خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
إكتملت الصورة الرئاسية في لبنان، ولم تعد بحاجة الى تأويلات وتفسيرات، بل بتنا أمام ممرّ إجباري شبه وحيد: عزوف سليمان فرنجية عن الترشح للرئاسة إفساحاً للمجال أمام “الخيار الثالث”، وهو ما يستدعي أمّا قراراً شجاعاً من رئيس تيار المردة نفسه، كما فعل المرشح ميشال معوض..وأمّا قراراً من الثنائي الشيعي بسحب هذا الترشيح، بعد أن وصلت حظوظه الى الحائط المسدود، محليّاً ودوليّاً..والكلّ بات ينتظر هذا العزوف، علّه يحفظ ماء الوجه، طالما أنّ الخسارة قد وقعت، ولا فائدة تُذكر من المعاندة والممانعة.وكلّ يوم تأخير هو تأخير لاستحقاق وطني لا بدّ أن يحصل عاجلاً أو آجلاً!
أمّا العوامل التي تدلّ على مستجدّات الواقع الراهن، فهي عديدة:
-ميزان القوى الداخلي بات عصيّاً على التعديل:فلا الحوار الثنائي المتعثّر بين وفدي التيار الوطني الحر وحزب الله يمكن أن يصبّ في صالح بنشعي خاصة بعد شروط جبران باسيل التعجيزية أمام الدعوة الى الحوار..ولا الأمل بالحصول على أصوات السنّة الرماديين بات متاحاً بعد اللقاء الأخير الجامع في دارة السفير السعودي وليد البخاري بحضور مفتي الجمهورية والمبعوث الفرنسي لودريان.وقد عبّر عن ذلك بوضوح النائب وليد البعريني الذي دعا صراحة الى الخيار الثالث.
-ما خرج عن لقاءات اللجنة الخماسية في نيويورك من خلافات، عاد وانتظم بعد التصريح الفرنسي الرسمي عن تبنّي الخيار الثالث (لا فرنجية ولا أزعور) كحلّ وحيد ممكن للأزمة الرئاسية القائمة.وهذا يعني أنّ عودة لودريان الرابعة، إذا حصلت، ستكمل ما همس به المبعوث الفرنسي سرّاً في زيارته الثالثة الى بيروت، بأنّه لا مجال لدعم فرنجية بأيّ شكل من الأشكال.إنتظار لودريان مضيعة للوقت، ومزيد من الإهتراء في صورة فرنجية المرشح، لا أكثر ولا أقل.
-المبعوث القطري لا يخفي أوراقه، ولا يخفي أنّ مبادرته تقوم حصراً على “الخيار الثالث” مع تمايزها عمّا حملته المبادرة الفرنسية السابقة، بأنّه يحمل سلّة من الأسماء تتراوح بين الأربعة والستّة مرشحين، مع تفضيل معلن لقائد الجيش جوزيف عون، وهي لا تحتوي بالتأكيد على مرشّح الثنائي الشيعي، كما لا تحتوي بالتوازي على “مرشّح التقاطع” جهاد أزعور.
الدوحة قد أطلقت، بدعم واسع من واشنطن والرياض وبتسهيل من باريس، عمليّة “جسّ النبض” بدءً من طهران، وصولاً الى عين التينة وحارة حريك، وهي تحمل بيد “التحذيرات الخطيرة” التي أطلقها أمير قطر من على منبر الأمم المتحدة، وباليد الأخرى كلّ الإستعداد للعمل التشاركي مع دول الخليج في إعادة العافية الى الإقتصاد اللبناني إذا ما سارت الأمور في الإتجاه الصحيح:رئيس جامع وغير فاسد، حكومة جديدة إصلاحية، وورشة عمل داخلية تطال كلّ مفاصل المؤسسات والدولة.
كما الوقت، كذلك العوامل الداخلية والخارجية، لم تعد تعمل لصالح تشبّث الثنائي الشيعي بمرشّحهم..فمتى نستمع الى بيان عزوف سليمان فرنجية من قصر بنشعي؟