خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
كما هو “بوب” (الإسم الحركي ما بعد الشيوعيّة لناشر جريدة “الأخبار” ابراهيم الأمين) كذلك هي الأخبار والمواضيع التي تتطرّق إليها الصحيفة اليومية الناطقة باسم حزب الله والمقاومة الإسلامية.فالخبر، لا يهمّ مدى صدقه أو كذبه، المهمّ أن يخدم الفكرة السياسية التي يريد الحزب ترويجها.وكذلك التحليل، فإنّ عناصره تقود وعي القارئ الى ما ترتأيه سياسة الحزب في لبنان أو في محور الممانعة أو في دول الحالم.وللأمانة، فقد نجح ابراهيم الأمين في أداء هذه الوظيفة الإعلامية – السياسية، حيث أنّ جريدته، كلّ يوم، توزّع في الوسط السياسي، باحترافيّة عالية، ما تراه مناسباً لخدمة الخطّ، تماماً كما فعل ابراهيم الأمين بقوله، ردّاً على المجازر الجارية بحقّ الأطفال على مدار الساعة، أنّ “نساء غزّة الحوامل يعوّضن الأطفال الشهداء”.
وهنا يمكن الإستنتاج بأنّ “بوب وجريدته” لا يكترثان لحجم الدمار اللاحق بغزّة، ولا لعدد الأطفال الشهداء ولو بالآلاف، فالمهمّ بالنسبة له ولفريق الممانعة أن تنتصر “الفكرة” وإن فوق شلّال من الدم، أو فوق ركام مدن بأكملها يمكن للعدو الإسرائيلي أن يمحوها عن خارطة العالم، كونه يملك ترسانة هائلة من الأسلحة التدميرية، مدعوماً بترسانة دولة هي الأقوى والأعظم في العالم!
وإذا كانت إسرائيل “عدوّاً” ما يعني عدم اكتراثها برؤوس الأطفال الذين تقع عليهم صواريخها وقنابلها، فإنّ “بوب” وهو الصديق، لا يحقّ له النطق بذلك بهذه البرودة القاتلة في الأعصاب، كما يجب عليه أن يكون حريصاً وحزيناً على أطفال غزّة.على جراحها المفتوحة.على وجع الأمّهات الثكالى اللواتي يفقدن فلذات أكبادهنّ..لا أن يستسهل المساواة بين الموت والولادة، كأنّه قدرنا في هذا الشرق الحزين!
وكما في غزّة الجريحة، كذلك في بيروت المستباحة.فجريدة “الأخبار” لا تكفّ عن نشر الأخبار شبه اليوميّة عن تفاصيل حياة ومواقف إفتراضيّة للرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، ما يضطرّ مكتبه الإعلامي دوريّاً الى النفي والتكذيب.قد تكون بعض المقالات ينطبق عليها المثل القائل “لا دخان بلا نار”، ولكن كثرتها ووتيرتها اليوميّة تكاد تقول للمريب خدوني، بمعنى أنّ هناك مقاصد معيّنة من هذا النشر المتواصل الذي يلاحق الرجل الذي ابتعد عن السياسة وعن بيروت، متابعاً أعماله الخاصة في دولة الإمارات العربية، جنباً الى جنب مع عائلته الصغيرة؟
بداية، تحدّثت الجريدة عن خلافات محتدمة بين الرئيس الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وذلك أبّان الإنتخابات التي شهدها المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وقد جاءت النتائج والتعيينات التي لحقت بها (مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام نائباً للرئيس كما درجت العادة بأن يكون من طرابلس، خلفاً للوزير السابق عمر مسقاوي..وأيضاً تثبيت المحامي محمد المراد في اللجان، وهو محسوب بالكامل على تيّار المستقبل) لتدحض كلّ ما ورد في صحيفة “الأخبار”، عدا عن قيام الأمين العام أحمد الحريري بزيارة تهنئة بالتجديد للمفتي دريان، على رأس وفد من قيادة التيار..
بعدها بدأ الحديث عن صرف كامل الموظفين العاملين في قصر الرئيس الحريري في بيروت، وأنّه في صدد بيع جميع سياراته ومحتويات القصر.وبغضّ النظر عمّا إذا كان الخبر صحيحاً، رغم نفي التيار لذلك، إلّا أنّه يفتح على سؤال:ما القصد من هذه الملاحقة الإخبارية الخاصة، علماً بأنّ الحريري قد قالها مراراً وتكراراً أنّه لا ينوي العودة الى لبنان، كما لا ينوي معاودة نشاطه السياسي بأيّ شكل من الأشكال، مكتفياً بالعمل والعلاقات الإجتماعية، ليس إلّا؟
ومنذ يومين تقريباً، زفّت الصحيفة نفسها نبأ “طرد الحريري من الإمارات” أيّ وقف شركاته وأعماله عن العمل في تلك الدولة، وهو نبأ لو كان كان يتضمّن واحداً بالمئة من الصحّة، لكان انتشر كالهشيم في جميع الوكالات ونشرات الأخبار.هكذا خبر لا يقتصر على مراسل أو إعلامي واحد.وقد سارعت مصادر الرئيس السابق الى نفي الخبر جملة وتفصيلاً، مؤكّدة أنّ الحريري متواجد في الإمارات على رأس عمله، ويتابع نشاطه كالمعتاد!
ماذا يريد “بوب” من كلامه الفاجر حول موت الأطفال..وماذا تريد جريدة “الأخبار” من كلّ هذه الأقاويل، وما المقصود من هذه الحملة الممنهجة..وهل هي تعود الى حزب الله، أو مجرّد مفرقعات إعلامية تتقصّد الدعاية والنشر؟