انماء طرابلس والميناء تكرم الاب غريغوريوس.

طوني حبيب: الاب غريغوريوس كان شعلة محبة للقريب والبعيد،  وشعلة نور لدرب الضائعين ورجاء في حياة اليائسين والتائهين.

بشارة حبيب: حمل في صلواته همّ الكنيسة وهواجس اساقفتها، في زمن يغرق فيه سياسيو البلد في التفتيش عن مصالحهم ومكاسبهم.

الدكتور توما: الأب غريغوريوس يعرف أَن من تعامل مع الزيتون، أو “سمك البر”، قادر على التعامل مع سمك البحر. فخرج ليصطاد الناس ويقودهم إلى معارج الإيمان.

 

كرمت جمعية انماء طرابلس والشمال المتقدم في الكهنة قدس الأب غريغوريوس موس، في مقر الجمعية في ميناء طرابلس، وذلك  تقديرا لخدمته ابناء الميناء لاكثر من خمسين عاما بمحبة وتفان، ولمناسبة عيد شفيعه القديس غريغوريوس اللاهوتي، في حضور  متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران افرام كرياكوس ممثلا برئيس الجمعية الارثوذكسية لرعاية المساجين كاهن رعية الميناء الاب باسيليوس دبس، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيس جمعية انماء طرابلس والميناء انطوان حبيب، نائب رئيس الجمعية بشارة حبيب، الاباء سمير ياكومي، ابراهيم سروج، رولان عوكر، جوزاف عرب، الأب كويركو، مدير مدرسة مار الياس شفيق حيدر،  وحشد من الفاعليات السياسية والدينية والتربوية والثقافية والاجتماعية ورؤساء بلديات ومخاتير وعدد كبير من ابناء الميناء والشمال.

 

بعد الصلاة، القى طوني حبيب كلمة شكر فيها المطران كرياكوس لارساله ممثلا عنه في حفل التكريم، كما شكر كل المشاركين لعلاقتهم النبيلة بالمكرم، متمنيا ان تحل البركة على ابناء الميناء والجوار، المقيمين والمغتربين والمعروفين بحبهم لمدينتهم وللبنان، لافتا الى ان الاب غريغوريوس  لم يختر الكهنوت صدفة، بل نذر نفسه منذ كان شابا، خادما للكنيسة الارثوذكسية ملتزما ومرتلا، املا ان تبقى الميناء مشعة  وآمنة ومزدهرة وموحدة القلوب برعاية كهنتها الاجلاء، مشيدا بشخصية الاب موسى وبمواقفه الوطنية و الدينية و الانسانية، عارضا لمزاياه ومسيرته خلال رحلته الكهنوتية الطويلة المملوؤة بالعطاءات والتضحية والتسامح والتواضع.

 

وختم:” الاب غريغوريوس كان شعلة محبة للقريب والبعيد،  وشعلة نور لدرب الضائعين ورجاء في حياة اليائسين والتائهين، وقد خدم في سلك الكهنوة لاكثر من خمسين عاما بالرغم من كل الصعوبات التي واجهته، وبقي  صامداً قوياً مؤمنا عنيدا بالحق ولم يتوان عن مد يد العون والمساعدة لكل محتاج وضائع.

 

ثم كانت كلمة لبشارة حبيب قال فيها: أكرم به لقاءً يجمعنا اليوم لمناسبة التذكار الجامع لآبائنا الأجلاء في القديسين، معلّمي المسكونة، باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبي الفموغريغوريوس اللاهوتي، شفيع راعينا الأمين المتقدم في الكهنة الأب غريغوريوس موسى.

 

اضاف:” لقاؤنا اليوم ليس للإحتفال بتقادم السنين على هذا الراعي الجليل الذي خدم وتعب وجاهد بيننا الجهاد الحسن، منذ اكثر من خمسين سنة، ولا يزال، مقتدياً بتعاليم الراعي الصالح.

انما لقاؤنا اليوم هو لشكر الله، معاً، على ما أعطى الأب غريغوريوس موسى من مواهب ونعم تجسدت بحسن الرعاية والحب والتضحية والتحنان.

انه لقاء لتجديد عهد الحبّ ليسوع الفادي الذي به نحيا ونتحرك.

إنه لقاء نعترف من خلاله بتعب من سبقنا، كي لا يُستهان بأتعاب كل من يخدم المسيح وكنيسته.

