جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / بيروت “على سلاحها الديبلوماسي” و”الحرب النفسية” في أوْجها
حزب الله

بيروت “على سلاحها الديبلوماسي” و”الحرب النفسية” في أوْجها

كيف سينجو لبنان من «الاختبار بالنار» بين إسرائيل و«حزب الله» سواء انتهى بـ«صِدامٍ كبير» أو اقتصر على «الصدمات الموْضعية» بما يعيد العمل بـ«قواعد الاشتباك» التي كانت قائمة قبل التطوّر النوعي المزدوج الذي حصل بين ليل السبت وفجر الأحد، قرب دمشق بمقتل اثنيْن من كوادر «حزب الله» في الضربة الإسرائيلية الموجعة، ثم في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت عبر الإغارة بمُسَيَّرتيْن على هدفٍ غامضٍ.

ومن خلف طبول التصعيد و«الحرب النفسية» المتبادَلة على تخومِ ردِّ «لا مفرّ منه» لـ«حزب الله» وردّ فعلٍ يصعب تقديره من تل أبيب قبل تبيان «جرعة انتقام» الحزب، ترى أوساط واسعة الاطلاع في بيروت أن أضرار هذا «القطوع» الأخطر منذ أعوام لن تكون عابرةً في ضوء التماهي الكامل للموقف الرسمي اللبناني مع خيارات الحزب «والحق في الردّ» على «إعلان الحرب» الإسرائيلي، بما يجعل «الدولة» هدفاً في أي حربٍ قد تنزلق إليها المواجهةُ الحالية، أو أقلّه يسبّب متاعب لبيروت مع المجتمع الدولي، وهو ما يُنْذِر بإفقاد البلاد «المؤازرةَ» الدولية لمسار النهوض من واقع مالي – اقتصادي بات في ذاته «قنبلةً موقوتة».
وعلى وقع «شدّ الأحزمة» في لبنان و«استنفاره الديبلوماسي» في محاولةٍ لضمان حصول تفاهماتٍ دولية تمنع تكرار «الخرق الإسرائيلي للقرار 1701 والسيادة اللبنانية» وتقطع الطريق على ما يهدد «بتصعيد خطير للوضع في المنطقة»، تتقاطع كل المعطيات عند أن الموقف الرسمي الذي عبّر عنه خصوصاً الرئيس ميشال عون بتغطيته «حقّ الرد»، في موازاة «انضباطٍ داخلي» تحت هذا السقف بما ظهّر احتضاناً «ثميناً» لـ«حزب الله» وخياراته، لن يكون كافياً للحؤول دون توجيه الحزب «ضربته الرادعة» الرامية إلى منْع إكمال إسرائيل حلقة توحيد «الجبهات بالاستهداف»، من سورية والعراق إلى لبنان الذي كان منذ 2006 محكوماً بـ«حرب باردة» بين الحزب وتل أبيب.
ولعل أبرز مؤشر إلى اكتمال عناصر «التمهيد» لردّ «حزب الله»، الذي كان فَتَحَ الخيارات «من السماء إلى البرّ» معلناً بدء مرحلة «إسقاط المسيّرات» ومتوعداً الجيش الإسرائيلي على الحدود «قف على الحائط على إجر ونص وانتظِرنا»، تَمَثّل في بيان صدر ليل الاثنين عن «المقاومة الإسلامية» وتوجه فيه «حزب الله» إلى «اللبنانيين والرأي العام وأهالي الضاحية الجنوبية الشرفاء» واضعاً أمامهم «المعطيات الجديدة والثابتة» التي حدّدها كالآتي: «بعد قيام الخبراء المختصين في المقاومة الإسلامية بتفكيك الطائرة المسيّرة الأولى التي سقطت في ‏الضاحية تبيّن أنها تحتوي على عبوة مغلفة ومعزولة بطريقة فنية شديدة الإحكام وأن المواد ‏المتفجّرة هي من نوع ‏C4‎‏ وزنة العبوة 5.5 كيلوغرام». ‏
وتابع البيان: «بناءً على هذه المعطيات فإننا نؤكد أن هدفَ ‏الطائرة المسيّرة الأولى لم يكن الاستطلاع وإنما كانت تهدف إلى تنفيذ عملية تفجير تماماً كما حصل مع ‏الطائرة المسيَّرة الثانية، وبالتالي نؤكد أن الضاحية كانت تعرضت ليل السبت – الأحد لهجوم من طائرتين ‏مسيّرتين مفخخّتين، تعطلت الأولى فيما انفجرت الثانية».
وفيما اعتُبرت «مخاطبة» الحزب، الرأي العام اللبناني بمثابة إكمال أرضية التحضير للردّ من موقع «المعتدى عليه» بعدما «ضَمَن» الموقف الرسمي، قال مصدران مقربان من «حزب الله» لـ «رويترز»، ان الحزب يجهز «لضربة مدروسة».
