بحسب الأوساط، أن قضية المرسوم لا زالت عالقة بين الرئاستين الأولى والثانية وأن الأمور مرشحة لمزيد من التصعيد، في ضوء تحذيرات رئيس المجلس من تجاهل اتفاق الطائف والدستور، وهي رسائل أراد توجيهها إلى من يتهمهم بتجاوز وثيقة الوفاق الوطني ومحاولتهم إرساء أعراف جديدة، قد تشكل خطراً على الحياة الدستورية وتضع البلد أمام منعطف دقيق لا يمكن تجاهله، وهو ما سبق وحذر منه النائب جنبلاط الذي يتبنى وجهة نظر رئيس مجلس النواب في موضوع المرسوم، والذي يرى أن المخرج من الأزمة التي تسبب بها، يكمن بالعودة إلى الحوار والتفاهم لنزع فتيل التوتر القائم والنأي بالبلد عن أي خلاف قد يهدد العلاقات الرئاسية ويسيء إلى عمل الحكومة ويضع مصير الانتخابات في حال تطوره على المحك.
وتشير المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، إلى أن أزمة المرسوم خلقت إرباكاً جدياً للحكومة، سيترك انعكاساته المباشرة على أدائها في المرحلة المقبلة، إذا أراد أحد أطرافها السير بالتصعيد في هذه القضية، كرد على موقف الطرف الآخر، دون الأخذ بعين الاعتبار للأضرار التي قد تنتج عن هذا التصعيد الذي سيضع البلد أمام استحقاقات لا يُستهان بها، قد يجد الجميع أنفسهم خاسرين حيالها، إذا استمروا متشبثين بمواقفهم ورافضين تقديم التنازلات المطلوبة لطي صفحة المرسوم نهائياً، بما يعيد أجواء التهدئة والحوار بين المؤسسات، ولا يكون سبباً من أسباب عودة التوتر السياسي إلى البلد، على حساب الالتزام بنصوص الدستور الكفيل وحده بفض النزاعات التي قد تنشأ بين القيادات في الكثير من الملفات التي ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي تستحوذ على الكثير من الاهتمام، كونها تجري للمرة الأولى وفق قانون النسبية.