المطران ضاهر: نأمل ان يرسخ العيد المبارك الحكمة والمحبة بين اللبنانيين.
المطران ضاهر: نتمنى توطيد العلاقات الصادقة والحوار البناء بين المسؤولين في ادارة شؤون البلاد.
المطران ضاهر: ادعو الى التشبث بالارض ونبذ ثقافة الخوف والفتنة والتفرقة.
ترأس راعي ابرشية طرابلس وسائر الشمال للروم الكاثوليك المطران ادوار جاورجيوس ضاهر، قداسا احتفاليا في كنيسة القديسين بطرس وبولس في البترون، لمناسبة عيد شفيع الكنيسة، عاونه المونسنيور الياس البستاني، متقدم الكهنة ميشال بردقان، خادم الرعية الاب بولس المرديني، والاباء خليل الشاعر، باسيليوس غفري، البير نصر، عبدالله سكاف والشماس عيسى نمر، بمشاركة فاعليات ومؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى المطران ضاهر عظة امل خلالها “ان يرسخ العيد المبارك الحكمة والمحبة بين اللبنانيين وان يوطد العلاقات الصادقة والحوار البناء بين المسؤولين في ادارة شؤون البلاد “، ودعا “الى التشبث بالارض ونبذ ثقافة الخوف والفتنة والتفرقة والعمل على زرع بذور المحبة والسلام والايمان بالوطن”.
وقال:”يسعدني جدا أن ألتقي بكم مساء هذا اليوم في عيد القديسين بطرس وبولس شفيعي كنيستكم رعيتكم. وأحيي كل واحد منكم وأحيي خصوصا كاهن الرعية الأب بولس المرديني والذين يساعدونه في إدارة الرعية وتنشيطها، وأحي كل إنسان مسيحي مؤمن ملتزم وغيور على خدمة الكنيسة والنفوس”.
واشار الى ان “الذكرى السنوية لعيد القديسين بطرس وبولس في 29 حزيران شفيعي هذه الكنيسة المقدسة، تعتبر حدثا مهما في الكنيسة وخصوصا لبطريركية إنطاكية وسائر المشرق التي يعتبر بطريركها خليفة في كرسيه للرسولين العظيمين اللذين يعتبران بحق، هامتي الرسل ومؤسسي الكنيسة. نبدأ بلفت النظر إلى أن معظم تذكارات القديسين مخصصة لكل منهم إفراديا (القديس نيقولاوس، جاورجيوس…)”.
ولفت الى ان “هذه الذكرى تجمع القديسين في نهار واحد وللأمر مغزى كبير وعبرة. لقد كان الرجلان مختلفين في كثير من الأمور، فبولس كان ذا ثقافة عالية، وخصوصا في مجال الشريعة، بينما كان بطرس شبه أمي يزاول مهنة صيد السمك. وكان بولس من عائلة ذات نسب رفيع بينما أتى بطرس من عائلة متواضعة، الأول كان روماني الجنسية، بينما كان الثاني يهوديا بسيطا. إلا أن ما يجمع هذين العظيمين هو اندفاعهما العظيم وغيرتهما وتحملهما المشاق في سبيل البشارة، ومحبتهما لا سيما لبعضهما البعض، واستشهادهما في سبيل إيمانها. لذا قليلا ما نراهما إفراديا في أيقونات مخصصة لكل منهما وغالبا نراهما إما في عناق محب أو يحملان مجسما يمثل الكنيسة”.
اضاف:”إن الفرق بينهما شاسع حيث أن الرسول بطرس كان منذ البداية تلميذا مخلصا للمسيح وكان شاهدا على كل ما كان يحدث حول المسيح منذ بداية خروجه إلى الكرازة. وعلى العكس، كان الرسول بولس عدوا للمسيح وخصما له إذ أنه لم يكن يؤمن به كمسيحيا ويعتبره نبيا كاذبا، فخرج إلى الكرازة ليس للتبشير بالإنجيل، بل ليضطهد المسيحيين، فما الذي جرى لهذا وذاك”؟
وقال:”كان الرسل الاثنا عشر كلهم قد عرفوا المسيح منذ البداية، وأود أن أقول إنهم كانوا قد عرفوه قبل أن يبدأ عمله التبشيري وخدمته للعالم. فعلى سبيل المثال نحن نعرف أن نثنائيل كان يعيش في قانا الجليل على بعد كيلومترات معدودة من المكان الذي ولد فيه المسيح، كما كان باقي الرسل قد قضوا طفولتهم وشبابهم ليس بعيدا عن هناك. وبرز منهم الرسول بطرس بأنه كان أول من اعترف بالمسيح كابن الله، كالإله الذي جاء إلى الأرض بجسده ليكون تجسدا للمحبة الإلهية ويبذل حياته لخلاص العالم”.
