احتفل رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف، إحياء لعيد مار ميخائيل رئيس الملائك، بالقدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة مار ميخائيل- الزّاهريّة- طرابلس، بمشاركة حشد كبير من المؤمنين.
وبعد الانجيل المقدس القى المطران سويف عظة قال فيها:
في هذا اليوم المبارك نتقدّم منكم جميعاً بالتمنيات الحاّرة بعيد رئيس الملائكةمار ميخائيل، طالبين من الرب أن ينعم علينا بمواهب روحه القدّوس حتّى نتغلّب على الشرّ والسوء فننشر الرجاء والإيمان والمحبّة.
في هذا الأحد، أحد تقديس البيعة وتجديدها، تبدأ الكنيسة المارونيّة السنة الطقسيّة التي تتحرك وفق إيقاع أسبوعي، قلبُه ومحورُه هو يوم الأحد، يومُ الربّوتذكار القيامة. ترتكز مسيرة السنة الليتورجيّة في تعاقب الأيّام والأسابيع، على شخص يسوع المسيح وعيش سرّ موته وقيامته إنطلاقا من الميلاد والدنح، الى الصوم والقيامة فالعنصرة والصليب وكلِّ الأعياد السيديّة والمريميّة وأعياد الشهداء والقدّيسين التي ترتبط لاهوتيّاً وليتورجيُّا بيوم الأحد أي بفصح الرّب. فما دورة السنة بأعيادها وتذكاراتها إلاّ حركة تصاعديّة تَدخل فيها الجماعة المؤمنة في اتّحادٍ مع المسيح ومع كلّ إنسان لا سيّما الفقير والمجروح والمتألّم.
اضاف: نحن مدعوّون هذا العام أن نعيش أزمنة السنة الطقسيّة بأبعادها الروحيّة والرعويّة والكنسيّة في إطار المسيرة السينودسيّة التي دعا إليها البابا فرنسيس، والمرتكزة على طبيعة الكنيسة – الشركة والمشاركة والرسالة. تكمن الشركة في عيش ليتورجيّا الإفخارستيّا حيث يُشركنا الربّ يسوع في فصحه من خلال المائدة المقدّسة. أمّاالمشاركة فهي اشتراك الجماعة المؤمنة ليس فقط بالخيرات الروحيّة عبر المسيرة الكنسيّة والليتورجيّة، بل أيضاً في الخيرات الزمنية التي تعبّر عن محبّة الله التي تطال قلب الإنسان. ويأتي نداء الربّ يسوع، ليُرسل الجماعة فتشهد للوحدة في عالم منقسم وللرجاء في خضمّ الأزمات فتساهم في نشر السلام وبناء المحبّة.
وتابع: نشكر الربّ في هذا الأحد المبارك، على الزيارة الرسوليّة للبابا فرنسيس الى البحرين والتي تتميّز بمشاركة الكنائس والأديان في الصلاة والحوار، لأجل ترسيخ العيش المشترك واكتشاف جمال الأخوّة الإنسانيّة وغناها. إنّها صورة بهيّة ومتناغمة يحتاجها عالم اليوم في مناطق عديدة، والذي عِوض أن يتقدّم نحو السلام والإستقراروالإزدهار نراه يعود الى الوراء في تبنّي منطق العنف والحرب وإلغاء الآخر. فالناس مدعوّة أن تعيش الرحمة والمغفرة وتنهج نهج الحوار والمصالحة وتنقية الذاكرة لضمان مستقبل الأجيال الصاعدة. فلنصلّي على نيّة نجاح هذه الزيارة حتّى تؤتي بثمارٍرةحيّة وإنسانيّة للشرق الأوسط المجروح والمتألّم من جرّاء العنف والحروب.
واردف: فما أجمل أن يلتقي الإنسان مع أخيه الإنسان، في تنوّعٍ ليس فيه خوفٌ من الآخر بل غنى التلاقي والتفاعل، للخير المشترك الذي يهدف أوّلاً وأخيراً الى صون كرامة المواطن. هذا هو لبنان، بطبيعته ورسالته، وتمايزه في العيش المشترك والواحد في حياة الناس اليوميّة، وهذا ما يجب علينا أن نحافظ عليه ونطوّرَه بروح المواطنة والإنتماء الراسخ الى الوطن الحبيب لبنان. هذه هي هويّتنا اللبنانيّة المهدّدة بالانحراف عن مسارها الوطنيّ السليم. تعالوا نتكاتف لإنقاذ الوطن الذي هو عطيّة الله الثمينة لجميع اللبنانيّين.
واشار: نعم أيّها الأحبّاء، أضمّ صوتي الى أصوات جميع اللبنانيات واللبنانيين مطالبين القيّمين والمسؤولين في إنجاز الإنتخابات الرئاسيّة ومن بعدها تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، رأفة بالمواطنين المقهورين والمظلومين وهم الأكثريّة الساحقة في الوطن. ومدينتنا الحبيبة طرابلس هي أكبر شاهدٍ على اللامبالاة أمام معاناة الناس وهجرة العيال التي تفضّل رحلة الموت في البحار عن موتٍ يوميّ تواجهه في حياةٍ غير لائقة وكريمة.
نعم! لبنان يحتاج الى ترميم الثقة التي خسرها أمام أهله وأمام المجتمع الدوليّ،وكلّنا مسؤولٌ عن إنقاذ الوطن وإعادة بنائه. فلبنان يستحقّ أن يستعيد دوره الرائد على المستوى الثقافي والإقتصادي والإجتماعي بانفتاحه وتفاعله مع جميع أصدقائه الّذين ما زالوا يرَون فيه منارةً في هذا الشرق.
وختم: أيّها الأحبّاء، فليكنْ هذا العيد وقفةً صادقةً أمام الله وأمام الذات، نسأل رحمتهونِعَمَه. فالربّ يسير معنا في الطريق ولن يتخلّى عنّا، هو قوّتنا وملجانا، يباركناويقودنا الى ميناء القيامة بشفاعة العذراء مريم والملاك ميخائيل وجميع الأنبياء والرسل والشهداء، له المجد الى الأبد.
بعد القداس تقبل سويف التهاني بالعيد من المشاركين.