رعى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ممثلا برئيسة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير النائبة بهية الحريري، فعاليات مؤتمر “شباب لبنان 2020” الذي تنظمه المبادرة الوطنية للمئوية تحت عنوان “بحر لبنان لكل لبنان”، بمشاركة شباب وشابات من مختلف المناطق.
حضر الافتتاح الذي أقيم صباح اليوم في قاعة القصر البلدي في صيدا، ممثل الرئيس فؤاد السنيورة طارق بعاصيري، مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار الحبال، رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، ممثل المطران ايلي حداد الأب سليمان وهبي، ممثل المطران مارون العمار المونسنيور الياس الأسمر، مستشارة الرئيس سعد الحريري للشؤون الاقتصادية هازار كركلا، عضو الهيئة الناظمة لإدارة قطاع النفط والغاز في لبنان وسام الذهبي، منسق عام “تيار المستقبل” في الجنوب ناصر حمود، ممثل رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد فوزي حمادة، رئيس مكتب مخابرات الجيش في صيدا العميد ممدوح صعب، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف وفاعليات.
السعودي
استهل المؤتمر بالنشيد الوطني، فتقديم من نور اليمن تلاه عرض من حنين الخليلي للتجربة الشبابية في مدينة صيدا والمنتديات المتخصصة، تحدث بعده السعودي الذي توجه الى المشاركين، بالقول: “هذا المشهد يكبر القلب، هذه الاجتماعات هي التي تعطي نتيجة وتجعل بلدنا يتقدم. خارطة لبنان تقول ان مساحته 10452 كلم2 والمساحة البحرية مضاعفة، والعنوان “بحر لبنان لكل لبنان” يؤكد ان لبنان للجميع وبحره لكل لبنان”.
كما توجه الى راعي المؤتمر، قائلا: “تحية تقدير وإكبار لرعايته هذا المؤتمر ولحرصه الدائم على تحقيق مصلحة هذا الوطن. هذه هي الاجتماعات والمؤتمرات التي تعطي نتيجة وتطعم خبزا، وليس تلك التي ليس لها اول ولا آخر، ونحن نتمنى للرئيس المكلف التوفيق في انجاز التشكيلة الحكومية مثمنين حرصه الدائم على تأليف حكومة وفاق وطني، لأن الوفاق هو احوج ما نكون اليه اليوم لتحصين وطننا من كل الأخطار والتحديات في ظل الظروف الدقيقة التي نعيش، في لبنان ومن حولنا”.
أضاف: “تحية ثانية الى لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير لإختيارها مدينة صيدا لعقد مؤتمرها الشبابي هذا، والتحية موصولة بطبيعة الحال الى مؤسسة اللجنة ورئيستها، الست بهية، صاحبة المبادرات الوطنية والانسانية الرائدة والخلاقة والتي اطلقت هذه المبادرة قبل سنوات تحضيرا للمئوية الأولى للبنان الكبير، ونجحت عاما بعد عام في تحويلها الى فعاليات حيوية مستمرة واشراك مختلف القطاعات فيها، من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني وقطاعات منتجة، واليوم نراها وعلى بعد عامين من حلول هذه المئوية تتحول الى خطط وبرامج عمل هي نتاج افكار وطاقات وابداعات وأحلام شباب لبنان وشاباته، ينطلقون بها من دراسة معمقة للواقع والمشكلات الى استشراف لآفاق التنمية عبر اقتراح افكار واعدة لبلورة الحلول المناسبة وربطها بكل التحديات والاستحقاقات التي تنتظر لبنان اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا”.
وتابع: “انني اذ اعبر عن اعتزازي باستقبال هذا الحشد الكبير من شباب لبنان وشاباته الذين يتلاقون اليوم في صيدا لتبادل التجارب والأفكار واستشراف آفاق التنمية والتطور لبلدهم، وعما يبعث هذا اللقاء في نفسي من شعور بالاطمئنان الى مستقبل هذا الوطن ممثلا بشبابه، اعتز ايضا بأنه كانت لي مؤخرا وفي فترات سابقة، أكثر من تجربة عايشت فيها نماذج واعدة من شباب المدينة وشاباتها، وهم يعرضون افكارهم وما يطمحون اليه لمدينتهم ومنطقتهم ووطنهم من تنمية وازدهار. لم يكن الأمر بالنسبة اليهم مجرد طموح او تمن، بل كان جزءا من طريقة تفكيرهم واسلوب تخطيطهم لمستقبلهم، وبقدر ما كانت اوضاع البلد احيانا توقعنا بحال من اليأس والاحباط، بقدر ما كان هؤلاء الشباب ينتقلون بنا بحماسهم وابداعاتهم واحلامهم الى مساحات الأمل والرجاء والتفاؤل بمستقبل هذه المدينة وهذا الوطن. وكم انا سعيد بأنهم سيشركونكم اليوم بتلك التطلعات والأحلام التي حولوها الى مقترحات وبرامج قابلة للتنفيذ، كما ستتبادلون واياهم ما تتطلعون اليه وتحلمون به لمناطقكم وللبنان، كل لبنان، الذي سيجمعنا اليوم بحره في صيدا لأن بحر صيدا هو لكل لبنان، وهو ما سجلته ولا تزال حركة رواد بحر المدينة وجزيرتها ومؤخرا حديقتها المائية”.
