بيان السفارة الأميركية حول رفض الاستغلال السياسي لحادثة قبرشمون، نقل الأزمة السياسية الراهنة إلى مكان آخر، بعدما ساهم مسلسل التصعيد من الأطراف المحلية، إلى إدخال البلاد في نفق طويل، لا يظهر في آخره بصيص نور يُبشر بقرب الخروج منه في الأسابيع المقبلة.
البيان الأميركي ليس الأول من نوعه، وطبعاً لن يكون الأخير، لأنه درجت العادة في الديبلوماسية الأميركية على إصدار مثل هذه البيانات التي تتضمن وجهة النظر الأميركية من الأحداث الجارية، ليس في لبنان وحسب، بل وفي كثير من دول العالم، بما فيها روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا. والقراءة بين سطور البيان تُظهر تحذيراً مبطناً من انحياز السلطة الفاضح إلى جانب فريق ٨ آذار، من خلال الإصرار على إحالة هذه الحادثة إلى المجلس العدلي، دون انتظار نتائج التحقيق.
وجاء هذا البيان بعد الكلام الخطير المنسوب إلى الرئيس ميشال عون من أن الكمين في قبرشمون كان يستهدف الوزير جبران باسيل لا زميله صالح الغريب، الأمر الذي دفع بالأزمة إلى درجات قصوى من التصعيد، نظراً لخطورة مثل هذا الكلام على المصالحة التاريخية بين المسيحيين والدروز في الجبل.
ولم يعد خافياً أن الرئيس نبيه بري أوقف محركاته، وجمّد اتصالاته مع الأطراف المعنية لتحقيق المصالحة بين وليد جنبلاط وطلال إرسلان في قصر بعبدا، بعدما ذهب الرئيس عون بعيداً في خلط الأوراق، ووضع المشكلة على سكة أكثر تعقيداً وأشد خطورة.
يمكن القول أن بيان السفارة الأميركية وضع حداً لكل محاولات استفراد الزعامة الجنبلاطية من قبل التيار الوطني وحلفائه، ووجّه رسالة واضحة لمن يعنيه الأمر في الداخل والخارج، بأن وليد جنبلاط ليس وحده في هذه المواجهة، وأن محاولات محاصرة الزعامة الجنبلاطية وضربها لن تنجح!