Lebanon On Time –
قام وفد من لقاء الأحد الثقافي بزيارة فضيلة الشيخ المعَمَّر المهندس علي الشلبي ، قَيِّم الجامع المنصوري الكبير بطرابلس ، تقديرا لشخصه ولعطاءاته ولأعماله الخيرية المتنوعة وإعترافا لأهل الفضل بفضلهم عملا بالتوجيه النبوي الشريف (ليس منا من لم يوقر كبيرنا) .
وضم الوفد منسق اللقاء العميد الدكتورأحمد العلمي، الدكتور سابا قيصر زريق رئيس “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، المهندس لامع ميقاتي، الدكتور الشيخ ماجد الدرويش.
وعُقد اللقاء في الغرفة الواقعة تحت مئذنة الجامع المنصوري الكبير مع الشيخ علي الشلبي الذي يمثل ذاكرة طرابلس عبر قرنين من الزمن، وبخاصة القرن العشرين في الفترة الممتدة من مطلع سنة 1930 ، حتى الثورة التي إندلعت في أواخر عهد الرئيس كميل شمعون سنة 1958 ، حيث نهل الحاضرون من الذاكرة “الحديدية التي يتمتع بها ولا يزال الشيخ الشلبي الذي توقف عند أدق التفاصيل عن تلك الفترة.
وخلال الحوار تعرّف الحاضرون على المراحل التي قضاها الشيخ الشلبي مقيماً في منزل والده الشيخ توفيق الشلبي ابن الشيخ محمود الشلبي الأثري الملاصق لـ “الجامع المنصوري الكبير.” متذكرا أئمة الجامع في تلك الحقبة وهم: الشيخ عباس المصري، الشيخ عبدالمجيد المغربي، الشيخ إبراهيم السندروسي، الشيخ محمود منقارة، والشيخ عبدالغني جوهرة.
وتوقف الشيخ الشلبي عند مرحلة دراسته للعلوم الشرعية والدينية، حيث أخذ والده رحمه الله علم الأنساب على يد شيخه خليل صادق، علاّمة زمانه. وبعد أن تقدم والده في العلوم الشرعية عُيِّن إماماً ثانياً لـ “الجامع المنصوري الكبير”.
وقد يسّر الله تعالى للشيخ علي الشلبي طريقا للدراسة في تركيا على يد أحد الوجهاء الأتراك، الذي استقبله في بيته، وكان صاحب كلمة، فدرس هندسة الميكانيك في إحدى الجامعات التركية، وتعرف يومها على البروفسور نجم الدين أربكان، وكان أستاذا في الجامعة، ثم درّسه في السنة الخامسة، وحصل بينهما أنس وألفة دامت حتى وفاة الزعيم أربكان..
و كرمته الدولة التركية ، حيث أقيم له حفل مهيب في اسطنبول باعتباره عميد خريجي الجامعات التركية، وحضر الحفل يومها أركان الدولة يتقدمهم رئيس الوزراء الأخير قبل تعديل الدستور.
ونوّه أعضاء اللقاء بهذه الزيارة حيث إلتقوا خلالها أحد أعمدة القيم الراقية في المدينة صاحب صفحة بيضاء من تاريخ طرابلس الجهادي ضد المحتل، وأحد أبرز المتحدثين عن تاريخ طرابلس قديما وحديثا فذاكرته ما تزال سجلاً للأحداث منذ ثلاثينات القرن العشرين يوم كانت طرابلس واقعة تحت الاحتلال الفرنسي إلى اليوم.
يحدثك ولا تمل عن يوميات طرابلس في مقارعة الفرنسيين، ويشير إليك بدقة متناهية إلى الأماكن التي استشهد فيها بعض رجالات البلد على يد الفرنسيين، ويرسم لك خارطة طرابلس في الثلاثينات كأنك تراها رأي عين: هنا منزل آل السندروسي، وهناك دار الأسطة، وهنالك …. فتشعر من خلال روحية حديثه انك كنت حيث أخبرك..
ويحدثك عن المجزرة التي ارتكبتها دبابات المحتل الفرنسي في منطقة التل – تقاطع شارع المصارف اليوم ، حيث خرجت طرابلس في ذلك اليوم بتظاهرة احتجاج كبيرة تطالب بالإستقلال يقودها طلاب دار التربية والتعليم الإسلامية، يتقدمهم الطالب يومها فؤاد الولي وشقيقه طه الولي، وكيف أن امرأة فاضلة طرابلسية مسيحية، سحبته من الشارع وأدخلته بيتها لتحميه من إجرام المحتل.
ويذكر لك بالأسماء من كان في المسيرة ممن يعرفهم، وما الذي حصل، وأسماء الذين استشهدوا من الطلاب وأماكن استشهادهم.لا تفوته أدق الملاحظات، وكأنه شريط مسجل بتقنية روحية عالية.ولا ينسى أن يذكر موقف الكتيبة اليونانية التي تدخلت بعد ذلك لحماية المتظاهرين.
يذكر لك الأماكن التي كان الثوار يجتمعون فيها للتخطيط لأجل المقاومة، ومنها مدرسة الشهداء (نادي الزهراء الآن) يتقدمهم الحاج تحسين الثمين والشيخ محمود الدرويش.
يحدثك عن عائلات المدينة، وعن الأيام الصعبة التي عاشتها طرابلس تحت الإحتلال الفرنسي، الذي كان يداهم البيوت لمصادرة أقوات الناس من أجل إطعام جيشه المحتل.
فكان لزاما علينا يقول أعضاء اللقاء في ختام زيارتهم وتكريمه وأخذ بركته وطلب دعائه.. فبأمثاله تواصل طرابلس مسيرتها كمدينة للقيم الفاضلة وللعلم والعلماء.
هذا وقدّم اللقاء الثقافي درعا تكريمية للشيخ الشلبي وبعض المؤلفات التي توثّق أعمال ونشاطات اللقاء منذ تاسيسه إلى اليوم.