هذا الأب الجليل انحنى علينا كباراً وصغاراً، توجّع لأوجاعنا، حمل الينا العزاء في أحزاننا والبسمة في أفراحنا.

هذا الأب المجاهد في حقل المسيح لم يساوم يوماً على حقّ الله في الأرض، بل كان نبيهاً متأنياً ومنتبهاً، كي لا يكسر قصبة مرضوضة أو يُطفئ فتيلاً مدخّناً. أحبّ الجمال ولم يحتكره، بل اقتحم به سائر الهياكل ترتيلاً وتسبيحاً ليزيدها سحراً وجمالاً.

 

وتابع:” ماذا عساي أن أقول في هذا الخادم الأمين الذي بتواضعه ارتفع، كما يقول الكتاب العزيز.

 

ماذا عساي أن أقول، أنا من سمحت له العناية الإلهية أن تنتشله يدا هذا الاب الجليل من جرن المعمودية، وأن يرعاني أنا وزوجتي وأولادي في حياتي الجديدة منذ الطفولة وحتى يومنا هذا.

أبونا غريغور، كما يطيب له أن نناديه، عاشر الكتاب المقدس، قراءةً وترتيلاً، وكرّس نفسه للتوسّع في المعرفة وحبّ الإطلاع والبحث عن الحقيقة، إلى أن سمعته يوماً يكرّر مقولةً حكيمةً رسخت في ذهني وحُفرت في وجداني مفادها:

وفتّشت كثيراً، فلم أجد اعظم من الصبر،

وتغلّبت على الصعاب، بالحكمة والعقل،

وطلبت الرحمة، فلم أجد أرحم من الموت.

هذا هو أبونا، و”أبو وابونا”، كما يطيب له أن نناديه أيضاً، حمل في صلواته اليومية، همّ الكنيسة وهواجس اساقفتها وقادتها، في زمن يغرق فيه سياسيو البلد وقادتها في التفتيش عن مصالحهم الخاصة ومكاسبهم الشخصية والفئوية.

عاشر أبونا غريغور المعذّبين في الأرض واجتهد للتخفيف من عذاباتهم في زمن يشكو فيه شبابه من خيبة الأمل وندرة فرص العمل.

واردف:” صلّى أبونا غريغور لأجل من هم في الضيقات،وجسّد صلاته خدمةً وعملاً، في زمن استشرى فيه الفساد والزبائنية والغوغائية.

كان أبونا غريغور شاهداً سلامياً لحق الإنجيل في زمن ندر فيه الشهود، لا سيما في اسوأ أيام الحرب اللبنانية، بدءاً بعهد القتل على الهوية، مروراً بمراحل الانهاء المتلاحقة لنفوذ العهود الظلامية التي خضعت لها مدينتا طرابلس والميناء، وختاماً بأيامنا هذه حيث التعطيل للمؤسسات الدستورية،والتفاقم للأزمات الاقتصادية والاجتماعية، والتأرجح الأمني بين الهيبة والتراضي، والازدياد في نسبالبطالة والفقر ونمو الدين العام.

أبونا انت شعلة مضيئة في تاريخ الميناء الحديث.

تعلّمت منك الكثير، وسأبقى. كما أني أعترف أمام الملء، أنك كنت لي بمثابة أبٍ في الرعاية والحماية والتحنان والاحتضان.

أبونا غريغور، اهلاً وسهلاً بك في رحاب جمعية انماء طرابلس والميناء، هذه الجمعية التي تأسست في العام 2008 بمبادرة من مؤسسها ورئيسها انطوان الفرد حبيب.

 

وختم:” وهذه الجمعية إنّما اُسّست بهدف الخدمة والتنمية وحسن المبادرة وتقديم المساعدة في شتى الميادين الحياتية، خدمة للانسان وسعياً لنموّه ونمائه.

 

اما للدكتور جان توما، رفيق دربي في الجهادين التربوي والاداري في مقالع التلمذة الحقيقية ومناجمها في مدرسة مار الياس على يد المعلم الاستاذ شفيق حيدر، فأقول نقلاً عن ابي العتاهية:

وفرز النفوس    كفرز الصخور

ففيها النفيس      وفيها الحجر

وبعض الانام    كبعض الشجر

جميل القوام      شحيح الثمر

وبعض الوعود   كبعض الغيوم

قوي الرعود      شحيح المطر

وكم من كفيف   بصير الفؤاد

وكم من فؤاد     كفيف البصر

وخير الكلام     قليل الحروف

كثير القطوف       بليغ الأثر.

