ذكر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي، في حديث عبر إذاعة “لبنان الحر”، بأن “القوات اللبنانية أطلقت صفارة الإنذار منذ الحكومة الماضية بعدم وضع موازنة “دفتر حسابات”، أما الخطأ الأكبر فيكون إن إنجزنا موازنة صورية تفقد البلد مصداقيته”. واعتبر أن “انفراط عقد الحكومة يدخلنا في المجهول”.
وعن استقالة “القوات” من مجلس الوزراء، قال: “غير مطروحة ولكن في اللحظة التي نرى ان الحكومة تذهب كليا عكس اتجاهاتنا وقناعاتنا فيصبح ذلك واردا”.
وكرر ان “موقف “القوات” واضح من حادثة قبرشمون، بحيث يجب ان تكون بيد القضاء الذي يقرر بدوره إما احالتها على المجلس العدلي او لا”. وشدد على ان “الاصرار على إحالة ملف قبرشمون على المجلس العدلي انتحار”، وأمل في “الخروج من التوتر بأسرع وقت لأنه لا يجلب سوى التعطيل، ونحن لا نحتمل ذلك، فهل من مصلحة البلد والناس تعطيل العمل الحكومي؟”
وقال: “لا أحد قال للوزير جبران باسيل لا تتنقل وتقوم بجولات، ولكن هناك مسؤولية على الرجل السياسي، وباسيل اخذ خيار الاستفزاز واستمر به في جولته في طرابلس عندما قال لست انا من قتل الرئيس رشيد كرامي. عندما تستفز الآخر عليك ان تتقبل انه سيستفز. مشكلة باسيل هي بعودته إلى الماضي وهذا يعني انه يقوم بسياسة الهروب من حاضره”.
واكد ان “القوات اللبنانية لن تعلن دفن اتفاق معراب اليوم ولا في أي يوم، واذا أراد الطرف الآخر التنصل منه فهذه مشكلته”. وشدد على ان “القوات رأس حربة بتثبيت سيادة لبنان واستقراره وازدهاره ولا تراجع عن موضوع السيادة”.
وعن التلميح الى تسامحها مع سلاح “حزب الله”، قال: “موقفنا واضح. السيادة تكون كاملة او لا تكون، ولكن ليس من الضروري ان نصرح يوميا عن ذلك. المهم ان نحقق السيادة وتكون الدولة مرجعية الأمن والممتلكة الوحيدة للسلاح. المطلوب وعي لدى الطبقة الساسية لتحييد لبنان عن العاصفة الاقليمية. لا قرار بالحرب والعقوبات لم تسقط أنظمة يوما”.
وقال: “خطأ كبير القيام بزيادات ضريبية ما دام القارب مثقوب والهدر القائم. “القوات اللبنانية” اطلقت صفارة الإنذار منذ الحكومة الماضية بعدم وضع موازنة “دفتر حسابات”، فالمال العام ليس مال الخزينة انما هو تعب الناس، لذلك الأهم مصلحة الناس، وتحفظنا في الحكومة على مشروع الموازنة لأنه لم يتم الأخذ بالاقتراحات الإصلاحية التي تقدم بها وزراء “القوات”. منذ سنوات وآلية الموازنة مهترئة، لذا لا نستطيع السير بالطريقة نفسها التي كانت معتمدة بالموازنات السابقة. فلا دولة في العالم تشبه لبنان بأدائها السياسي العام والمالي”.
وعن زيارة وفد قواتي لرئيس الحكومة سعد الحريري وبحث الملف المالي والاقتصادي والموازنة معه، قال: “نحن في علاقة تعاون مع الرئيس الحريري. عرضنا عليه نظرتنا المتكاملة للموازنة ووقف الهدر من المال العام ووقف نزف مالية الدولة والإصلاحات المطلوبة، ونتمنى ان يكون هناك تعاون دائم معه”.
وردا على سؤال، قال: “همي الأساسي ليس المانحين او “سيدر” او هيئات التصنيف بل اقتصاد البلد ومالية الدولة، وواقع الناس. والخطأ الأكبر يكون ان انجزنا موازنة صورية فقط، فهذا يفقدنا صدقيتنا. خطأ كبير القيام بزيادات ضريبية ما دام القارب مثقوب والهدر قائم لأننا نحكم على البلد بالاعدام”.
