في ديسمبر العام 2015، وفي ذروة التناسق الاميركي – الايراني، الذي أفضى للتوصل لاتفاقية نووية مع طهران، وقّع الرئيس السابق باراك أوباما قانون «منع التمويل الدولي لحزب الله»، بعدما صادق عليه الكونغرس بالاجماع.
بعد انتهاء حكم أوباما، في يناير 2017، كشفت التقارير الصحافية ان الرئيس السابق لم يسمح للمؤسسات الأميركية، التي كانت نظمت حملة مطاردة لنشاطات الحزب اللبناني اطلقت عليها اسم «مشروع كاساندرا»، بملاحقة قادة الحزب اللبنانيين وقادتهم الايرانيين، على الرغم من حيازة المحققين الاميركيين على اثباتات دامغة كان من شأنها ادانة لبنانيين وايرانيين بتهم تهريب والاتجار بالمخدرات والاسلحة وتهم تبييض اموال.
كانت مواجهة «حزب الله» تحوز اجماعاً اميركياً في واشنطن، بين الديموقراطيين والجمهوريين، رغم انقسام الحزبين حول ايران وامكانية التوصل الى تسوية نووية، وربما تطبيع العلاقة، مع نظامها. لكن الحزبين كانا في توافق تام حول ضرورة ملاحقة الحزب، بغض النظر عن تباين رؤيتهما حول ايران. وحده أوباما، بين الديموقراطيين، كان مندفعا لاعادة العلاقة ودية مع طهران، بما في ذلك التسامح مع «حزب الله»، بل التنسيق معه، وان بصورة غير مباشرة، عن طريق مسؤولين لبنانيين وايرانيين.
بعد انتهاء ولاية أوباما الرئاسية، بقي الانقسام بين الديموقراطيين، المؤيدين لتسوية نووية وحوار، والجمهوريين، المصرّين على مواجهة طهران بأي ثمن. وفي السياق نفسه، حافظ الديموقراطي الذي فاز بغالبية مجلس النواب، الاسبوع الماضي، والجمهوري، الذي حافظ على غالبية مجلس الشيوخ، على اجماعهما على ضرورة تجفيف منابع التمويل للميليشيات العاملة بأمر الجمهورية الاسلامية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا «حزب الله».
وفي هذا السياق، أطلّ السفير ناثان سايل، منسق شؤون مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية، ليكرر اتهامات واشنطن لطهران بتمويلها «حزب الله» بمبلغ 700 مليون دولار سنويا. وقال ان ايران تنفق قرابة مليار دولار سنوياً على التنظيمات الارهابية في المنطقة، بما في ذلك منحها حركة «حماس» 100 مليون دولار كل عام.
ومع ان سايل لم يحدد مصير الـ 200 مليون دولار المتبقية، الا انه من شبه المتوافق عليه ان جلّ الاموال الايرانية المتبقية يتم انفاقها على تنظيم «انصار الله» اليمني، المعروف بـ «الحوثيين».
ورغم وجود عدد من الميليشيات العراقية المأتمرة بأوامر ايران، الا ان هذه المجموعات تتلقى تمويلها من وزارة الداخلية العراقية في إطار «الحشد الشعبي»، الذي شارك في قتال القوات الحكومية لطرد «داعش» من مناطق شمال غربي البلاد.
وتزامنت اطلالة سايل وهجومه الاعلامي ضد «حزب الله» مع فرض وزارة الخزانة عقوبات على عدد من اللبنانيين، كان أبرزهم جواد نصرالله، نجل الأمين العام للحزب حسن نصرالله.
وجاءت العقوبات على جواد في ظلّ تعالي الاصوات الأميركية ضد «الميليشيات الالكترونية» التي ينظمها ويمولها الحرس الثوري الايراني، والتي تقوم بشن هجمات تهكير على مواقع تابعة للولايات المتحدة وحلفائها حول المنطقة.
وتعتقد اوساط واشنطن ان جواد هو من الناشطين وقياديي «الميليشيات الالكترونية» التابعة لايران.
وكانت دراسة صادرة عن «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات»، اشارت الى تزايد الهجمات الالكترونية الايرانية، وخصوصا ضد دول الخليج، كساحة تدريبات للمهكرين الايرانيين لشن هجمات محتملة في وقت لاحق ضد مواقع اميركية. واشارت الى ان ايران رفعت موازنتها السنوية المرصودة لنشاطاتها على الانترنت من 76 مليون دولار سنوياً في 2011، الى مليار دولار مع حلول 2016.
(الراي)