كما كان متوقعا، طار اجتماع مجلس الوزراء الذي كان مقررا اليوم لمتابعة البحث في خفض عجز الموازنة العامة بسبب «انتفاضة» العسكريين والامنيين المتقاعدين، واعتصامات المعلمين وموظفي القطاع العام وسفر رئيس الحكومة سعد الحريري لتمضية عطلة الفصح مع عائلته في الخارج.
وكان الاجتماع المالي في بيت الوسط برئاسة الرئيس سعد الحريري وحضور الوزراء ممثلي كل القوى، قرر اللقاء مرة اخرى لمتابعة المباحثات، لكن هذا الاجتماع لم يحدد موعده، ولن يحدد قبل الاسبوع المقبل.
في غضون ذلك، عقد مجلس النواب جلسة تشريعية أقر خلالها خطة الكهرباء مع تحفظ لرئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وقد استعجل رئيس المجلس نبيه بري الحكومة بإنجاز الموازنة وبتعيين هيئة ناظمة للكهرباء في غضون ستة اشهر، في حين طالب رئيس الحكومة سعد الحريري بالمحافظة على البلد، وقال ان كل ما يحكى عن تخفيضات «كلام صحف»، لكهن عاد ليقول ان العسكري يضحي من اجل بلده واذا تطلب الانقاذ تضحيته لا يتأخر.
بعد التأجيل المبرر حيال «السيدريين» المنتظرين صدور الموازنة، سارعت مختلف الاوساط الى نفي اي مس بسلسلة الرتب والرواتب، وان الخفض لن يشمل كل ما صدر بقانون وانما سيقتصر على مراسيم وقرارات وزارية، كالتقديمات الاضافية مثل ساعات العمل وجلسات اللجان وبدلات سفر وما شابه.
وزير الاقتصاد منصور بطيش قال: المطلوب اقرار خطة اقتصادية متكاملة قوامها وقف الهدر واعتماد الشفافية من خلال سلسلة اجراءات ضد التهرب الضريبي والقروض المدعومة والضريبة على القيمة المضافة وتهرب الشركات منها وعن الرسوم الجمركية والمرفأية والتعويض المرتفعة لموظفي القطاع العام.
بطيش، وهو عضو في كتلة لبنان القوي، اوضح ان ثمة من فهم تصريحات الوزير جبران باسيل في صيدا بشكل غير صحيح، واضاف: لا نريد المس برواتب ذوي الدخل المحدود.
اما تعويضات العسكريين فقد تناولها قائد الجيش العماد جوزف عون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث اتفق على ان تجتمع لجنة عسكرية من كبار الضباط مع وزير المال علي حسن خليل للتفاهم على الخطوات الممكنة لتخفيف الاعباء عن الخزانة اللبنانية، ومنها اعادة هيكلة كادر الضباط والاكتفاء بالحاجة لدى قيادة الجيش وعدم تخفيض الرواتب بالجملة وعدم المس برتب معينة تشكل نوعا من طبقة وسطى ودفع الرواتب والتعويض من دون سندات خزينة.
ويستعجل بري عرض الموازنة على مجلس النواب ولو بأرقام مرتفعة، مشيرا الى ابواب كثيرة يمكن خفضها لاحقا عبر اعادة النظر بها منها بدلات حصر الارث وانتقال الملكيات المجمدة بسبب ارتفاع الرسوم وهي تقدر بالمليارات.
رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل حمل الحكومة خطيئة خفض الرواتب، رواتب الناس الذين وظفوهم قبل الانتخابات، وعددهم يزيد عن عشرة آلاف مواطن «رغم علمكم ان مالية الدولة منهارة».
ويبقى ماذا عن الحلول المطروحة؟
الرئيس سعد الحريري قال في اكثر من مناسبة انه لن يشهد على انهيار البلد، كما انه لن يتخذ قرارا الا بالاجماع ولا خفض للرواتب.
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان وزير المال علي حسن خليل انضم الى مقترحي خفض الاجور والتقديمات للعاملين في القطاع العام وبنسبة 15% ومن ثم تقسيط المبلغ المنقوص على ثلاث سنوات، لكن خليل انكر ذلك في مجلس النواب!
المصادر المتابعة عادت واكدت ان هذا الاجراء يتناول الموظفين المتقاعدين فقط، ومن دون العاملين الذين بوسعهم في حال الاضراب شل الدولة.
وتهدف مثل هذه الخطوة الى سحب الموظفين العاملين من الشارع، بحيث يتراجع تأثير المتقاعدين وحدهم!
وضمن المقترحات عرض من الرئيس الحريري بزيادة الضريبة على فوائد المصارف من 7 الى 10%، ما يغني عن التعرض لرواتب القطاع العام.
لكن المصادر تشير الى تحفظ حاكم مصرف لبنان على هذا تجنبا لردود فعل المصارف، وتشير المصادر إلى ان ثمة من طرح البديل باجراء حاسم ومؤلم لكنه يعالج تفاقم الدين العام، بيد ان المصادر تحفظت على الخوض بتفاصيله.
في هذا الوقت، حسم مجلس الدفاع الاعلى امره باقفال المعابر غير الشرعية مع سورية وعددها 146 معبرا ومنفذا لا تخضع للرقابة الجمركية، مما يضع حدا لتهريب البضائع والاشخاص.
ولفت امس مشاركة الوكالة الوطنية للاعلام في الاضراب اسوة بباقي موظفي القطاع العام.
رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع قال في لقاء مع اعلاميين في معراب ان البلد يتجه الى الخراب وانه بين خفض رواتب الموظفين واتخاذ اجراءات تطول المصارف فهو مع الخيار الثاني، واشار الى ان المجتمع الدولي يثق بلبنان لكنه لا يثق بطبقته السياسية.
(الانباء)