 

 

 

بعد ذلك القى الدكتور توما كلمة قال فيها:” لقد صار صعبا أَن تفصل تاريخا يمتد لنصف قرن من معرفة الوجوه والأسماء: بينَ بقاء في الميناء، أو نزوح إلى المناطق الأخرى، أَو هجرة إلى بلاد الله الواسعة. فهذا التاريخ الذي يمثِّلُه الأب “غوريغور” إنَما هو تاريخ كلِ مواطن في هذه المدينة، على اختلاف مذهبه ومنطقته، فالكل يعرفه ويعرف أنَ هذا الرجل الخادم لا يغير قناعاته، ولا يبدل تبديلا.

 

وتابع:” غريغوريوس المتقدم في الكهنة لا يتقدم على أحد لتواضعه. راع يعرف خرافه بأسمائِها. حارس لتراث المدينةِ البحرية ولبسطائها. عاصر كوكبة من كبار وأخذ عنهم، منهم: الأب وهبه الله معاز (١٨٩١-١٩٧٧)، والمطرانان جورج خضر(مواليد 1944) وبولس بندلي (١٩٢٩-٢٠٠٨)، وتخرج من خبرته من تخرج من مطارنة وأساقفة وكهنة وطلّاب لاهوت، وبقي على عهده في محبته التي تسع الجميع وتتَسع لتسامح كثيرين.

 

اضاف:” الأب غريغوريوس موسى سكن خمسينَ سنة، منذ العام ١٩٦٥ وما زال، في الميناءِ مجاورًا عائلات، من مختلف النسيجِ الأهلي، بمودة ورضًى. تقاسم معها رغيف الخبز زمن الاقتتال وزمن التواد. كان لها أبا وكانت له أحبة، وما زالَت، وهو باق على عهده في محبَته التي تسع الجميع وتتَسع لتسامح كثيرينَ.

واردف:” الأب غريغوريوس موسى الآتي في الستينيات إلى بحر الميناء من زيتون قلحات- الكورة، يعرف أَن من تعامل مع الزيتون، أو “سمك البر”، قادر على التعامل مع سمك البحر. فخرج ليصطاد الناس ويقودهم إلى معارج الإيمان. وعلى الرغم من أَن الصيادين لا ينْشدون في رحلة صيدهم لكيلا تهرب الأسماك، كانَ غريغوريوس يرفع صوته الترتيل مسبحا اللهَ الذي لا يحمد سواه، فيجذب المؤمنينَ، ويصرفهم عنه إلى وجه سيده، وهو باق على عهده في محبته التي تسع الجميع وتتَسع لتسامح كثيرينَ.

 

وختم:”الأب غريغوريوس موسى علامة رجاء من علامات طفولتنا وشبابنا، يسكن في يومياتنا وفي رغبة أولاد الميناء المغتربين في السؤال عنْه، إذ يلاقِيهِم مرحبا بهِم بالاسم وتبادل الذكريات منذُ أَنْزلَهم أطفالا جرن المعمودية ليقيمهم رجالا في الدنيا والإيمان.

 

الاب غريغوريوس شكر الجمعية على حفل التكريم خاصة رئيسها طوني حبيب وكل الاعضاء ومن شارك في تنظيم الاحتفال، داعيا الى التمسك بالقوة الممزوجة بالمحبة والايمان والتسامح، وحث ابناء الرعية على حسن المعاملة والتعاون ونبذ الفتنة والانانية، مؤكدا ان رأس الحكمة مخافة الله، والتقيد بتعاليم السيد المسيح الذي قال: “أحبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم.”

 

وشدد غريغوريوس على الالتزام بالصلاة والجهاد الروحي والارتقاء إلى مستوى الفضائل الالهية.

 

ثم قدم حبيب درعا للاب غريغوريس عربون محبة، وتقديرا لمسيرته الكهنوتية وتفانيه في رسالته التي جعلت منه قدوة للمجتمع وسعيه الدؤوب إلى تمتين روابط الاخوة بين المسلمين والمسيحيين في رعيته.

 

وفي الختام اقيم حفل كوكتيل.