لم تستطع جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، البت في ملفين هما آلية التعيينات الادارية، وعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، والذي أخذ نقاشاً مستفيضاً، بعدما انقسمت القوى السياسية بين معارض لهذا التفاوض (رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراؤه ووزراء «القوات» و»الاشتراكي») ومؤيد له (وزراء حركة «أمل» و»حزب الله» و»المردة» و»القومي»). وحين احتدم النقاش بين كل من وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو على خلفية عودة النازحين، سارع الرئيس الحريري إلى حسم الامر بالقول: «لن نفاوض الحكومة السورية ولننصرف الى الاهتمام بشؤون الناس». كما توجه الرئيس عون إلى الوزراء قائلاً: «ملف النازحين أناقشه مع رئيس الحكومة». هذا الحسم قابلته رغبة من كل الأطراف السياسية في أن «لا يفسد الخلاف حول ملف النازحين ودّ العمل الحكومي واستمراره»، وهذا ما عبّر عنه وزير الأشغال يوسف فنيانوس لـ «المستقبل»، بقوله: «كل طرف أدلى برأيه بوضوح وبقبول للرأي الآخر، صحيح أنه ملف ضاغط على البلد ولكن كل طرف لديه وجهة نظر بالحل، هناك فريق يرى أنه يحل عبر الامم المتحدة ونحن نقول إن الامم المتحدة تعترف بالحكومة السورية وبشار الجعفري هو ممثلها في الامم المتحدة وليس ممثل سويسرا، وبالتالي الامم المتحدة تعترف بها، ولكن هناك أمور كثيرة في البلد خلافية الا أننا نبعدها عن مجلس الوزراء كي لا تنعكس على عمله».
بدوره، اعتبر وزير الصناعة حسين الحاج حسن لـ «المستقبل»، أن «النزوح السوري بات يشكل تحدياً على مستويات عديدة، ويفترض معالجة هذا الملف بشكل صحيح عبر التواصل مع الحكومة السورية، لأنها مسؤولة عن المواطنين السوريين الذين يجب أن يعودوا إلى بلادهم تحت إشرافها»، مؤكداً أن «هناك إنقساماً في البلد ونحن حريصون على أن يبقى في إطاره وحجمه، وعلى ألا يتحول إلى مادة خلافية تؤثر على الاستقرار بل نريد معالجة الامور بهذه الروحية».
أما وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي فأوضح لـ «المستقبل»، أن «الرئيس الحريري طلب عدم الجدال في ملف النازحين كي نحافظ على إستمرارية الحكومة خصوصاً أن هناك خطة عمل نقوم بها مع كل الوزارات المعنية بهذا الملف».
وشدد وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي لـ «المستقبل»، على أن «عودة النازحين السوريين بأسرع وقت هي مطلب لبناني جامع، لأن ضغوطهم على لبنان كبيرة سواء في البنى التحتية أو فرص العمل أو الوضع الاقتصادي، خصوصاً أن موقعهم الطبيعي أن يكونوا في بلادهم، وطلب التفاوض مع النظام السوري لعودتهم غير منطقي ولا يفيد الملف، والدليل أن العراق هو من الدول التي تتواصل مع النظام السوري وقريبة منه جغرافياً، لكن النازحين السوريين لا يزالون في العراق، وثانياً أن عودة النازحين يجب أن تتم تلقائياً من دون مفاوضة الدولة اللبنانية، بل على المجتمع الدولي مساعدتهم على المستوى الانساني عبر لعب دور تقني من قبل الامم المتحدة لتحفيزهم على العودة».
ولفت بو عاصي إلى أنه تحدث داخل الجلسة «عن كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الاخير حول الصراع مع إسرائيل في جو بعيد عن التشنج أو التوتير، لكن لا بد من توضيح بعض الامور فنحن جميعاً في حالة عداء مع إسرائيل وهذا أمر منصوص عليه في الدستور وإتفاق الطائف، لكن من غير المقبول إعلان فريق أنه إذا إعتدت إسرائيل على لبنان فسيتم إستقدام مقاتلين أجانب، لأن لبنان دولة ذات سيادة ولا يمكن لأي طرف أن يلعب دوره نيابة عن الدولة اللبنانية».
أضاف: «في موضوع التهجم على المملكة العربية السعودية نحن نعتبر أنها دولة في قلب العالم العربي، وعضو في جامعة الدول العربية وصديقة للبنان وتربطنا بها مصالح وليس مسموحاً تعريض هذه المصالح للخطر».
الملف الثاني الذي طال النقاش حوله داخل الجلسة من دون التوصل إلى قرار واضح بشأنه، كان آلية التعيينات الادارية، وأشارت مصادر وزارية لـ «المستقبل»، إلى أنه «تم التطرق اليه على خلفية تعيين مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان، وانطلاقاً من مبدأ أنها تستغرق وقتاً في حين أن عمر الحكومة قصير حتى الانتخابات، وتمحور النقاش حول إيجاد طريقة تعيينات أسرع من الآلية، وهل يجب أن تكون الآلية ملزمة أم لا، أو تركها إختيارية لمجلس الوزراء لأنها حالياً ملزمة له».
كما فرض موضوع «إطلاق النار العشوائي» نفسه داخل الجلسة، ولفتت المصادر إلى أنه «تم الحديث عن الشأن الامني من مختلف الفرقاء، والتشديد على أن القضاء يجب ألا يتساهل أو يتأثر بضغوط سياسية في مكافحة إطلاق النار العشوائي. كما طلب الوزير الحاج حسن كشف كل الأسماء التي تتوسط مع القضاة لإطلاق مطلقي النار، ووعد وزير العدل سليم جريصاتي بأن يقدم خلال 15 يوماً إلى مجلس الوزراء تقارير كاملة عن الموضوع». من جهته، قال الحاج حسن لـ «المستقبل»: «طلبنا من الحكومة والأجهزة الامنية أن تقوم بدورها بشكل كامل وتعاقب كل المخالفين وتؤمن الاستقرار للناس».
في المقابل، غاب الكلام في ملف البواخر الكهربائية عن مجلس الوزراء مع غياب وزير الطاقة سيزار أبي خليل، لكنه حضر في بداية الجلسة حين أعلم الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، أنه «تم إصلاح الخطأ المطبعي في النص المتعلق بقرار مجلس الوزراء حول البواخر وإعتماد الصيغة التي أعلنها وزير الاعلام ملحم الرياشي في مقررات مجلس الوزراء قبل أسبوعين وأرسل القرار إلى الجهات المختصة، كما تم إقرار المادة 60 من قانون نقابة المحررين التي باتت نقابة كل الاعلاميين في كل لبنان».
وأعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن «الانتخابات الفرعية في جبيل وكسروان يبت موعدها الاسبوع المقبل ولا يحتاج إلى مجلس الوزراء بل إلى مرسوم».
(المستقبل)