Lebanon On Time –
لا يمكن تصوّر المدى الذي قد يبلغه محور «الممانعة» في اللجوء إلى كل الوسائل من أجل الحفاظ على السلطة، فالرئيس السابق ميشال عون شكّل الغطاء لهذا المحور طوال السنوات الستّ الماضية، في حين يراهن هذا المحور على رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية لاستكمال مسيرة عون بصورة منقّحة.
كان جواب الرياض صادماً للمحور وقد تبلّغه رئيس مجلس النواب نبيه برّي من السفير السعودي وليد البخاري الذي شدّد على انتخاب رئيس سيادي وإصلاحي ورفض مرشح «حزب الله»، وبالتالي سقطت الصورة التي حاول فرنجية رسمها لنفسه من انتمائه إلى محور «حزب الله» وقدرته على نيل رضى المملكة العربية السعودية. ويراهن «الثنائي الشيعي» على دفع فرنسا الرئاسي، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يبحث عن تحقيق انتصار ولو وهميّ، وهو لا يمانع وصول فرنجية إلى بعبدا، لكنه ليس «مستقتلاً» كما يصوّر محور «الممانعة» هذا الأمر.
ومن جهة ثانية، يعمل داعمو فرنجية على ابتزاز أوروبا، وفرنسا على وجه التحديد، فكلام برّي أمام نقابتَي المحرّرين والصحافة عن قدرة فرنجية على الحوار مع النظام السوري من أجل إعادة النازحين هو رسالة إلى «القارة العجوز» ومفادها، إذا لم تمنحونا ما نريد رئاسياً فسنفتح شواطئ البحر الأبيض المتوسط أمام «جحافل» النازحين السوريين ليصلوا إلى كل أوروبا.
وبما أن فريق «الممانعة» يملك «أوركسترا»، فقد تابع رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب ما أطلقه برّي بشأن تهديد فرنسا وأوروبا، وقال: «تسهيل لقاء باريس إنتخاب سليمان فرنجية يُنقذ ما تبقّى من مؤسسات في لبنان وإلا فنحن ذاهبون إلى الخراب الكامل والفوضى والهجرة الكثيفة باتجاه أوروبا».
وليس خافياً على أحد عمل أوروبا الدؤوب على حفظ استقرار لبنان ومنع انهياره ودعمه لكي لا تسيطر الفوضى العارمة، وكذلك تُبدي الولايات المتحدة الأميركية كل الإهتمام باستقرار لبنان، لكن ما غاب عن محور «الممانعة» أنّ باريس وواشنطن تريان مدخل الإستقرار بتلقّي لبنان جرعات دعم مالية واقتصادية من دول الخليج وتحديداً من السعودية، في حين يُشكّل إنتخاب رئيس من 8 آذار إمتداداً لعهد عون ومزيداً من الفوضى الإقتصادية واستطراداً الفوضى الأمنية، وعندها فعلاً ستسير قوافل النازحين باتجاه أوروبا وليس إذا لم يُنتخب فرنجية.
وتطمئنّ المعارضة إلى موقف الدول الخارجية من الإستحقاق الرئاسي، فكل محاولات الترغيب التي يقوم بها هذا المحور عبر باريس وجهات أخرى لن تُقنع المملكة العربية السعودية بالسير بخياراتهم. وفي المعلومات، فقد أبلغت الرياض من يعنيهم الأمر أن انتخاب فرنجية في الشكل قبل المضمون يُشكّل إنتصاراً لـ»حزب الله» ومن خلفه إيران، ولن تمنحهما المملكة إنتصاراً كهذا.
وتستمرّ محاولات «حزب الله» مع رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل لإقناعه بخيار فرنجية، لكن لم يُكتب النجاح لهذه المحاولات حتى الساعة، إذ لا يزال «الفيتو» البرتقالي موضوعاً على فرنجية ولم يتنازل عنه باسيل على رغم كل محاولات الترغيب والترهيب من «الحزب» وأبرزها إعطاء باسيل وعداً بأن يكون هو مرشح «حزب الله» للرئاسة في الدورة المقبلة.
وترسم تعقيدات الداخل وعدم وضوح الرؤية الخارجية مزيداً من الضبابية في الصورة الرئاسية خصوصاً مع وضوح الموقف السعودي الرافض تسليم رئاسة الجمهورية لمرشح «حزب الله»، وضعف تأثير الفرنسيين على الساحة اللبنانية وعدم قدرتهم على تغيير مسار الأمور.
لن تنفع كما يبدو رسائل تهديد محور «الممانعة» لأوروبا بأزمة النازحين، لأن الحل والربط ليسا موجودين في «القارة العجوز» بل يتجاوزانها ليصلا إلى عواصم القرار المعنيّة مباشرة بالشأن اللبناني، ما يدلّ على أن لا رئيس قريباً.
االمصدر:نداء الوطن