تحوّلت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى خلية نحل مشابهة ومكملة لليوم الماراتوني الذي شهده السراي الحكومي على مدى ساعات نهار وليل يوم الثلاثاء، لتذليل العقبات أمام إخراج القانون الانتخابي العتيد إلى النور، لكن الفارق أنه بساعات قليلة (نحو 4 ساعات) تمكّن المجتمعون من إقرار «قانون اللحظات الاخيرة» كما أسماه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد خمسة أشهر من المخاض العسير والنقاشات المستفيضة في أروقة القوى السياسية التي كانت لها وجهات نظر مختلفة حول شكل القانون ومضمونه، وكانت الحصيلة ولادة قانون وفق النظام النسي وصفه رئيس الجمهورية بـ«الانجاز الكبير بالرغم من أن عدالة التمثيل بالمطلق لم تتحقق بالكامل، لكنها خطوة الى الامام»، في حين اعتبر الرئيس الحريري أنه «انجاز كبير لحكومة إستعادة الثقة التي أقرّت وللمرة الاولى في لبنان، قانوناً يسمح للفئات غير الممثلة فيها أن توصل الى البرلمان ممثلين عنها وهذا الانجاز تاريخي، ولو أنه لن يشهد في دورته الاولى تمثيلاً نيابياً للمغتربين، انما سيضمن حصولهم على مقاعد نيابية في الدورة المقبلة، وستكون هناك اصلاحات نأمل أن تكون احداها مسألة الاقتراع لمن بلغ الـ18 سنة بعد تعذر التوافق عليه حالياً، علماً أن حركة أمل وحزب الله أيّداه».
وأوضح أنه «رغم وجود تحفظات ارتأينا وضعها جانباً والتركيز على الامور التي تؤمّن التوافق من أجل اقرار قانون جديد للانتخاب، وهذا ما حصل»، موجهاً الشكر الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والوزراء وكل التيارات السياسية على «تعاونهم من أجل الوصول الى هذه النتيجة». واعتذر للمواطنين على «التأخر لانجاز القانون»، آملاً «أن تكون هذه المسألة بداية خير في شهر رمضان الكريم». وتمنى للجميع «التوفيق في الانتخابات».
بدء العد العكسي لولادة القانون كان في الخلوة التي جمعت الرئيسين عون والحريري للتباحث حول مدة التمديد التقني للمجلس النيابي، والتي إنعقدت قبل الجلسة وإستمرت نحو ساعة، لينعقد بعدها مجلس الوزراء عند الثانية عشرة إلا ربعاً تقريباً ويبدأ البحث في قانون الانتخاب، لكن سرعان ما تم تشكيل لجنة وزارية تكونت من الوزراء: نهاد المشنوق، علي حسن خليل، يوسف فنيانوس، غطاس خوري، بيار بو عاصي، محمد فنيش، أيمن شقير وسليم جريصاتي، عقدت إجتماعاً في أحد مكاتب القصر وكانت مهمتها إجراء تعديلات نهائية على نص القانون، فيما إنصرف باقي مجلس الوزراء الى مناقشة بنود جدول الأعمال. وكان الرئيس الحريري يتفقد إجتماع اللجنة بين الحين والآخر، وإستمر الامر على هذا المنوال حتى الساعة الثانية والنصف، حين انتهت اللجنة من عملها وعادت لتنضم إلى مجلس الوزراء وعرضت الصيغة النهائية للقانون وتم إقراره.
وأوضح الوزير المشنوق لـ «المستقبل»، أنه سينصرف من اليوم الى التحضير للإنتخابات خصوصاً أن التمديد للمجلس النيابي حتى 21 أيار المقبل والانتخابات ستجري خلال شهر أيار.
وأشار وزير الزراعة غازي زعيتر لـ «المستقبل»، الى أن «من المتوقع أن يمر القانون من دون عقبات في مجلس النواب، لأن كل الكتل النيابية الموجودة في مجلس الوزراء موجودة أيضاً في مجلس النواب، خصوصاً أن القانون الذي أقر هو أفضل الممكن. كانت هناك ملاحظات من قبل الوزراء قبل أن تتولى اللجنة الوزارية إدخال التعديلات اللازمة عليه ونحن وزراء حركة أمل إعترضنا على اعادة مقعد الاقليات الى الدائرة الاولى في بيروت. وكنا نفضل أن يكون الصوت التفضيلي في الدائرة وأن تكون هناك الكوتا النسائية وتخفيض سن الاقتراع 18 سنة».
ووصف وزير الصحة غسان حاصبابي لـ «المستقبل»، القانون بأنه «أفضل من كل القوانين التي أقرت سابقاً، لأنه يفتح المجال أمام تصحيح التمثيل لكل اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، لأنه يتيح لوجوه جديدة الدخول إلى الندوة البرلمانية من دون الاتكال على الأحزاب بشكل كلي، والأهم أنه قانون صنع في لبنان».
وأكد الوزير فنيانوس لـ «المستقبل»، أنه «كانت لدينا ملاحظات بالرغم من أننا موافقون على القانون، فنحن نريد الصوت التفضيلي على أساس الدائرة وليس القضاء، وتم الأخذ بوجهة نظرنا لناحية حق رؤساء البلديات بالترشح إلى المجلس النيابي شرط الاستقالة من منصبه قبل الترشح (نحن كنا نريد أن تكون الاستقالة قبل 6 اشهر)».
من جهتها، قالت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية عناية عز الدين لـ «المستقبل»: «سجلت إعتراضي الشديد على عدم إقرار الكوتا النسائية في قانون الانتخاب، وقلت إن عدم الاقرار هذا هو تضييع فرصة تاريخية لتمثيل المرأة بشكل عادل في الندوة النيابية، خصوصاً في ظل إقرار مبدأ النسبية، صحيح أنها ليست النسبية التي نتوخاها لكن كان التوقيت فرصة تاريخية للبدء بمسيرة تصحيح عدالة تمثيل المرأة، وقلت إن الخروج من نظام الاقتراع الاكثري الذي هو نظام إقصائي لا يكتمل مفعوله، إلا عبر الكوتا لأن المرأة اللبنانية لا تزال تعاني من الاقصاء في المشاركة في القرار السياسي اللبناني، والتفسيرات التي قيلت في الجلسة ليست مقنعة والهدف عدم إعطاء المرأة حقها».
واعتبر الوزير خليل لـ «المستقبل»، أن «إقرار القانون وفقاً لمبدأ النسبية هو إنجاز، ربما لم يكن الأمثل لكنه بالتأكيد هو الافضل، بالنسبة الينا تحقق الكثير مما طالبنا به والأهم أننا أبعدنا هذا القانون عن ضوابطه الطائفية والمذهبية وهذا أمر مهم، وثبتنا حق المغتربين من دون أي مسّ بالدستور وطالبنا وسجّلنا موقفنا داخل مجلس الوزراء وخارجه حول بعض القضايا».
(المستقبل)