ترأس متروبوليت طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، قداس هجمة عيد الفصح في كاتدرائية مار جاورجيوس في محلة الزاهرية في طرابلس، عاونه المونسيور الياس البستاني والخوري باسيليوس غفري، وبحضور الدكتور سعد الدين فاخوري ممثلا الوزير السابق اللواء اشرف ريفي وحشد كبير من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، دعا ضاهر المسؤولين الى تحمل واجباتهم الوطنية والعمل على وضع قانون إنتخابي عادل يحقف آمال جميع اللبنانيين ويحافظ على التمثيل الصحيح وعلى الوحدة الوطنية، وقال: أحييكم بتحية القيامة، تحيّة الفرح والانتصار على الموت: “المسيح قام – وحقاً قام”.
هي تحية من تراثنا المسيحي المشرقي، ومن صلب إيماننا بحدث تاريخي فريد، لا بل وحيد، في تاريخ الخليقة كلّها، وقيامة السيد المسيح من بين الأموات هي القاعدة والأساس للمعتقد المسيحي كله: “تألم ومات وقبر وقام في اليوم الثالث …” هذا ما نردده في قانون إيماننا كل يوم في الذبيحة الإلهية وخارجها، وبدون هذا الإيمان بالقيامة، تمسي صيغة الإيمان هذه بكل بنودها، لا قيمة لها وكلاماً بلا مستند.
اضاف:” قيامة المسيح، هي عربون قيامتنا، فالمسيح إنَّما قام ليقيمنا نحن أيضاً، وليزيل من نفوسنا أعمق قلق عرفته البشرية، عبر أجيالها وحضاراتها وتساؤلاتها: هل الإنسان رهين دنياه؟ أم له، من بعد هذه الدنيا، استمرار حياة ووعد بخلود؟
ما بالنا، أيّها الأحبة، نفتش عن قدرنا من بعد الموت؟ وما بال بعض الفلاسفة والمفكرين، يتلهون باحاديث العدمية أو التقمص، أو غير ذلك من حلول وأجوبة لا تشفي ظمأ الإنسان، ولا تُروي غليل القلب المشدود أبداً إلى حلم الخلود؟ لماذا كل هذا القلق؟ فما دام المسيح قام، فنحن أيضاً مثله سنقوم! … واسمعوا ما قاله القديس بولس الرسول:
فالإنسان، في نظر الإيمان المسيحي، جسم ترابي بانتظار تحوله، عبر الموت، إلى جسم روحاني، تماماً كالجسم الذي ظهر به المسيح بعد قيامته. “المسيح هو باكورة الراقدين وبكر بين الأموات” كما يقول القديس بولس الرسول (1كور 15/20)، ولذلك فما جرى للمسيح سوف يجري لكلِّ واحدٍ منّا، وسنقوم بعدَ الموت بأجسادٍ روحانيّة.
إنما قيامتنا هذه، يجب أن تتحقق، ونحن ما زلنا نعيش على هذه الأرض، في جسدنا الترابي، لأنه كيف تكون قيامتنا مجيدة يومَ الدينونة، إذا لم نجعل من سيرتنا الأرضية، سيرة قيامية، بابتعادنا عن الشر والخطيئة، وعبورنا من عبودية الخطيئة والشيطان، الى حرية البرارة وأبناء الله؟
وتابع:” إن أفضل طريقة لقتل الشر فينا، لقتل الوحش في إنساننا العتيق، وقيامتنا من موت الخطيئة، إنَّما هي الصلاة! …
فلنصل كلنا لأجل كلنا، ولأجل وطننا لبنان، لنصل في كنائسنا ومدارسنا، في بيوتنا ومراكز عملنا.
لنصل بكل الصدق والإيمان، وفي كل زمان ومكان، ولنعلم أطفالنا خاصة، أن يصلّوا، مصلين نحن أمامهم ومعهم،
إن طفلاً واحداً، باستطاعته أن يخلص لبنان، بل العالمَ أيضاً، إن هو ضم يديه، كل مساءٍ وصلى مع والديه وإخوته قائلاً : “أبانا الذي في السماوات … ” ” والسلام عليك يا مريم … ”
– فيا مريم، يا سيدة لبنان، يا والدة الإله الناهض من بين الأموات، ظللي وطنَنا لبنان وأعيدي إليه السلام والوئام والعيش الكريم – الهانئ، باركي كل شعبه، وبخاصةٍ المسؤولين عنه، إجعليهم يعودون إلى ذواتهم، ويتوبون إلى الله وإلى بعضهم بعضاً، ويعيدون النظر في مبادئهم ومثالياتهم، ومفاهيمهم للوطن، وللخير العام وللعيش معاً، ويدركون المعنى الحقيقي للتعامل السياسي، والتعاطي الاجتماعي، وسائر ما يكوِّن مصيرَ وطننا لبنان وكلّ اللبنانيين.
واردف:” كلنا، مسيحيون ومسلمون، نتشارك في وطن واحد لبنان، كلنا نريد الأشياء نفسَها ونطالب بها، ألا وهي: التمتّعُ بالأمن والاستقرار والحرية والعيشة اللائقة والكريمة. لذلك ندعو رجال الدولة والسياسة والزعماء، إلى الجلوس معاً والعملِ معاً على تحييد لبنان عن صراعات المحاور الدولية والإقليمية، ليكون منطلقاً للإستقرار والأمنِ والسلام في المنطقة، ومساحةَ لقاءٍ وحوار للجميع. كما ندعوهم تحمل واجباتِهم الوطنية والعمل على وضع قانون إنتخابي عادل يحقف آمال جميع اللبنانيين ويحافظ على التمثيل الصحيح وعلى الوحدة الوطنية.
ونحن إذْ ننعم بالأمن، نشكر ونحيّي جميعَ الأجهزة العسكرية والأمنية وعلى رأسهم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، قيادة وضباطا ورتباءَ وعسكريين.
وختم:”في هذا الفصح المجيد، أغتنم هذه الفرصة لأتمنى لكل واحد منكم صغارا وكبارا، شبابا وكهولا، رجالا ونساء، وخاصة لكاهن هذه الكاتدرائية الأرشمندريت الحبيب الياس البستاني، وللأب باسيليوس غفري، قيامة مباركة، ولنتأمل معا بهذا اليوم السني “الذي صنعه الرب” “ولنفرح ونبتهج به” ولنسأل العذراءَ مريم، والدةَ الإله، أن تقربنا دوما من القائم بمجد من بين الأموات. فللمسيح القائم المجد والعزة والإكرام إلى دهر الداهرين. آمين
المسيح قام!.. حقا قام!..
بعد القداس تقبل المطران ضاهر التهاني من المشاركين في القداس.