وأردف: “ان صيدا التي تمضي قدما في استكمال وتنفيذ العديد من مشاريعها الانمائية والحيوية، يتطلع أبناؤها الى ان تتلاقى مسيرة تنميتها ونهوضها وتتكامل مع ما ينتظر لبنان من خطط اقتصادية وتنموية ضمن مشاريع سيدر، وفي مجالات النفط والغاز اذ سيكون بحر المدينة واحدا من البلوكات النفطية الملحوظة لتنفيذ اعمال التنقيب فيها”.
وتمنى “لأعمال مؤتمركم النجاح”، واضعا “امكاناتنا كبلدية في تصرفكم لتحقيق ما هو خير لمدينتا ولبلدنا لبنان”.
وختم السعودي مشددا على “اهمية التنقيب على النفط والغاز في بحر لبنان اذ انه وبحكم موقع لبنان في منطقة حوض المتوسط، يتوقع تواجد بترول وغاز بدءا من غزة وفلسطين المحتلة ومرورا بالأردن وسوريا وانتهاء بقبرص”، وآملا “ان ينعم لبنان بهذين الموردين الجديدين”.
الحريري
ثم ألقت الحريري كلمة نقلت في مستهلها “تحيات الرئيس الحريري الى المشاركين وتمنياته للمؤتمر بالنجاح”، وقالت: “إن الأول من أيلول هو يوم الوفاء لتضحيات الجدات والأجداد على مدى قرون طوال. هؤلاء الذين أسسوا لتجربة إنسانية إستثنائية إستحقت أن تكون رسالة وأكبر من وطن. هؤلاء الذين صدروا الحرف والكلمة إلى العالم، وركبوا البحر ليبنوا حضارات وأمما، من إبنة صيدا وصور يوروبا التي أرست مراكبها على شواطئ قارة أوروبا الصديقة والجارة فسميت أوروبا نسبة لها، وعلى هذه الأرض الطيبة ومن على هذه الشواطئ تحاورت الحضارات والثقافات، فكانت التجربة الوطنية اللبنانية الجامعة للمعتقدات والثقافات والحضارات في تجربة إنسانية وطنية إستثنائية ومميزة. ومن هنا وجدت اللغة العربية طريق تجددها من خلال أول مطبعة باللغة العربية، ليخرج أول كتاب عربي مطبوع إلى كل العرب. وهنا تلاقت الثقافات والبعثات العلمية والثقافية مع الأيادي الممدودة والقلوب المحبة للمعرفة والتنور والعقول المنفتحة على كل جديد وحديث ليكون لبنان مدرسة هذا الشرق وجامعته وفضاءه الثقافي والعلمي والإبداعي. ومن هنا إنطلقت المبادرات الأهلية التربوية والعلمية والإنسانية عبر الجمعيات الخيرية والوقفيات والأديرة لتعم المعرفة كل أبناء لبنان. وعلى هذه الأرض عرفت الإنسانية أرفع أنواع الوحدة المجتمعية، حيث تكون المجتمع اللبناني بأديانه وثقافاته في نسيج وطني متماسك على مدى مئات السنين بعيدا عن الإحتلالات والغزوات والإختراقات والحملات. فكان اللبنانيون يتكلمون لغة واحدة وبعقل واحد وقلب واحد وإرادة واحدة، وواجهوا معا الحرب العالمية الأولى وويلاتها وضحاياها ومجاعاتها، فاقتسموا الرغيف وتشاركوا الآلام والأفراح وصنعوا معا حلمهم الكبير الذي استحقوه في 1 أيلول 1920 بإعلان دولة لبنان الكبير وعاصمتها بيروت أم الشرائع العادلة والحاضنة لجميع أبناء لبنان”.
