خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه –
يأتي السمكري إلى البيت.ينظر إلى الحنفيّة التي تهرّب الماء.يقول، إنّها مشكلة جلود.يفكّها بسرعة لافتة، يستغرق تصليحها حوالي 15 دقيقة..وكلّ شيء تمام.تسأله عن التكلفة.لا يتأخّر بالإجابة:لن أطلب الكثير.فقط 10$، إضافة الى ثمن الجلود طبعاً!
ذاك الذي قال عنه الشاعر، ذات قصيدة “كاد المعلّم أن يكون رسولا..”، بات في نظر القاضي ممثّل الحزب التقدّمي الإشتراكي وزير التربية الميمون، يساوي 5 دولارات ليس إلّا، ومقابل 8 ساعات متواصلة من الشرح والتعليم والتربية في قاعات الصفّ، عدا التحضير وتصحيح المسابقات في المنزل:يا للعار، يا للسقطة الأخلاقيّة، يا معالي عبّاس الحلبي!
لا تعني هذه المقارنة أنّ السمكري لا يستحقّ الدولارات العشرة، أو أنّ مهنته لا تستحقّ التقدير، فبالعكس إنّما المقصود هو أنّ “المعلّم” لا يجوز أن تكون قد هبطت مهنته الى دون المستوى، خاصة وأنّ هذا الهبوط الأخلاقي يتأتّى من أهل البيت، من الوزير القيّم على تربية الأجيال. فقد كان أحرى به – إذا فعلاً لم يجد المال اللائق بمهنة التعليم – أن يتناول المسألة بلياقة أكثر طالما أنّه لا يملك مالاً أكثر!
وما يزيد الطين بلّة وخوفاً على الوطن والمستقبل، أنّ روابط المعلمين، التي طالما مثّلت مصالح هذه الشريحة الإجتماعية التي تشكّل صمّام أمان المجتمع لجهّة تكوينها الطبقة الوسطى ولجهّة أنّها المسؤولة عن وعي الأجيال الجديدة، قد سقطت بدورها في لعبة السلطة، وابتعدت عن النضال النقابي الوطني، ما حوّلها الى أداة بيد السياسيين، تلبّي مصالحهم وحساباتهم على حساب مصالح مختلف فئات المعلمين!
هل وصلنا الى الحضيض، في الوطن الذي كان منارة الشرق ومدرسة العرب؟نعم، وصلنا، طالما أنّ تسعيرة “المعلّم” باتت 5 $ في نظر من يفترض به أنّه يمثّل فكر وتقدّمية كمال جنبلاط، ومبادئ الحزب الذي يحمل لواء الإشتراكية، على علّاتها!