انهيار الحكومة والبلد
وأشار الى ان “الجميع يعرف ان لدى “القوات” ملاحظات على التركيبة الحكومية لكننا لا نستطيع العيش بلا مؤسسات وخصوصا اننا نعيش فراغا عند كل استحقاق”، وطالب الحكومة بأداء سياسي واجتماعي وسيادي يحسن الاقتصاد ويقلل من الهدر والفساد”. وقال: “من يهول بالاستقالة وبأمور معينة لا يعني ان هذا مشروعه، بل هو يقوم بذلك للحصول على اهداف أخرى، فليس من مصلحة أحد استقالة الحكومة او التهويل باستقالتها لان انفراط عقدها يدخلنا في المجهول، وبانهيارها ينهار البلد وتتبخر المساعدات والمنح المالية. كلنا على متن القارب عينه وأي ضرر سيؤدي الى غرقنا جميعا. فريق “8 آذار” يعطل عقد الجلسات من خلال وضع شرط عدم مشاركته في الجلسة الا اذا تم التصويت على المجلس العدلي، والرئيس سعد الحريري لن يدعو لجلسة قد تؤدي الى اشتباك داخل الحكومة وأتفهم موقفه”.
حادثة قبرشمون
وعن أحداث الجبل الاخيرة، قال: “من حق الجميع ان يجول في المناطق ويطرح وجهة نظره عن الملفات، ولكن المؤسف ما حدث في قبرشمون بحد ذاته وكيف توتر الوضع وبتنا في مشكلة سياسية وتوقف عمل الحكومة في ظل هذا الوضع الاقتصادي الدقيق. نأمل بالخروج من التوتر بأسرع وقت لأنه لا يجلب سوى التعطيل ونحن لا نحتمل ذلك. فهل من مصلحة البلد والناس تعطيل العمل الحكومي؟”
وعن التصويت في مجلس الوزارء لبت مسألة احالة الملف على المجلس العدلي، اجاب: “كنت وزيرا في الحكومة الماضية لسنتين ولم نذهب ولا مرة نحو التصويت لان الأمور تؤخذ بالتوافق داخل الحكومة وخصوصا ان التركيبة الحالية لا تحتمل منطق الغالب والمغلوب، لذلك أستبعد التصويت على موضوع المجلس العدلي”.
وردا على سؤال، اجاب بو عاصي: “الإيجابي في الجولات التي يقوم بها وفدا الاشتراكي والديموقراطي ان هناك اتكالا على القرار الداخلي، فالاستقواء بالخارج امر مرفوض. لكن يجب ان ننظر الى اهداف التحرك ولماذا عدم حل القضية حتى الآن، فهل فعلا التحرك هو لوضع ما جرى في اطار قانوني – قضائي ام يهدف الى تعلية السقوف للوصول الى مكاسب سياسية؟ لا اريد ان احكم على النوايا”.
وعما يحكى عن مخطط لضرب النائب السابق وليد جنبلاط وتكرار سيناريو ما جرى مع “القوات” في العام 1994 مع “الاشتراكي” في العام 2019، اجاب: “قضية قبرشمون حصلت في ظل جو سياسي محتقن وتوتر، والظرف الذي نشأت به ليس مفبركا بل نتج من مجموعة عوامل لا يمكن السيطرة عليها، بدأت بالاحتقان ثم مرور الموكب وانتشار شعبي ومسلح. مقارنتها بتفجير سيدة النجاة لا تجوز لأن المكونات مختلفة، والحل الوحيد الذهاب الى القضاء والاجهزة الامنية. لم ننس الماضي ولن ننساه ولكن نحن لا نعيش فيه، ولا إمكانية بتوريط جنبلاط كما حدث مع الدكتور جعجع لأن الظروف تختلف عن الماضي. كنا في أيام الوصاية السورية آنذاك. ثمة حديث عن ان هناك نية لكسر جنبلاط. أقول ان في كل لحظة هناك نية لكسر أي زعيم، لكن جنبلاط يصعب كسره فلديه حضور كبير في منطقته. واذا بقيت الأمور كما هي بالاصرار على إحالة الملف على المجلس العدلي فهذا انتحار”.
