إنطلاقاً من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لـ3 بلدان شرق-أوسطية “أساسية” في يوم واحد، حيث التقى نظراءه السوري بشار الأسد والمصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، أكّد موقع “ستراتفور” الأميركي أنّ نفوذ روسيا يتسع في المنطقة، رابطاً بينه وبين الفراغ الذي خلّفته استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية، الساعية إلى خفض مستوى التزاماتها الإقليمية والتركيز على مسائل أخرى، مثل الالتفات إلى آسيا بدلاً من الشرق الأوسط المشتعل.
وشرح الموقع بأنّ نفوذ روسيا الديبلوماسي في الشرق الأوسط يتباين بشكل ملحوظ بين بلد وآخر، مشيراً إلى نشاطها في الأراضي الفلسطينية وليبيا وإسرائيل ولبنان وقطر والإمارات والسعودية يذكّر بطريقة أو بأخرى بوجود الاتحاد السوفييتي الواسع النطاق في المنطقة آنذاك.
في سوريا، رأى الموقع أنّ ابتعاد الولايات المتحدة عن النزاع الدائر فيها بشكل شبه تام أثّر في قدرتها على الضغط من أجل التوصل إلى حلّ سياسي يخدم مصالحها، وذلك تزامناً مع سعي روسيا إلى جمع تركيا وإيران والحكومة السورية إلى طاولة واحدة للتوصل إلى حلّ سياسي.
في هذا الإطار، تطرّق الموقع إلى العلاقات الروسية-التركية الدافئة والمتقلّبة والعلاقات الأميركية-التركية الباردة، معتبراً أنّ موسكو جعلت من نفسها عنصراً يضطلع بأهمية أكبر بالنسبة إلى أنقرة الطامحة في عدم حصول الأكراد السوريين على دويلة بمحاذاة حدودها.
واستناداً إلى طبيعة العلاقة الوثيقة بين موسكو ودمشق المتجلية باللقاءات وجهاً-لوجه العديدة التي جمعت بوتين بالأسد في الأشهر الأخيرة، طرح الموقع احتمال اتجاه روسيا إلى منح تركيا ما تحتاج إليه من النزاع السوري.
عن مصر، رأى الموقع أنّ كفة روسيا عادت لتترجح فيها، لافتاً إلى أنّهما اتفقا على بناء مفاعل نووي روسي في مصر، وما زالا يناقشان مسألة استئناف الرحلات الجوية بينهما، ومذكّراً بالاتفاق الذي يتيح لموسكو، إذا ما أبصر النور، استخدام القواعد العسكرية في مصر.
في المقابل، رأى الموقع أنّ نفوذ روسيا المتنامي ونشاطها الديبلوماسي لا يدلان على قدرتها على تحقيق ما تريده في الشرق الأوسط، متحدّثاً عن تاريخها في استخدام القوة الناعمة لتحقيق غاياتها بشكل كامل في المنطقة وعن تفوّق الولايات المتحدة العسكري والديبلوماسي.
في هذا السياق، تناول الموقع “الحدود” التي ستصطدم بها روسيا أثناء سعيها إلى تعزيز وجودها في الشرق الأوسط، متوقّعاً عرقلة عملية السلام السورية، ومعتبراً أنّ بوتين يستخدم نجاحات بلاده في سوريا للترويج لدور موسكو العالمي وتعزيز صورتها في أعقاب فضيحة المنشطات التي انكشفت خلال الألعاب الأولمبية الشتوية.
الموقع الذي حذّر من تقلّب العلاقات بين روسيا مع إيران ومصر وتركيا، سلّط الضوء على سعي موسكو إلى توطيد علاقاتها الاقتصادية مع هذه البلدان لتقليل هذه المخاطر.
بالعودة إلى علاقة روسيا بالشرق الأوسط، خلص الموقع إلى القول: “بالنسبة إلى بلدان الشرق الأوسط، تسعى روسيا إلى تصوير نفسها على أنّها وسيط خيري، بل قوة عظمى لا تتدخل في شوؤون البدان الداخلية ولكن تتمتع بالقدرة على توفير مساعدة ديبلوماسية واقتصادية وأمنية”.
(“لبنان 24” – Stratfor)