واعلن “ان الرسول بولس كان مضطهدا، ولم يكن يؤمن بالمسيح سابقا وكان يكرهه ويضطهده، وجد نفسه فجأة وجها لوجه مع المسيح القائم من بين الأموات. كان جميع الرسل شهودا على حياة المسيح وصلبه وموته ولكنهم قابلوه فور قيامته، أما بولس فقابله بعد فترة من الوقت فأصبح إنسانا مختلفا تماما بعد ذلك اللقاء. بذل كل حياته ليبشر بالمسيح المصلوب والقائم، بحسب قوله. إن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيماننا. يمكن فهم هذا الكلام بسهولة: فلو لم يكن المسيح قد قام، لوجدنا أنفسنا نعيش في كذب وخيال، في عالم غير حقيقي، في عالم الهذيان”.
وتابع:”هذان هما الرسولان اللذان نقيم تذكارهما. لم يكن الرسول بطرس رجلا مثاليا من كل النواحي، شأنه شأن الرسول بولس. كان الرسل كلهم أناسا طبيعيين حقيقيين، وعندما تم القبض على المسيح في بستان جتسيماني ومحاكمته امتلكهم الخوف فهربوا. أما بطرس فكان قد أنكره. ولكن فيما بعد أصبحوا مبشرين عديمي الخوف، ولم يكن من الممكن أن يفصلهم عن المسيح لا العذاب ولا الصلب ولا السجن. كانوا يبشرون فأصبحت تلك الكرازة بالفعل ما يسميها بولس الرسول: إيماننا الذي غلب العالم. وها نحن نحتفل بعيدهم مبتهجين بلقاء المضطهد المتعصب والمؤمن منذ البداية في إيمان واحد وهو الإيمان بانتصار المسيح بالصليب والقيامة”.
وقال:”القديس بولس الذي ظهر حوله نور من السماء سقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له: شاول، شاول لماذا تضطهدني وعلم أنه المسيح فنهض وكان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحدا. واقتيد إلى دمشق حيث ذهب إلى الرسول حنانيا بعد رؤيا وتكليف من يسوع ليبشر شاول ويسقط الغشاوة (عمى القلب) عن عينه ويعمده. لذا نراه يشدد في رسائله على رحمة الله تجاه جميع البشر، كونه اختبر هذه الرحمة المعطاة للجميع من دون شرط. وقد بشر بأن الإنسان يتبرر أمام الله بالإيمان وليس بالأعمال حصرا لأن الخلاص (من الخطيئة، من ألانا) معطى مجانا عبر رحمة الله في المسيح يسوع. ورأى أن صليب المسيح هو مجد الله ووسيلة الفداء ومصالحة الناس مع الله وهم البعض”.
وتابع :”فباسم المحبة التي تجمعنا مع القديسين بطرس وبولس، جئت بكلمتي هذه، طالبا شفاعة وبركة وجرأة القديسين بطرس وبولس، ومعايدا ومصافحا جميع المشتركين مع في هذه الذبيحة الإلهية وجميع الذين يقيمون هذا العيد أو الذين يحملون اسم بطرس أو بولس، وأخص بالمعايدة الصادقة كاهن هذه الكنيسة قدس الأب الحبيب بولس متمنيا له دوام الصحة والعافية والعمل على خدمة النفوس، كما أتقدم بالمعايدة القلبية لجميع أبناء هذه الرعية المباركة الحاضرين منهم والغائبين، متمنيا لهم جميعا الصحة والعافية، والمزيد من التقدم والتعاون والعطاء لما فيه خير الكنيسة الطائفة والناس والعباد. وواجب علينا أن نستذكر بالصلاة والرجاء، جميع الذين رقد منهم على رجاء القيامة”.
وختم:”يهمني جدا أن أخص بالشكر، جميع الذين سهروا على تنظيم وتحضير هذا الاحتفال الكنسي الرائع، وعلى رأسهم لجنة الوقف والجوقة والشبيبة وجميع أبناء الرعية دون استثناء أحد، كما أشكر رجال الصحافة والإعلام المقروء والمسموع والمرئي (بخاصة محطة تيلي لوميار ونور سات، التي تنقل هذا الاحتفال مباشرة)، وشكري الكبير لكل ضباط وعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والشرطة البلدية. واختم مصليا، ربي وإلهي أنت تعلم أني أحبك، وقد وضعتني في مصاف الاثني عشر رسولا، فأضرع إليك أن تكون دائمأ معي، وتقول لي ما قلته لبطرس الرسول “ارع خرافي، ارع نعاجي”، ولا تخف فأنا معك”.
ثم تقبل ضاهر والاباء التهاني بالعيد، واقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.