بضع كلمات كتبها الرئيس الاميركي على “تويتر” ليل الخميس، كانت كفيلة بهزّ العلاقات الدولية كلّها، وكافية لإشعال موجة ردود فعل مستنكرة لم تهدأ بعد. ذلك ان دونالد ترامب أعلن ان “الوقت حان للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان”، التي احتلها الجيش الإسرائيلي في حرب عام 1967، كاتبا “”بعد 52 عاما، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي”.
الجدير ذكره في السياق، ان هذا الموقف الاميركي المنحاز مجددا الى مصلحة الاسرائيليين على حساب الفلسطينيين والعرب في آن، في الصراع العربي – الاسرائيلي، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية متابعة لـ”المركزية”، يأتي بعد خطوة مماثلة خطاها ترامب منذ أشهر، تمثلت في اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس.
وبحسب المصادر، يبدو ان هذه الاجراءات كلّها، تأتي تحضيرا لـ”صفقة القرن” التي تنوي إدارة الرئيس ترامب اعلانها بعيد الانتخابات النيابية الاسرائيلية المقررة في 9 نيسان المقبل، والتي يريد منها حل النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي، وتسويته نهائيا تمهيدا لإحلال السلام في الشرق الاوسط.
لكن اذا كان قرار نقل السفارة وتّر العلاقات بين واشنطن والفلسطينيين، حيث قررت رام الله تعليق اي مفاوضات لتسوية النزاع، وأوقفت اي تعاون او اتصال مع الادارة الاميركية في هذا الشأن، بعد ان أصبحت الاخيرة في نظرها، طرفاً، لا حكما في الصراع.. فإن موقف ترامب من الجولان المحتل و”أسرلته” سيعكّر صفو العلاقات بين الاميركيين والعرب ككل، وقد أجمعوا على رفض الخطوة واستنكارها.
وعليه، ترى المصادر ان الاجراء الاميركي الذي سيكون مدار بحث بين ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الابيض، مطلع الاسبوع المقبل، من شأنه تعقيد مساعي تسوية الصراع بدلا من تسريعها وتسهيلها. فهو يُحرج حلفاء الولايات المتحدة بأسرهم، في المنطقة، ويظهر بما لا يرقى اليه الشك، ان ترامب ذاهب في اتجاه تسوية ليست فقط غير منصفة للفلسطينيين، بل وتأخذ من العرب حقوقهم وأراضيهم، لتقدّمها “هدية” الى الاسرائيليين.
واذ تلفت الى ان الرفض الدولي العربي – الخليجي – الاوروبي – الروسي – الايراني، الجامع، لقرار ترامب، سيجعل من الصعب جدا، نقلَه من “الوعود” الى الترجمة العملية، لا تستبعد المصادر ان يدرك البيت الابيض هذه الحقيقة، الا انه قرر اليوم الاعلان عن هذا التوجّه، لتحسين موقع نتنياهو الانتخابي في الاستحقاق المرتقب.
ففيما لا يبدو نتنياهو في “أفضل حالاته” لخوض المنافسة – خاصة وانه يحاكم في تهم “فساد”، ويواجه منافسة شرسة من حزب “القوة لإسرائيل” بزعامة بيني جانتس (رئيس الأركان السابق)، والذي قرر التحالف مع حزب “هناك مستقبل” بزعامة يائير لابيد في تحالف “أزرق أبيض”، ليشكل أكبر تهديد لرئيس الوزراء المنتهية ولايته الذي ذهب نحو استقطاب اليمين المتطرف تحت المظلة “الليكودية”- لا شك ان يكون الموقف الاميركي اتى لتعويمه مجددا وقد أسدى من خلاله ترامب، الى نتنياهو، “خدمة” ثمينة وأهداه “على طبق من فضّة” سلاحا قويا يحارب فيه خصومه…