خاص lebanon on time _ خالد أبو شام
لم يكفِ اللبنانيين المصائب التي يعيشون بها من انهيار اقتصادي وانقطاع كل الخدمات الأساسية لدرجة عدم قدرة الناس على الاستمرار، حتى جاء دور الانفلات الأمني الذي يشكّل آخر أركان الصمود التي ما زالت ممسوكة حتى الآن بشكلٍ أو بآخر.
تتفاقم الأحداث الأمنية يوميا، من سرقات وتشليح وتصفيات على أنواعها، وإطلاق الرصاص “على الفاضي و المليان” نتيجة انتشار السلاح المتفلّت بشكلٍ كبير، ما يؤكّد على أن الوضع الأمني في طريقه إلى الانهيار الحتمي إذا لم تبادر الأجهزة الأمنية المختصة ألى التحرّك الفوري لإمساكه. ويعود السبب الأكبر وراء الحوادث الأمنية اليومية، والتي تحصل على طول الأراضي اللبنانية، نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية، والشلل الكبير في كل مفاصل الدولة وأجهزتها، لا سيما الأمنية منها، حتى باتت الدولة عاجزة عن القيام بأي إجراءات لمعالجة الأمر، في ظلّ الوضع السياسي المتأزّم في البلاد.
أما في طرابلس التي تدفع الفاتورة الأكبر في هذا التفلّت الأمني، فالأمر مختلف، حرمانٌ وجوعٌ وبؤسٌ يعانيه غالبية سكانها، ما يجعلها أرضًا خصبة للزعران الخارجين على القانون وتجار المخدرات، وبؤرةً سهلةً للصراعات وتصفية الحسابات السياسية، فبعد ليلةٍ دامية شهدتها المدينة نتيجة سطوٍ مسلّح على إحدى المحلات التجارية لبيع الهواتف، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى، يعود الهدوء إلى شوارعها التي تنبض بالأمل رغم كل المآسي، والتي
تعكس أهواء أبنائها الذين يعشقون الحياة ويكرهون روائحَ الموت التي لطالما أُريدَ لها أن تفوح في هذه المدينة لمخططات بغيضة يقف وراءها ثلّةٌ من شياطين السياسة والمؤامرات الذين سيفشلون وتفشل مخططاتهم بهمّة أبناء طرابلس المتكاتفين، والنابذين لكلّ مظاهر العنف والفوضى، مؤكدين أن لا مجالَ للفتنة في هذه المدينة المُحبّة والحاضنة لكلّ أبنائها.
ومن جهته، أجرى وزير الداخلية القاضي بسام مولوي اتصالا بمدير عام قوى الأمن الداخلي عماد عثمان مشددًا على منع العبث بأمن المدينة وأهلها، و ضرورة مكافحة هذه الجرائم التي يذهب ضحيتها الأبرياء يوميا، كما يستعدّ مجلس الأمن المركزي إلى عقد جلسة استثنائية قبيل ظهر السبت للتباحث حول آخر المستجدّات، ولإقرار خطة أمنية في المدينة.
وفي المعلومات أن استخبارات الجيش تمكّنت من توقيف أحد الأشخاص المشاركين في اعتداء الأمس على محل الهواتف، فيما لا تزال التحقيقات جارية لتوقيف البقية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو هل من شيء من نوع آخر يُحضّر لطرابلس بعدما أثبتت ولاءها للدولة والقانون؟ وهل من قرار اتُّخذَ لزعزعة الأمن في لبنان انطلاقًا منها قبيل انتهاء هذا العهد لأغراض وحسابات سياسية؟