لا احد تقريباً في الائتلاف الحاكم، في العهد الحالي، لم يقل كلمته في انتخابات ربيع 2018. ليس الاستحقاق الرئيسي الماثل امامهم فحسب، بل يكادون يجزمون بأن لا عراقيل في طريق إجرائه: انتخابات يراد لها تكريس كل ما نجم ولا يزال عن تسوية 2016
عندما يلتقي الرئيس ميشال عون مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، ويلتقي معهم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والنائب وليد جنبلاط، على التمسك باجراء الانتخابات النيابية في ايار 2018، يعني ذلك انها اكثر من واقعة في موعدها. الاصح انها ستجرى في ظل هذا الائتلاف الحاكم، المنبثق من تسوية 2016 منذ ابرام الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وقد اكد مرة تلو اخرى، وامتحاناً بعد آخر واشتباكاً بعد اشتباك وتفاهماً وراء تفاهم، انه التكتل الفعلي الذي يقود الحكم.
مع ان لقاء كليمنصو الاحد الفائت لم يشر صراحة الى تحالف انتخابي بين بري والحريري وجنبلاط، واكتفى بما افصح عنه في الظاهر، الا ان توقيته ليس بعيداً كثيراً من مقاربة استحقاق 2018 في جانب من مداولاته. قال رئيس مجلس النواب ان حبراً وفيراً أُهدر في الكتابة عنه اكثر مما كان اللقاء يتوقع، واكثر مما يحتمل. قبل ان يذهب الى منزل جنبلاط، كان قد انجز لايام خلت في اتصالات ثنائية مع شريكيه الآخرين تذليل تباعد احدهما عن الآخر، كي يأتي الاجتماع تتويجاً لما سبق، وليس تفاهم ابن ساعته. في حسبان رئيس المجلس دورا الحريري وجنبلاط في صلب استقرار الحكم والمعادلة الوطنية الداخلية، وفي صلب الاستحقاقات المتلاحقة منها انتخابات ايار.
بري: المبلغ المخصّص للانتخابات محسوب بالليرة وواجب وضروري
على ان وجود الاقطاب الثلاثة في دائرة تشاور علني ــ وبري بذلك لا يوافق على عبارة «العشاء السرّي» ــ يمثل تقاطعاً سياسياً وانتخاباً ليس قليل الاهمية حيال ما ينتظر استحقاق الربيع: يتقاطع بري والحريري في الدائرة الثانية من بيروت وفي صيدا، وبري وجنبلاط في بعبدا وحاصبيا ــ مرجعيون، والحريري وجنبلاط في الدائرة الثانية من بيروت وفي الشوف ــ عاليه والبقاع الغربي. لكن المهم ايضاً ان الحلفاء الثلاثة يمثلون حلفاء الحلفاء الذين هم الشركاء الآخرون الدائرون في الفلك نفسه، من غير ان ينضووا في اجتماع كليمنصو كحزب الله وتيار المردة بالنسبة الى بري، والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بالنسبة الى الحريري. ناهيك بتقاطع الممر الملزم لجنبلاط في دائرتي الشوف ــ عاليه وبعبدا مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الله. هؤلاء جميعاً قالوا انهم مع انتخابات 2018 في موعدها. باتوا يعلمون ايضاً، في مرحلة يتوخى العهد ان يوسم نفسه بانجازاتها، ان ما بدا مستحيلاً لسنوات خلت تحقق الآن او يكاد: قانون انتخاب للمرة الاولى منذ عام 2008، وقانون موازنة وشيك للمرة الاولى منذ عام 2005.
ما هو مهم كذلك في الانتخابات النيابية المقبلة، ان الافرقاء هؤلاء يذهبون اليها بالمفرّق. لا وجود فيها لقوى 8 او 14 آذار. لا احد يحمل شعاراً او قضية او دماً مهدوراً.
في موازاة الموقف السياسي تلاحقت خطوات اجرائية مكملة: تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات ثم اقرار مجلس الوزراء اعتمادات لها. تدريجاً تتقلص العراقيل وتكاد تختفي. لا بطاقة ممغنطة للاقتراع بها، والاكتفاء بما تحوط له قانون الانتخاب وهو التصويت ببطاقة الهوية. في اجتماعه بوزير الداخلية نهاد المشنوق الاربعاء، سأله رئيس البرلمان هل في الامكان انجاز البطاقة الممغنطة وتوزيعها في الاشهر المتبقية للانتخابات، فرد بالنفي. اذذاك عقب بري: «نذهب الى الانتخابات بتذكرة الهوية. المهم ان الانتخابات ستحصل».
كشف بري ايضاً انه تسلم مشروع قانون تمويل البطاقة الممغنطة واحاله على اللجان النيابية، وقد يستغرق درسه شهرين، ما يضيف عاملاً آخر الى استبعاد العمل بالبطاقة الممغنطة في الاستحقاق المقبل. يضيف: «سيكون امامنا اكثر من اربع سنوات للتحضير لها حتى انتخابات 2022، عندئذ تعد البطاقة الممغنطة على مهل وتوزّع بلا استعجال».
كان المشنوق اجاب بري بالنفي القاطع كذلك حيال قدرات وزارة الداخلية على توزيع مليون بطاقة ممغنطة كل شهر حتى الوصول الى انتخابات ايار، في حال امكن انجازها. اضف ان التصويت على تمويلها لن ينجز قبل نهاية السنة. يضيف رئيس مجلس النواب: «لا مشكلة امام لبنانيي الخارج. يقترعون في السفارات. لبنانيو الداخل يحملون بطاقة الهوية ويصوتون في اماكن قيودهم».
باتت التفاصيل الاجرائية والتقنية ثانوية في حسبان بري. قابلة للتذليل. وليس في وسع احد التذرع بها. يذهب الى ابعد من ذلك، في الانضمام الى موقف رئيس الجمهورية، بأن «احداً في الداخل ليس في امكانه تعطيل اجرائها. لا ظروف استثنائية بعد اليوم تبرر تأجيلها، ولم يعد في وسع اي فريق احتمال تمديد رابع لمجلس النواب». ما ينتظر الذهاب الى الانتخابات صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بدءاً من شباط المقبل، في مهلة الـ90 يوماً التي نص عليها قانون الانتخاب.
لا يوافق بري الرأي القائل بأن 75 مليار ليرة مخصصة لانتخابات 2018 رقم مبالغ به، ولا القول انها الانتخابات الاغلى. يجيب: «القانون الحالي يختلف عن القانون السابق. متطلباته اكثر في الصناديق والمشرفين والتجهيزات والبرامج الضرورية. هذه المرة الاولى في تاريخنا نعتمد التصويت النسبي. المبلغ المخصص للانتخابات محسوب بالليرة، اعدته المديرة العامة لوزارة الداخلية فاتن يونس. المبلغ واجب وضروري».
في السياق، أكّد الرئيس برّي أن حزب الله وحركة أمل سيخوضان الانتخابات النيابية المقبلة بلوائح مشتركة في كل الدوائر التي سيترشح فيها مرشحون للطرفين. وأشار إلى أن التحالف بين حركة أمل وحزب الله ثابت بمعزل عن تحالفات الفريقين الانتخابية مع فرقاء آخرين.
(الاخبار)