تحت عنوان أين يختلف باسيل جِدّياً مع “حزب الله”؟، كتب طوني عيسى في صحيفة “الجمهورية”: يقول أحد السياسيين إنّ علاقة رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل بـ”الثنائي الشيعي” ينطبق عليها المثل اللبناني: مع “حزب الله” “رِمّانة”، ومع بري “قلوب مِليانة”! وفي الحالين “وِرْمانة”…
بالنسبة إلى “حزب الله”، سيكون الجميع “في الجَيْبة” بعد الانتخابات، وخصوصاً في المسائل الأساسية. وسيكون سهلاً التصويت للخيارات التي يريدها “الحزب”، لأنّ الغالبية ستتوافر: النواب الشيعة بغالبيتهم الساحقة، نواب 8 آذار كالحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث وأسامة سعد وعبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وسواهم في بيروت وعكار، “التيار الوطني الحرّ”، “المردة” وعدد من القوى المناطقية.
والى هؤلاء، يستطيع “الحزب” التعويل أحياناً كثيرة على نواب جنبلاط. ولا يمكن إهمال نواب الرئيس سعد الحريري إذا استمر في نهج التسوية الحالي. وهنا يضطلع الرئيس نبيه بري بدور أساسي في إقناع جنبلاط والحريري وسواهما. وفي الخلاصة، ستكون الأصوات الاعتراضية في المجلس المقبل ضعيفة: “القوات”، “الكتائب”، وبعض الحلفاء في 14 آذار.
هذه حقائق تعرفها القوى السياسية جميعاً. ولذلك، تفضِّل 14 آذار عدم تجرُّع هذه الكأس حالياً وأن تؤجّل الانتخابات لعلّ تطورات تطرأ وتساهم في تحسين ظروف المعركة. ولكن، إذا لم يقتنع “حزب الله” بأنّ المكاسب من إجراء الانتخابات أكبر من المكاسب في تأجيلها، فهو سيفرض إجراءها في 6 أيار، وهذا أمر سهل التحقيق.
يَطْمَئنُّ “حزب الله” إلى أنّ ما من قوة، في المجلس المقبل، ستكون قادرة على إزعاجه، إلّا إذا تغيّر المناخ في الشرق الأوسط كله في غير مصلحة إيران. عندئذٍ، سيضعف “الحزب” في لبنان ويتفلَّت منه الذين يمشون معه اليوم “اضطرارياً” أو “واقعياً”، وهؤلاء لا يُستهان بأحجامهم.
إذا تبدّل الميزان في سوريا والعراق وسائر المنطقة في غير مصلحة إيران، واشتدّت الضغوط الأميركية والدولية على “الحزب” وكل الذين يقيمون علاقةً به، فسيجد “الحزب” نفسه مضطراً إلى التمسّك بأكبر تغطية داخلية وتحصين حمايته داخل المجلس النيابي والحكومة، فيما سيعمد كثيرون إلى التنصّل من “الحزب” أو “تحييد” أنفسهم على الأقل.
من هنا يبدو حرص “حزب الله” على أن تكون الأولوية في الانتخابات المقبلة للتفاهم داخل البيت الشيعي، بحيث لا يخسر “الثنائي” أيّاً من مقاعد الطائفة، إلّا واحداً أو اثنين اضطراراً. ولذلك، حرص الطرفان على ملء المقاعد الشيعية باكراً، وقبل الجميع، بمرشحين في كل الدوائر، واستباقاً لأيّ ضغوط أو وساطات مع الحلفاء، في أيّ دائرة. والأبرز في هذه المسألة هو العلاقة مع “التيار الوطني الحرّ”.
عندما يعلن “الحزب” أنه سيتحالف في الانتخابات النيابية مع بري في الدرجة الأولى، ثم يختار تحالفاته الأخرى، فهذا يعني أنّ مشكلةً عميقةً لا بدّ أن تقع بينه وبين “التيار الوطني الحرّ”. فمناطق التماس المسيحية – الشيعية كثيرة. كما يمكن أن تقع مشكلة بينهما في مناطق لا تماس فيها بين ناخبي الطائفتين.
(الجمهورية)