على الرغم من ان الاتصالات التي يجريها الرئيس سعد الحريري لحلّ العقد التي تحول دون تأليف الحكومة لا تزال مستمرة، الاّ أن وتيرتها تراجعت في الأيام المقبلة، ما يؤكد أن الملف بات في حكم المؤجل، خصوصاً وأن البلاد دخلت في مرحلة الأعياد. فالمواقف السياسية العالية السقف التي تظهر من حين إلى آخر، وتعقيدات الحقائب وتوزيع الحصص التي تعترض تأليف الحكومة، تتحكم بتأخير ولادتها، وفق قول مصادر نيابية مواكبة لـ “الحياة”، بانتظار اللقاء المُرتقب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الذي قد يُشكّل نقطة تحوّل في مسار التشكيل بعد أكثر من شهرين من المراوحة لجهة عرض صيغة حكومية جديدة.
وقال مصدر لـ“اللواء” ان ترحيل النشاطات المتعلقة بالمشاورات إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك بات وكأنه أمر واقع، متوقعاً قيام الرئيس المكلف بزيارة خاصة إلى الخارج لتمضية عطلة العيد مع عائلته، ومن هنا اعتبرت أوساط مقربة من بعبدا، ان ما يشاع عن ايجابيات تتعلق بالتأليف لا أساس لها في الواقع العملي.. فالبعض يدلي بتصريحات لا تتفق مع ما يجري من الناحية العملية.
وفي انتظار أن يتحقق شيء ملموس يبرر زيارة الحريري لبعبدا، أشارت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ“الأخبار” إلى أن الاتصالات لم تنقطع بين عون والحريري، “وهي دائمة ويومية، لكن هناك حرص على عدم إعلانها، لكونها تندرج في الإطار الطبيعي للتعاون من أجل تبادل الأفكار والمساعدة في عملية تأليف الحكومة، وعندما يكون هناك حاجة للاجتماع المباشر، فإن ذلك سيحصل فوراً”.
وتضيف أوساط قصر بعبدا لـ“الحياة” رداً على الأنباء التي تقول إن الأمور تجاوزت الحصص وبلغت توزيع الحقائب “كل يغني على ليلاه، ويقول ما يضمره ويلائمه لكن عملياً لا شيء على الأرض أو الطاولة فلا أحد قدم لرئيس الجمهورية ميشال عون صيغة نهائية بالحصص ومقبولة من كل الفرقاء المعنيين بحكومة الوحدة الوطنية”. وزادت: “قد يكون ما يحكى عن حصص وتجاوز العقد مجرد أفكار لكن لا شيء محسوماً على هذا الصعيد”.
ولم يكن أدل على المراوحة التي تتخبط فيها المشاورات السياسية من تأكيد مصادر “التيار الوطني الحر” لـ“النهار” رداً على ما يشاع عن قبول “التيار” بعشرة وزراء له ولرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنها لا تعلق على هذا الكلام لأن الموضوع ليس في العدد ولا في ثلث معطل، خصوصاً ان رئيس الجمهورية ليس في حاجة الى ثلث معطل. وشددت على ان الموضوع يتعلق بحقوق التمثيل ان كان لـ”تكتل لبنان القوي” أو لرئيس الجمهورية و”التيار” ليس مستعداً تالياً للتنازل عن هذه الحقوق.
في السياق، شبّه مصدر بارز في “القوات” عبر “الجمهورية” سلوك بعض قياديي “التيار الوطني الحر” بـ”سلوك بعض القوى الشيعية في العراق”، “بينما يتمايز شيعة لبنان في إدارة شؤونهم بحكمة وحنكة”.
ورأى المصدر انّ “التيار” لو يحترم المعايير المتوافق عليها في توزيع الحقائب الوزارية، لأمكن صنع توازن تام في السلطة مع المكونات الاخرى، مشيراً الى “انّ تفاهم معراب نجح خلال فترته الذهبية القصيرة في تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية على ارض الواقع، من دون الحاجة الى تعديل النص، “الّا انّ المؤسف هو انّ “القوات” التي تملك مقاربة استراتيجية للأمور اصطدمت لاحقاً بعقلية “الدكنجي” لدى مسؤولين محددين في “التيار”، من دون ان يعني ذلك اننا سنتخلى عن العمق الاستراتيجي للمصالحة المسيحية”.
وفي السياق، ردَّ مصدر مقرّب من رئيس حزب “القوات” على اتهام الحزب بالمطالبة بأكثر من حقه، بأنه محاولة لاخفاء الدور التعطيلي للوزير باسيل، الذي عليه ان يسهّل عملية التأليف، والا يرفع من سقف تصريحاته، لا سيما تهديده الأخير باللجوء الى الشارع.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ“الأخبار” إلى أن القوات اللبنانية تريد حقيبتين خدماتيتين أساسيتين مثل الأشغال والصحة، حتى تتخلى عن الحقيبة السيادية، خصوصاً بعد أن أقفل العهد والتيار الحر أبواب التسوية، سواء حول مقعد نائب رئيس الحكومة أو الحقيبتين السياديتين (الدفاع والخارجية) اللتين يعتبرهما التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية “حقاً غير خاضع للمساومة أو المقايضة”.
وتؤكد المصادر أن حزب الله لن يستدرج تحت أي ظرف من الظروف ومهما اشتدت الحملات وتصاعدت المواقف للقول نعم أو لا لإسناد هذه الحقيبة أو تلك إلى هذه الكتلة النيابية أو تلك، “لذلك، من الأفضل ألّا تجهد بعض القوى السياسية نفسها في هذا المجال، لأن الحزب ليس في وارد الرد على التسريبات أو التحليلات الموحى بها أو الشائعات عن نيات معينة، وهو الأكثر احتراماً للآلية الدستورية في عملية تأليف الحكومة وموقفه أبلغه إلى رئيس الجمهورية في استشارات التكليف وإلى الرئيس المكلف في مشاورات التأليف”.
(اللواء- الجمهورية- الأخبار- الحياة- النهار)