رفض وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي “ربط الفقر في لبنان بالنزوح السوري فقط”، لكنه شدد على “الاثر السلبي لهذا النزوح على الاقتصاد ما زاد من نسبة الفقر”. واشار الى ان “الفقر لا ينتقص من القيمة الانسانية للفرد”، مؤكدا ان “القرار السياسي اتخذته الدولة بضرورة تحمل المسؤولية والوقوف الى جانب الانسان الضعيف من هنا اقيم برنامج “استهداف الاسر الاكثر فقرا” بدعم مع البنك الدولي وبرنامج التغدية الدولي والمانحين”.
كلام الوزير بو عاصي جاء خلال لقاء طويل عقده مع ممثلي الدول المانحة للبحث في تعزيز دعم مشروع “استهداف الاسر الاكثر فقرا” التابع للوزارة، في فندق smallville – بدارو، وحضره سفير فنلندا ماتي لاسيلا، سفير النمسا ماريان ويربا، القائم بالأعمال الفرنسي ارنو بيشو وممثلون للسفارات السويسرية، الألمانية، والبريطانية، والوكالة الفرنسية للتنمية ووكالات الأمم المتحدة.
وتوقف بو عاصي عند المشروع الجديد الذي “تسعى الوزارة الى تنفيذه بالتعاون مع شركائها وهو مشروع “التخريج”، واضاف: “غير كاف ان تؤمن الوزارة فقط الغذاء والتعليم والطبابة، بل من الضروري مساعدة الفقير للخروج من حالته، لذا نعمل لتطبيق هذا المشروع على رغم انه يستلزم تحضيرا كبيرا، ولكن سنبدأ بتنفيذه بتواضع وتصميم كبير، سنقوم بدرس سوق العمل لنجري بعدها دورات تدريبية الاشخاص الاكثر فقرا والمساعدة على ايجاد عمل”، آملا ان “تكون خطوة تخرجهم من الفقر بقدراتهم الذاتية”.
ولفت الى ان “الوزارة اعادت التدقيق بالاف الاستمارات لمعرفة مدى صحتها، فبقي من 50000 استمارة 20000 فقط لان امكانيات الوزارة والدول المانحة محدودة وتسعى لمساعدة الاكثر فقرا فقط”.
وجدد شكر الدول المانحة والشركاء، طالبا منهم “نقل مقاربة الوزارة بكل شفافية وصدق لحكومات بلادهم”، شارحا الطلب الآتي: “ان بطاقة التغذية التي وزعت للمواطن الفقير تتضمن 27 دولارا للاكل فقط، وهي وزعت لـ10000 عائلة بلغت كلفتها نحو 19 مليون دولار، طموحنا للسنة المقبلة مساعدة 15000 عائلة مؤلفة من 6 اشخاص. لذا، نحن في حاجة الى 30 مليون دولار سنويا”. وركز على ان “التمويل لن يذهب للحكومة اللبنانية ولا للوزارة بل لبرنالمج التغذية العالمي الذي يتولى مهمة ادارة الاكل وتوزيع البطاقات وفق اللوائح الصادرة عن الوزارة”.
واعتبر ان “موضوع الفقر شائك اذ يشكل وجعا انسانيا للمجتمع الذي تعيش فئة كبيرة منه بطريقة غير لائقة”، مشيرا الى ان “بعضهم حاول الايحاء ان الفقر ولا سيما الفقر المدقع امر غير موجود في لبنان، ولكن للاسف هو موجود كما في معظم دول العالم ويتطور بطريقة تنعكس على المستوى الانساني والفردي وعلى مستوى الجماعة”.
وتحدث عن “اسباب الفقر المتعددة التي اثر عليها بشكل اساسي النزوح الداخلي، كما حصل في الستينات والسبعينات عندما انتهت فترة الازدهار وتحولت ضواحي المدن، التي استقبلت النازحين، الى احزمة بؤس والمناطق الزراعية الى مناطق فقيرة ومعدومة بسبب نقص الموارد البشرية”. وشرح “تأثير الحرب اللبنانية والاحتلال السوري على التطور الاقتصادي والمجموعات الاقتصادية الضعيفة التي تحولت الى مجموعات فقيرة”.
وتوقف عند “تأثير النزوح الذي زاد من نسبة الفقر”، رافضا “ربط الفقر في لبنان بالنزوح السوري فقط”، واضاف: “لن اوحي ان الفقر مربتط بالنزوح، ولكنه اثر سلبا على الاقتصاد وزاد من نسبة الفقر، اذ دخل مجموعة الاكثر فقرا حوالى 170 الف شخص ويعود ذلك الى المجموعات السورية الفقيرة التي استقرت في مناطق فقيرة في لبنان وشكلت منافسة في سوق العمل فارتفعت البطالة. واضيف الى ذلك انقطاع الطريق للتصدير من لبنان وسوريا نحو دول الخليج مما ادى الى تراجع التطور الاقتصادي الى جانب انحدار النمو الاقتصادي من نقاط الى نحو النقطة فقط”.