وعما جرى خلال زيارة وفد من “التقدمي” الى معراب، قال: “التواصل دائم مع الاشتراكي، وأبدى الوفد النية والاستعداد لإعادة عمل المؤسسات والحكومة، وموقفنا من حادثة قبرشمون واضح. هناك قضاء في البلد، وحادثة قبرشمون يجب أن تكون بيد القضاء الذي يقرر بدوره اما احالتها على المجلس العدلي او لا. يجب ان نترك القضاء يقوم بعمله، ولا اقبل كمواطن ووزير سابق ونائب حالي بأن تكون هناك تدخلات سياسية في القضاء وخصوصا في هذه الظروف. على الجميع تسليم المطلوبين، فعدم تسليمهم للعدالة يخرجنا من منطق الدولة”.
وعن اتهام النائب طلال ارسلان فرع مخابرات الجيش في الجبل بأنه تابع لجنبلاط، علق: “مؤسسة الجيش ليست المؤسسة الوحيدة في لبنان. القوى الأمنية تلعب دورين، الأول حماية البلاد والحدود والثاني هو صلة الوصل بين مكونات المجتمع وبالتالي لا يمكن التعامل بخفة مع مؤسساتنا الأمنية ولا سيما الجيش. اتهام جهاز أمني داخل الجيش بأنه تابع لاحد السياسيين والمطالبة بتفكيكه امر لا يجوز، واذا كان هناك اثباتات، يجب ان تقدم لمجلس الوزراء ليدرسها ويتم ضبط الإيقاع في حال أي تجاوز وليس عبر الاعلام”.
ولفت الى ان “القوات تحترم الصحافة وحرية التعبير ولكن بعض الصحف تتكلم وفقا للتمويل الذي تحصل عليه عبر تفاصيل خاطئة ومغلوطة”.
باسيل
وردا على سؤال، قال: “لا أحد قال للوزير باسيل لا تتنقل وتقوم بجولات، والسؤال الذي يطرح هو لماذا وقعت الاحداث في الجبل وهل باسيل يتعمد الاستفزاز؟ أقول نعم. هناك مسؤولية عند الرجل السياسي، وباسيل اخذ خيار الاستفزاز واستمر به في جولته في طرابلس عندما قال لست انا من قتل الرئيس رشيد كرامي. عندما تستفز الآخر عليك ان تتقبل انه سيستفز. هذه الاستفزازات رخيصة ولا تدل إلى ان قائلها يتمتع بصفة رجل دولة. ليس كل من يدور في فلك “التيار” راض على التوتر الحاصل والناتج من استفزازات باسيل”.
وكرر ان “يد “القوات اللبنانية” ممدودة لجميع الأطراف السياسيين، ليس لاجلنا بل لاجل الناس”.
وعما قيل عن استياء الرئيس العماد ميشال عون من تصرفات “القوات” خلال جولة باسيل في بشري، قال: “لا اعرف اذا كان هذا الكلام دقيقا ام لا. انا لا اقبل بفكرة ان رئيس الجمهورية الذي يعد ضامنا للمؤسسات يتحدث بهذه الطريقة ويدخل بالزواريب السياسية، فهو يجب ان يكون حريصا على اقتصاد البلد وأمنه وفوق التدخلات السياسية. سنستمر باعتماد سياسة الفصل بين رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” لأن موقع الشخص ليس ملكه”.
معراب وباسيل
وأكد بو عاصي ان “القوات اللبنانية لن تعلن دفن اتفاق معراب اليوم ولا في أي يوم، واذا أراد الطرف الاخر التنصل منه فهذه مشكلته”. وقال: “المصالحة واقعية وأوصلت العماد عون إلى سدة الرئاسة لإنقاذ رئاسة الجمهورية وهو جزء مترابط مع بنود ومنظومة من خلال اعلان النوايا وقع عليها الوزير باسيل والدكتور سمير جعجع. رأينا التفاعل الإيجابي للناس مع مصالحة معراب باستثناء الوزير باسيل. أداؤه كان واضحا ولم يلتزم النص ولا توقيعه، وهو اليوم من وضع فاصل لهذه المصالحة ومنع تقدمها ولا نعرف السبب. فهل هكذا تتم تقوية المسيحيين؟”
وشدد على ان “رجل الدولة لا يقاتل جميع الناس ولا يتكل على سلاح “حزب الله” ظنا منه ان هذا السلاح سيأتي به رئيسا. مشكلة جبران باسيل بعودته إلى الماضي، وهذا يعني انه يقوم بسياسة الهروب من حاضره للتغطية”.
