يتعاطى رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري مع السجالات الدائرة في اللجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب الجديد والخلافات داخلها، باطمئنان إلى أنها لن تؤثر في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في أيار (مايو) المقبل، ويقول أمام زواره رداً على سؤال حول ما ينتظره من اجتماع اللجنة اليوم برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري: «طالما الانتخابات ماشية كل الباقي حشو وتفاصيل».
وبموازاة ذلك يتوقع أحد الوزراء المعنيين والعضو في اللجنة الوزارية أن تستمر المراوحة في مناقشات اللجنة خصوصاً لجهة إصرار رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل على رفض التسجيل المسبق للناخبين الراغبين في الاقتراع خارج مناطق قيدهم، مقابل وقوف وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» و «تيار المستقبل» و «اللقاء النيابي الديموقراطي» معه لضمان حسن سير العملية الانتخابية والحؤول دون اقتراع أي مواطن مرتين، في بلدته ثم في أقلام الاقتراع التي ستقام في بيروت والساحل، قرب أماكن سكن هؤلاء.
إلا أن زوار بري ينقلون عنه توقعه أن يقبل باسيل التسجيل المسبق للمقترعين خارج أماكن قيدهم لأنه بقي الوحيد الذي يعارضه مقابل سائر الفرقاء. بل إن مصدراً وزارياً ينقل عن نواب في تكتل باسيل النيابي أنهم يستغربون استمراره في معارضة التسجيل المسبق، بحجة أنه يسمح بالضغط على حرية الناخبين المسيحيين القادمين من قرى للثنائي الشيعي نفوذ فيها، في البقاع والجنوب، أو من بلدات للحزب التقدمي الاشتراكي تأثير فيها، في الشوف وعاليه. وفي قراءة المصدر نفسه أن باسيل يتفادى توضيح مقصده هذا من معارضته التسجيل المسبق.
وفي اعتقاد المصدر الوزاري أن وزارة الداخلية ترى إمكان طبع البيومترية للمقترعين في أماكن السكن بعد حسم الموقف من التسجيل المسبق لهؤلاء، لكنه يرى أن هناك خلفيات سياسية للخلافات في اللجنة الوزارية لا علاقة لها بآلية تنفيذ القانون. ويذهب المصدر إلى حد التساؤل عما إذا كان هناك من يضمر من وراء كل هذه العقبات السياسية عدم إجراء الانتخابات في موعدها. ويتساءل المصدر ما إذا كان استمرار الخلاف حول التسجيل المسبق سيؤدي إلى التسليم بإجراء الانتخابات في مراكز القيد فقط.
إلا أن للرئيس بري موقفاً حاسماً من أحد عناوين النقاش الدائر في اللجنة الوزارية وهو المتعلق بتلزيم طبع الهوية البيومترية للمقترعين خارج قيدهم. وكرر التأكيد لـ «الحياة» ولزواره أن «كل المحاولات لطبع الهوية البيومترية بالتراضي لن أقبل بها مهما كانت التبريرات، وحتى لو كانت الكلفة مليون دولار فقط». وأوضح بري أن «كل السجال في شأن بطاقة الهوية البيومترية والحديث عن استعجال طبعها هدفه التمهيد لتلزيمها بالتراضي، وهذا لن أمشي به وسأبقى مصراً على أن يتم تلزيم طبعها عبر مناقصة تتم عن طريق إدارة المناقصات». وتابع: «بلغني أن الرئيس سعد الحريري أبلغ الجميع في آخر اجتماع أنه لم يعد مع التلزيم بالتراضي للبيومترية».
واعتبر بري أن ضيق الوقت لإنجاز هذه البطاقة لا يبرر تلزيم طبعها بالتراضي. وأضاف: «بات معروفاً أن وزارة الداخلية غير قادرة على طبع الهوية البيومترية لجميع اللبنانيين. ووزير الداخلية نهاد المشنوق زارني هنا قبل مدة وأبلغني أنه يستحيل إنجازها خلال ما تبقى من وقت يفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية في أيار (مايو) العام المقبل».
وتابع : «الحمد لله أننا احتطنا للأمر عند إقرار قانون الانتخاب وأدخلنا مادة تنص على استعمال الهوية الحالية العادية أو جواز السفر، إذا تعذر تأمين الهوية البيومترية». وطلب بري من أحدهم أن يبرز له هويته العادية وأشار إلى الجهة التي عليها الرمز الإلكتروني قائلاً: «هذه الهوية ممغنطة. وهنا توجد كل المعلومات عن صاحبها».
مخرج للمناقصة
وقال بري إنه يقترح على المعنيين أن يطرحوا تلزيم البطاقة البيومترية عبر مناقصة وفق الأصول، لكن لانتخابات عام 2022 طالما أن الوقت بات ضيقاً لطبعها للناخبين كافة (3 ملايين و700 ألف)، وأن يترك لدائرة المناقصات أن تبت بها، على أن يشمل مشروع العقد المتعلق بها، البدء في طبعها مع اتخاذ القرار بالسير به مع الشركة التي ترسو عليها المناقصة، فوراً، بحيث تبدأ وزارة الداخلية تسليم المواطنين الذين ينجز طبع بطاقاتهم قبل انتخابات 2018 شهرياً، وتعطى الأولوية خلال الأشهر الأربعة المقبلة للذين سجلوا أسماءهم للاقتراع خارج قيدهم والذين تفيد التوقعات بأن عددهم قد يبلغ 500 ألف وما فوق، فيقترع من تسلمها منهم بها في «الميغا سنتر» في الساحل، ويقترع من لم يتسلمها بالهوية العادية أو بجواز السفر. وهكذا نكون ضمنّا أن تنجز الهوية الجديدة للانتخابات المقبلة». ويرى بري أن لا مشكلة قانونية في توزيع البطاقة على دفعات.
وفي مجال آخر سألت «الحياة» الرئيس بري عما إذا كانت العقوبات الأميركية الجديدة ستؤثر في التعاون الانتخابي بين بعض الأطراف وبين «حزب الله» فاستبعد ذلك قائلا: «عندها عليهم أن يلاحقونا جميعاً. فكل الأطراف تتعاون مع الحزب في البرلمان وفي الحكومة حيث له وجود. وهذا غير منطقي».
واعتبر بري أمام زواره أن «لا جديد في العقوبات الأميركية الجديدة التي ينوي الكونغرس الأميركي إصدارها، وهي لزوم ما لا يلزم، لأنها نسخة طبق الأصل عن العقوبات السابقة». وقال رداً على سؤال عن الصلاحيات الاستنسابية التي أعطاها الكونغرس للرئيس دونالد ترامب لتحديد الأشخاص الذي يتعاونون مع «حزب الله» كعنصر إضافي بالمقارنة بالعقوبات السابقة، رأى بري أن حتى هذا الجانب «ليس جديداً. في العقوبات السابقة أعطى الكونغرس الصلاحيات نفسها للرئيس السابق أوباما، لكنه لم يستعملها»… وفي تقديره أن سبب العقوبات الجديدة هو رغبة بعض النواب الأميركيين في إرضاء إسرائيل واللوبي التابع لها في واشنطن.
وليد شقير – الحياة