وعدد ما يوفره المشروع للعائلات، “فهو يهتم بالغذاء لانه الامر الاساسي والاولي فمن لا يستطيع ان يأكل معرض لانواع الأخطار كافة: الصحية والنفسية والأخطار الاجتماعية والاتجار بالبشر والانزلاق نحو الجريمة المنظمة والارهاب”. وتحدث عن “دوره في توفير الطبابة المجانية على حساب وزارتي الصحة والشؤون لتوفير الاستشفاء للاسر الاكثر فقرا، والتعليم المجاني للاطفال ما يساهم في الخروج من منظومة الفقر والاندماج في المجتمع”.
وعبر عن “فخره بالعمل الجدي”، واشار الى انه “نجح في ابعاد التسييس عنه فدخل الى البرنامج من هو من الاكثر فقرا في لبنان”، مؤكدا “التعاون مع رئاسة الحكومة التي تتلقى الاستمارات للاسر الاكثر فقرا، لادخالها بشكل علمي بعيدا عن الاستنسابية”.
البنك الدولي
بدوره، رأى مدير الحماية الإجتماعية في البنك الدولي ميكايل روتكوفسكي ان “المشروع الوطني للحد من الفقر واستهداف الأسر الأكثر فقرا هو برنامج ناجح بكل ما للكلمة من معنى”. واثنى على “سياسة وزارة الشؤون الإجتماعية التي تركز على مكافحة الفقر”، وقال: “لانهاء الفقر والحماية الإجتماعية، فإن اهم الوسائل التي نحن في حاجة اليها هي ايجاد فرص عمل وبناء الثقة بين المواطنين وتعزيز الإدماج الإجتماعي وايجاد شبكة امان”.
واضاف: “لقد تم اطلاق هذا المشروع عام 2011 مع الوزارة وتغير الأمر مع بدء الأزمة السورية، مما تطلب تعزيزه اكثر. وقد تقدمنا بتمويل جديد قدره 2,8 مليون دولار اضافة الى برنامج التعويضات لتقديم الخدمات الإجتماعية”.
واعتبر ان “قسيمة شراء الغذاء هي خطوة جيدة، ولكن المطلوب ايجاد فرص عمل للناس وتمكنيهم بتعليمهم مهنة، كما ان شبكة الحماية الإجتماعية مشروع مهم ايضا، وان شبكة بياناتنا مهمة جدا. وزارة الصحة اعتمدت على بياناتنا ايضا لدعم الأسر في المجال الصحي، وهذه قيمة مضافة لفاعلية عملنا”.
برنامج الأغذية العالمي
المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي دومينيك هنريك أعلن ان الوزير بو عاصي “وصف بشكل واضح المساعدة التي تقدم الى الأشخاص الأكثر فقرا”، وقال: “منذ العام 2014، تساعد الوزارة في تحقيق العدالة الإجتماعية بكل ما للكلمة من معنى، وتستهدف الناس الأكثر فقرا، فلم يكن في إمكان 20 بالمئة من المواطنين ان يحصلوا على الغذاء اللائق، فساعدنا 10 الاف شخص لبناني باستخدام ادات من النموذج الذي قدمناه وهي البطاقة الإئتمانية ويمكن الأشخاص ان يحصلوا من خلالها على الغذاء ويمكن حاملي البطاقة الشراء من 500 متجر ومجمل الأغذية التي يتم شراؤها هي منتجات لبنانية، وهذا كله يساعد في الخروج من الفقر ومساعدة الإقتصاد اللبناني، ويعمل البنك الدولي ووزارة الشؤون لتقديم هذه المساعدة، ونحن في حاجة الى الى تطوير هذا المشروع وتحسينه، ونريد ان نمدده ونجعله اكثر جودة”.
السفارة الألمانية
رئيسة قسم التعاون في السفارة الألمانية ستيفي تشاف أعلنت ان “المانيا تهدف الى مساعدة اللبنانيين وتقديم الفرص لكل الفقراء في لبنان للخروج من حال الفقر من طرق تقديم الدعم وتحمل المسؤوليات المشتركة. وقد قدمت المانيا نحو 15 مليون دولار بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي لمكافحة الفقر واعطت البطاقة الإلكترونية فرصة للأشخاص للذهاب الى المتاجر واختيار الطعام الذي يريدون، وهذا تقدم ملحوظ يهدف الى دعم الإقتصاد اللبناني والمتاجر اللبنانية”. واعتبرت “هذا البرنامج احد الأدوات الأساسية في شبكات الضمان الإجتماعي”، وذكرت بأن “هدف كل شبكة امان اجتماعية هي ان تخرج الأشخاص من حال الفقر”.