أضافت: “إن قيام الدول لا يكون إلا بوحدة المجتمعات المتماسكة ووحدة المنطلقات ووحدة الأهداف. واستطاع رواد لبنان الكبير أن يضعوا الأسس الصلبة لدولتهم الوطنية، فأقاموا عقدهم الإجتماعي الذي يمثل إرادتهم المشتركة، وساروا قدما في تطوير صيغتهم الوطنية بمحطات متعددة، حتى انتزعوا في 22 تشرين الثاني من العام 1943 إستقلال دولتهم. وبدأت رحلة المسؤولية الكاملة عن إدارة الشأن الوطني، واعترض مسيرة الدولة المستقلة الكثير من التحديات والمعوقات، وفي كل محطة كان الأوفياء للبنان وللتجربة الوطنية الكبيرة يقدمون التضحيات العظام من أجل إنقاذ دولتهم الكبيرة بأبنائها وبطموحها مهما تعاظمت التحديات. وهؤلاء الأوفياء لا يزالون حتى هذه اللحظة يتحملون كل ما تحتاجه هذه التجربة الإستثنائية المميزة من شجاعة وتضحية ومسؤولية، ليبقى لبنان رسالة وأكبر من وطن، وليبقى التناسق الإجتماعي الوطني هو الحامي للعقد الإجتماعي ولدولة المؤسسات. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، أي منذ إنطلاقة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير، كنا في كل عام نواجه واقعا أصعب من الذي سبق. ولأننا مؤمنون بشابات لبنان وشبابه، كنا نجدد العزم عاما بعد عام لكي نمضي قدما في التحضير للإحتفال بمئوية لبنان الكبير، لبنان 2020، وطن للمعرفة”.
وتابعت: “إن لبنان 2020 هو الماثل أمامنا الآن، والمتمثل بكم، شابات وشباب لبنان. وإن صيدا مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شهيد الثقة والإيمان بطاقات شابات لبنان وشبابه. إن صيدا تعتز وتفخر باستضافتكم اليوم على أرضها ومياهها، في هذا المؤتمر الشبابي الذي يحمل عنوان “بحر لبنان لكل لبنان” من الشمال والبقاع والجبل وبيروت والجنوب واقليم الخروب، لتحفزوا كل شباب لبنان على التفكير خلال هذا العام بوضع برنامج إحتفالات مئوية لبنان الكبير التي ستنطلق بإذن الله في مثل هذا اليوم من العام 2019 على مدى عام كامل حتى 1 أيلول 2020، واضعين بين أيديكم هذا الإرث الإنساني المتمثل بالتجربة الوطنية العميقة بالإضافة إلى ما أنجزته الحكومة اللبنانية على مستوى وضع خارطة لبنان البحرية. وإن لبنان بعد الآن لن يكون 10452 كلم2، بل يجب أن تضاف إلى حدوده البرية رسميا الحدود البحرية 22700 كلم2 ليصبح 33152 كلم2. وإنكم مسؤولون عن الإنتقال من لبنان الكبير إلى لبنان الأكبر، كما نضع في عهدتكم مقررات مؤتمر cedar الذي يشمل المشاريع الإنمائية للمناطق كافة، والتي يجب أن تؤسس لاستراتيجية إنمائية مستقبلية على أساس الثروة البشرية الوطنية المتمثلة بشابات لبنان وشبابه، والانتقال من الوزارات السيادية الى السيادة الانمائية، كل منطقة لها حق في ان تؤسس للسيادة الانمائية ولأولوياتها، بالإضافة إلى ثرواته الطبيعية، البرية والمائية من نفط وغاز، لتفكروا بحسن استخدام طاقاتكم الإبداعية وثرواتكم الطبيعية ليكون بحر لبنان لكل لبنان”.
وختمت الحريري شاكرة منظمي اللقاء وبلدية صيدا وقائلة: “ان شاء الله نلتقي دائما على الحلم وعلى مستقبل افضل”.
مداخلات
بعد ذلك، قدم احمد كساب لمحة حول المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير، وقدمت كركلا عرضا حول الأولويات التي تلحظها خطط مؤتمر سيدر اقتصاديا وانمائيا وخدماتيا، فيما تحدث الذهبي عن واقع قطاع النفط والغاز ومستقبله ورؤية الهيئة لهذا القطاع والاستراتيجية الرسمية الموضوعة بهذا الخصوص.
يشار الى أن أعمال المؤتمر تستكمل لاحقا على جزيرة صيدا “الزيرة” وفي خان الافرنج.