وعن الخلاف مع “الكتائب”، قال: “حجم “القوات اللبنانية” النيابي والوزاري يجعلها هدفا للجميع، لكن لا افهم كيف ان الشيخ سامي يفتح جروح الماضي ويتهم القوات بالاستسلام”.
تحييد لبنان
واعتبر أن “كل التركيز والجهد الا يتأثر لبنان بالعاصفة الإقليمية او يدخل في قلبها”، مضيفا: “حاولنا ولا نزال، ولكن لئلا يتأثر، نحن بحاجة الى وعي كاف عند الطبقة السياسية والى وضع مصلحة الشعب قبل أي اعتبار، لحمايتها من أي مواجهة وتداعيات إقليمية مستمرة. فلا مصلحة له اذا ادخلنا لبنان في قلب العاصفة بل سنعرضه لمشاكل على المستوى السياسي والاقتصادي والاستقرار. البلد لم يعد يحتمل ذلك ونحن قادرون على تجنب الامر اذا كانت النية متوفرة”.
وردا على سؤال عما اذا كان ما يحصل مرتبط بالمواجهة الإقليمية مع ايران؟ اجاب: “هناك رأيان، الأول مرتبط بعامل نفسي يعتبر بأن هناك يدا خارجية خلف ما جرى في لبنان، واعتقد ان هناك مبالغة بذلك. الموضوع اللبناني شأن للبنانيين بشكل أساسي، ويجب عدم التفكير دائما ان هناك مؤامرات ضدنا، واحيانا هذا يعد تخليا عن مسؤولياتنا. الرأي الثاني يعتبر ان هناك ربطا إقليميا أساسيا للبنان وهو كبير جراء التأثير الايراني على أداء مكون في لبنان له وزنه على مستويات عدة وهو “حزب الله” الذي يشارك في المشاكل الإقليمية. هذا الارتباط العضوي بين “حزب الله” والنظام في ايران يضع مكونا لبنانيا أساسيا في المعادلة الإقليمية”.
وشدد على ان “الخطر الاكبر يبقى في ان يكون هناك انعكاس ما في المواجهات الإقليمية على لبنان بكامله، وان الحل الوحيد ان تكون هناك أحادية السلاح والقرار المركزي بيد الدولة اللبنانية، وهذا ما كرره رئيس حزب “القوات اللبنانية” في مؤتمره الصحافي الاخير”.
وعما اذا كان هناك محور في المنطقة انتصر على الآخر، قال: “المسألة ليست محورا اضعف او اقوى، فمحورنا الوحيد والاساسي هو المحور اللبناني الذي ننتمي اليه وهو جزء من العالم العربي والمنظومة الدولية. لذا يجب ان يكون هاجسنا الشعب اللبناني على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. هذا ما سيربحنا ويساهم في ان نحضر لمستقبل افضل لشعبنا. اما المعارك الاقليمية الدائرة وزج لبنان فيها، فلا تنتج أي شيء ايجابي لمستقبل البلاد”.
واعتبر أن “لا قرار بالحرب وهناك فرق بين الحرب والضربة، فالحرب تستلزم قوى بحرية وجوية وبرية وهذا غير متوفر حاليا. كنا نتحدث عن سيناريو ضربة وما ظهر لا يدل إلى ذلك أيضا”.
وتوقف بو عاصي عند الاقتصاد الإيراني خاتما: “الاقتصاد الايراني يعاني اليوم، فالناتج المحلي على عدد السكان في ايران 3000 دولار في وقت في لبنان مثلا 15000 دولار. بالتالي الأكيد هناك ازمة ولكن ايران تتبع نظاما ايديولوجيا لا هدف اقتصاديا له. العقوبات لم تسقط أنظمة يوما ولا ارتباط للبنان بالضغط الأميركي الاقتصادي على ايران، وأستبعد استعمال ايران للورقة اللبنانية بواسطة “حزب الله” لأنه بات قيما وثمينا بالنسبة إلى النظام في طهران”.