اذا وجدت النية السياسية يمكن ايجاد مخرج في موضوع مرسوم الاقدمية”. الكلام لحامل وساطة الحل النائب وائل ابو فاعور اثر وضع الاقتراح في عهدة رئيس الحكومة سعد الحريري لمناقشته. بيد ان جوهر المشكلة، كما تقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية” يكمن، على ما اثبتت الوقائع والمواقف حتى الساعة، في غياب النية التي يتطلع اليها موفد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، كون المرسوم الذي صدرت على مثاله العشرات في مراحل سابقة من دون ان يتسبب بأزمات لا بل لم يتنبه اليه أحد او يثير اشكالية توقيع وزير المال، يخفي خلف الاكمّة ما يخفي من اهداف وغايات سياسية تتجاوز حدود الجغرافيا اللبنانية الى تداعيات التسويات السياسية الاقليمية المقبلة على بعض الافرقاء في الداخل اللبناني.
فلو اراد أصحاب الحل والربط، كما ترى المصادر، طي صفحة مرسوم الاقدمية، لتمكنوا من سلوك الف درب مفتوحة، إن بتجاوز الاصرار على التوقيع او بالاحتكام الى اجهزة الرقابة المختصة والمخولة البت في الاشكاليات الدستورية او حتى بالركون الى المؤسسة البرلمانية التي اعتبرها رئيس مجلس النواب نبيه بري صاحبة الكلمة الفصل في تفسير الدستور. لكن قطع الطريق على الوساطات والتمترس خلف المواقف وعدم دعوة مجلس النواب الى الانعقاد لبت مسألة وجوب توقيع وزير المال على المرسوم او عدمه يقطع الشك باليقين ويثبت مرة جديدة ان معركة المرسوم هي فعليا معركة مبكرة على رئاسة مجلس النواب بعد الانتخابات وعلى تثبيت موقع وزارة المال للطائفة الشيعية، ليس لوضع اليد على السلطة كما يروج، بل للتمسك بمواقع سيحتاجها هذا المكون في المرحلة المقبلة، حيث تتجه رياح التسويات في الاقليم الى “ضبضبة” الانفلاش الايراني المسلح وادواته في الدول العربية، وفق ما بدأ يتظّهر في العراق ودول الجوار، ما يحتّم التعويض عن فائض قوة السلاح بفائض قوة سياسية ودستورية. وتضيف المصادر ان انكفاء حزب الله عن لعب دور الوسيط بين حليفيه ورمي الكرة في ملعب رئيس الحكومة سعد الحريري لهو دليل اضافي الى عدم رغبة الحزب القادر بمونته على الرئيس بري على انهاء الازمة، بالتدخل لوضع حد للازمة المستفحلة، موضحة ان تعمّد وسائل الاعلام الموالية للحزب والحركة التصويب على ان “العونيين” عن طريق مصادرهم، يلوّحون بورقة عدم انتخاب بري رئيسا للمجلس بعد الانتخابات النيابية وسحب حقيبة “المالية” من الشيعة يفضح النية المبيتة بالرغبة في الحصول على تعهد من رئيس الجمهورية بعدم ” الثأر” السياسي من بري ردا على معارضته انتخاب عون وتقديم وعد بالابقاء على وزارة المال في عهدة الطائفة الشيعية تحت وطأة استخدام كل الاوراق المتاحة من اليوم وحتى لحظة انتخاب رئيس البرلمان ثم تشكيل الحكومة العتيدة.
ولا تقف الازمة المفتعلة عند هذا الحدّ، بحسب المصادر، فمصير الانتخابات النيابية التي يقول الرئيس بري انها في خطر لقطع الطريق على ادخال التعديلات الى متن القانون، مدرج في الحسابات السياسية وقد يكون مطلوبا اكثر من اي يوم مضى في ضوء ما يتردد عن ثنائية مارونية- سنّية لطالما شكلت هاجسا لرموز فريق 8 آذار كونها تنذر بتحالفات واسعة بين الطرفين قد لا تصب انتخابيا في مصلحة هذا الفريق خلافا لما يروّج عن ان القانون النسبي الجديد محسومة نتائجه سلفا لمصلحة الحزب والحركة.
المركزية