المناكفات اللبنانية تحجب الحكومة لكنها تُحَلّ عندما يحين الوقت
ميرا جزيني عساف:
لم تكن غير متوقّعة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة تشريعية عامة مطلع الأسبوع المقبل. فتعثّر تشكيل الحكومة ودخول مسار التأليف الشهر الرابع من دون بروز أي مستجدّات إيجابية جعل الدعوة الى التشريع عادية بالنظر الى أنّ الشلل في تأليف الحكومة لا يمكن أن ينعكس شللا في المؤسسة التشريعية التي كان يُفترض أن تنطلق بزخم وإيجابية بعيد انتخاب مجلس نيابي جديد، طال انتظاره.
يرى خبراء دستوريون أنّ الجدل الذي يطرأ في كلّ مرة يُطرح فيها موضوع التشريع في ظلّ حكومة تصريف أعمال، غالبا ما يُبتّ في السياسة بغضّ النظر عن وجهات النظر التي تستند الى الدستور في تشريعه أو تحريمه. ويشرحون أنّ المعضلة الأساسية تتمحور حول ما إذا كان التشريع مُقتصرا على اقتراحات القوانين التي يتقدّم بها النواب أو المشاريع التي كانت قد تقدّمت بها الحكومة، لأن من حق الأخيرة بموجب مرسوم يصدره رئيس الجمهورية، أن تستردّها وهي غير قادرة على ذلك في ظلّ حالتها كحكومة تصريف أعمال. من هنا، يضيف هؤلاء، يأتي اعتراض بعض الأطراف السياسية على التشريع بالمعنى الواسع، ومطالبتهم بأن يكون «تشريعا على القطعة» ويقتصر على اقتراحات القوانين التي يتقدّم بها النواب، لا على تلك المُحالة الى المجلس من الحكومة.
وبانتظار تبلور مواقف القوى السياسية من الجلسات التشريعية التي دعا إليها الرئيس بري الاثنين والثلاثاء المقبلين، نهارا ومساء، لدرس واقرار مشاريع واقتراحات القوانين المُدرجة على جدول الاعمال، يخفت الجدل السياسي وتبادل الاتهامات حول عملية التشكيل وكأنّ مسار التأليف دخل في المجهول في ظلّ معرفة ضمنية لدى الافرقاء السياسيين جميعا بأنّ الوقت لم يحن بعد لتبصر الحكومة النور، إمّا مراعاة لرغبات داخلية تتقاطع مع الإقليم وإمّا انتظارا لطارئ ما، من شأنه حسم الملفّات الساخنة في المنطقة التي تقف على شفير منطعفات كبيرة.
وليس بعيدا من هذه التطوّرات، خلط الأوراق الكبير الذي يجري على مستوى المنطقة برمّتها من باب تداعيات صفقة القرن وتوقّف واشنطن عن تمويل منظّمة «الأونروا» وما يطويه هذا القرار من إرادة بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في دول اللجوء، ولبنان من بينها، إضافة الى الفصل الأخير من مسلسل الحرب في سوريا وما يتمّ نسجه من تسويات بأياد روسية تربط مع أطراف أساسية في النزاع تبدأ بإيران ولا تنته باسرائيل. ولا يغفل عن بال مراقبين، ربط هذه المستجدّات برمّتها بمصير الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، وما يتعرّض له من حرب داخلية يُحكى أنّها تهدف الى تطييره قبل انتهاء ولايته، وليس آخرها كتاب الصحافي الاميركي الاستقصائي بوب وودورد تحت عنوان «الخوف: ترامب في البيت الابيض» بعد الإصدار الشهير لمايكل وولف «نار وغضب في البيت الابيض». وينتظر كثيرون في الداخل الأميركي كما في العالم ما ستكون عليه ردّة فعل ترامب، علما أنّ كشف وودورد لفضيحة ووترغيت دفع الرئيس الأميركي آنذاك ريتشارد نيكسون، في العام 1974، الى الاستقالة. ويعوّل هؤلاء على ان يدفع وودورد بكتابه ترامب الى خطوة مماثلة بعد أربعة وأربعين عاما على خطوة نيكسون. وعليه، تبقى المناكفات اللبنانية مجرّد تفاصيل ستُحلّ حكما عندما يحين وقتها.