بعد 24 ساعة على بياني بعبدا وعين التينة حول أزمة مرسوم الضباط تعزز الاعتقاد اكثر بأن هذه القضية هي في طريق مسدود، خصوصاً ان اوساط الرئيس الحريري، الذي قيل انه سيتحرك لطرح حل او مخرج للمأزق الراهن، تكتفي بالحديث عن رغبته في السعي لاحتواء الموقف دون الكلام عن حل مطروح.
وغداة بيان رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي قال الرئيس بري لزواره رداً على سؤال حول المستجدات المتعلقة بموضوع المرسوم «أن الامور على حالها وقد قلنا ما عندنا ونقطة على السطر».
وبغض النظر عن تداعيات الازمة منذ اندلاعها يؤكد رئيس المجلس ان المسألة دستورية، وهو لا يستطيع تجاوزها، فلو كانت تقتصر على الشأن القانوني لكان ربما تهاون تجاه الموضوع، لكن الدستور لا يمكن اللعب به.
وتنقل مصادر عين التينة عنه «ان القضية واضحة مثل عين الشمس ولا تحتاج الى جهد او براهين»، ملاحظاً ان موقفه يكاد يحظى باجماع او على الاقل اغلبية ساحقة من التأييد ومنهم نواب في كتلة الرئيس الحريري الذي وقع على المرسوم.
ووفقاً للمعلومات فان بيان المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس النواب لم يأخذ بعد اطلاع الرئيس بري على بيان رئاسة الجمهورية سوى دقيقتين او ثلاث، وان عبارة «مداورة الاصول» التي استخدمت في البيان وشغلت العديد من الاوساط مستخدمة في فرنسا منذ العام 1902، وتعني الالتفاف على الدستور او التحايل عليه.
وحسب مصادر عين التينة فان بيان رئاسة الجمهورية حول ازمة مرسوم الضباط لم يأت بأي جديد، بل اكد على اصرار تصوير هذه القضية على انها مسألة قانونية عادية يمكن حسمها عن طريق القضاء.
وإذا كان القصد من البيان وقف الجدل حول المرسوم المذكور فان ما جاء به يشكل مادة لاستمرار واطالة هذا الجدل، خصوصاً أن المشكلة تتجاوز بكثير المسألة القانونية وتتعلق بالدستور والاصول في تطبيق مواده.
وفي الايم الاخيرة التي سبقت بيان بعبدا امس لم يسمع زوار عين التينة من الرئيس بري سوى تكراره ان لا جديد في شأن ازمة المرسوم، وانه كما عبّر سابقاً منفتح على الحل في اطار الدستور والالتزام به.
ومنذ اللحظة الاولى لاندلاع الازمة كان رئيس المجلس واضحاً للغاية في تشديده على ان هذه المسألة هي مسألة دستورية بامتياز وتتعلق بتطبيق المادة 54، وبالتالي اكتفى مؤخراً باقتراح الحل البسيط وهو ارسال المرسوم الى وزير المال لتوقيعه وفق الاصول لانهاء المشكلة فوراً.
اما في بعبدا فقد تردد الكثير من الكلام عن ان المشكلة سياسية، وهذا بطبيعة الحال يتنافى مع القول ان الحسم يكون بالذهاب الى القضاء.
وتتساءل مصادر عين التينة اي قضاء تريد اوساط بعبدا ان يحسم في هذه المسألة؟ وهل من صلاحية للقضاء في حسم مثل هذه القضية الدستورية؟
وتستدرك قائلة اذا كان المقصود مجلس شورى الدولة فان الخلاف ليس على مرسوم بحدّ ذاته بل هو على تطبيق الدستور ومواده، لذلك فان الجهة المختصة في البت بهذه القضية هي مجلس النواب، كما عبر بيان المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس النواب.
وتشير الى ان ما جرى لجهة تغييب توقيع وزير المال هو مخالفة صارخة للمادتين 54 و56، وبالتالي فان هذه الازمة غير محدودة بحكم قضاء أيّاً كان هذا القضاء.
وترى اوساط مراقبة ان بيان رئاسة الجمهورية، الذي تلاه بيان رئاسة مجلس النواب، يعطي انطباعاً بأن المسعى الذي قيل ان الرئيس الحريري بصدد القيام به ربما اصطدم منذ البداية بمضمون موقف بعبدا، وربما ايضاً لم يكن موجوداً عملياً.
فبمجرد القول ان الرئيس عون حسم الجدل باللجوء الى القضاء يعني الاصرار من جانب واحد على تجاهل حقيقة وجوهر المشكلة الدستورية التي خلفها الاكتفاء بتوقيعه وتوقيع رئيس الحكومة على مرسوم الضباط.
والسؤال المطروح هل انه بعد بيان بعبدا وردّ عين التينة اصبحت الامور امام طريق مسدود؟
المعطيات المتوافرة تفيد بأن هناك جهات سياسية لم تقطع الأمل في سبيل السعي الى ايجاد المخارج، لا بل ان بعض سعاة الخير يتحدثون عن تحركات تجري لحل هذه الأحجية ووقف تداعيات ازمة المرسوم. لكن كل ما جرى في الايام القليلة الاخيرة لم يوحي بأن هناك حلا جاهزاً لهذه الازمة وقبل صدور بيان رئاسة الجمهورية بساعات كان نقل زوار عين التينة عن الرئيس بري ان لا جديد على صعيد ازمة مرسوم الضباط، وانه لا يقوم بأي اتصالات.
ويضيف قائلاً: «انا عملت اللي عليّ، وما في عندي شي إضافي».
وحول ما اذا كانت المناكفات الاخيرة ستؤثر على اجواء الانتخابات يرى بري «انه سيكون لها انعكاسات معينة»، مشيرا في الوقت نفسه انه بالنسبة له لم يدخل بعد في اجواء الانتخابات النيابية.
(الديار)