وأضاف أحد المصدرين: «يتم الترتيب الآن لرد فعل مدروس بحيث لا يؤدي ذلك إلى حرب، لا يريدها حزب الله ولا اسرائيل».
وتابع: «ولكن كيف تتدحرج الأمور، هذا موضوع ثان، فالحروب لا تكون دائماً نتيجة قرارات منطقية».
وفي طهران، أكد المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان، أن اعتداء تل أبيب على الضاحية الجنوبية، «خطأ فادح» في حسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محذراً من أن «رد (حزب الله) سيكون صاعقاً ومدمراً».
وكتب في تغريدة أمس: «من دون شك، سيدفع الكيان الصهيوني ثمناً غالياً على اعتدائه على كل من لبنان والعراق وسورية»، بحسب ما ذكرت «وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء» (إرنا)، معتبراً أن «المعادلة ستتغير وأن استقرار الأمن في المنطقة هو خط أحمر». في المقابل، مضتْ إسرائيل في محاولة إرساء «توازن رعب» بإزاء أي عملٍ عسكري ضدّها متوعّدة بردّ «ضدّ دولة لبنان كلها»، متكئةً على دعم أميركي لـ«حقها في الدفاع عن نفسها من التهديدات ‏الوشيكة»، وصولاً إلى نتنياهو أمس من الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «أن يهدأ وهو يعلم جيداً أن إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها وتردّ أعداءها»، متوجّهاً إلى الحزب ولبنان وزعماء إيران «انتبِهوا لما تقولون وراقبوا أفعالكم».
وفي موازاة ربْط دوائر سياسية خلفيات «الهبّة الساخنة» بين «حزب الله» وإسرائيل وآفاقها بالمساعي الفرنسية لفتْح كوة في علاقة واشنطن وطهران وبحث الملفات الخلافية الكبرى، شكّكت أوساطٌ أخرى عبر «الراي» في إمكان نجاح باريس في تحقيق أي اختراق يُعتدّ به وينعكس على «الجبهة اللبنانية» وهو ما أعطى إشارة معبّرة في اتجاهه «إطلاق النار» المبكّر من الحرس الثوري الإيراني على وزير الخارجية محمد جواد ظريف، بما يجعل «اللعب بالنار» على خط «حزب الله» – تل أبيب محكوماً برغبة كل منهما بتثبيتِ قواعد «ربْط نزاع» جديدة من دون تفجير حربٍ لا يريدها أحدٌ.
وإذ كان الجيش الإسرائيلي متأهّباً على الحدود وسط استمرار الطائرات المسيَّرة بالتحليق فوق عدد كبير من المناطق مع التداوُل بمناشير عبر مواقع التواصل باسم «دولة إسرائيل» تتوعّد لبنان وتحرّض على «حزب الله» (ذكرت «النهار» أنه تبيّن أنها تعود إلى العام 2006)، لم تهدأ «ديبلوماسية الهاتف» اللبنانية ولا الاجتماعات المواكِبة للمرحلة الدقيقة.
وفي هذا الإطار، وغداة لقائه سفراء وممثلي الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أجرى رئيس الحكومة سعد الحريري اتصالاً بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغه خلاله أن «الاعتداء الإسرائيلي عمل خطير واعتداء على السيادة اللبنانية وخرق للقرار 1701»، موضحاً ان «لبنان يعوّل على الدور الروسي في تفادي الانزلاق نحو مزيد من التصعيد والتوتر، وتوجيه رسائل واضحة لإسرائيل بوجوب التوقف عن خرق السيادة اللبنانية».
وجاء هذا الاتصال قبل مشاركة الحريري في الاجتماع الاستثنائي للمجلس الأعلى للدفاع في القصر الجمهوري، وذلك بعدما كان ترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء استهلّه معتبراً «ما فعلتْه إسرائيل عدواناً وخرقا للسيادة اللبنانية» ومتحدثاً عن اتصالات تجري لردْع إسرائيل، مع تأكيد أن الحكومة ستتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن. ‭‬

الراي