لم يبعث اللقاء الشهري الأخير بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة وجمعية المصارف، بمؤشرات تفاؤلية، رغم تطمينات الحاكم رياض سلامة خلال اللقاء، حول الوضع النقدي واستقرار الليرة، وحرص الجهات الخارجية بما فيها الجهات الاميركية على عدم تعريض الاستقرار في لبنان الى أي اهتزاز.
نتج عن اللقاء الذي تمّ التداول خلاله في آخر المستجدات، إصدار جمعية المصارف تعميماً برفع معدل الفائدة المرجعية في سوق بيروت مئتي نقطة أساس، وهي نسبة تعتبر كبيرة مقارنة بالتعديلات الروتينية الطفيفة والتي لا تُذكر على معدل الفائدة المرجعية.
في التفاصيل، أصدرت جمعية مصارف لبنان أمس، تعميماً الى الادارات العامة للمصارف، حمل الرقم 143-2017 يتعلّق بمعدل الفائدة المرجعية في سوق بيروت Beirut Reference Rate (BRR).
جاء في التعميم: بالاشارة الى الموضوع اعلاه، يهمنا اعلامكم ان مجلس ادارة الجمعية قرر في ضوء التطورات الحاصلة في سوق الفائدة وكلفة الودائع، توصية المصارف الاعضاء باضافة مئتي نقطة أساس على المعدل المعمول به بدءاً من مطلع شهر كانون الاول 2017 بحيث يصبح معدل الفائدة المرجعية في سوق بيروت لليرة اللبنانية (BRR-LBP) 10,65 في المئة بدلا من 8,65 في المئة الوارد في تعميمنا رقم 3862017 تاريخ
17-11-2017.
وللتذكير هذه المعدلات لا تحلّ محلّ معدلات الفوائد المدينة الفضلى بل تشكل قاعدة لاحتسابها بعد اضافة نوعية مخاطر الائتمان والربحية بالنسبة للتسليفات والقروض بالدولار وبالليرة اللبنانية».
ماذا يعني هذا التعميم؟
يؤكد مصدر مصرفي لـ«الجمهورية» ان رفع معدل الفائدة المرجعية سيكبّد المصارف أكلافا اضافية، لأنها تعتمد هذه الفائدة من اجل تحديد معدلات الفوائد على القروض، بعد اضافة هوامش معيّنة.
وبالتالي فان المصارف اليوم ستضطّر الى رفع معدل الفوائد على كافة القروض بالدولار والليرة، سواء القروض الجديدة أو القديمة التي تعدّل فوائدها سنوياً عند تاريخ تجديدها. وبالتالي فان كافة القروض السكنية والاستهلاكية والتجارية سيطالها رفع الفوائد بنسبة تصل الى حوالي 2 في المئة.
صرّوع
في هذا الاطار، رأى الخبير الاقتصادي والمالي جو صرّوع ان رفع الفائدة المرجعية على الليرة بعد ارتفاع الفوائد على الدولار في السوق اللبنانية، هو نوع من الاستراتيجية الدفاعية المتّبعة اليوم من اجل حماية الليرة اللبنانية والتحفيز للبقاء على الليرة في ظلّ الأزمة السياسية التي تمرّ بها البلاد، مشددا على ان رفع الفوائد على الدولار لم يأت نتيجة رفع الفوائد عالمياً، بل لضمان عدم خروج العملة الاجنبية من لبنان، رغم انه لم تخرج أموال تذكر من لبنان خلال فترة الأزمة.
وقال صرّوع لـ«الجمهورية» ان هذا الاجراء (رفع الفوائد) ظرفيّ، «لأن السوق غير طبيعية اليوم»، معتبرا انه عندما يعود الهدوء الى الاسواق، ستعود الامور الى طبيعتها. وفيما اعتبر ان هذا الاجراء جيّد، رأى انه من المبكر اتخاذه وكان بالامكان الانتظار.
واشار صرّوع الى ان النقطة الايجابية في هذا الاجراء، ان رفع الفوائد قابلته زيادة مهل الوديعة، اي ان الفوائد على وديعة 3 أشهر لن تكون نفسها على وديعة الستة اشهر او اكثر.
وحول انعكاسات رفع الفوائد على القروض، رأى صرّوع ان الزيادة لن تنعكس بالضرورة على القروض لأن المعروض في السوق اكثر من المطلوب، والطلب على القروض الجديدة ضئيل اليوم، لافتا الى الى ان التأثير لن يطال كافة القروض، «لأن شروط القروض القديمة تختلف، منها من تتجدد فوائدها سنوياً ومنها ثابتة على مدّة زمنية معيّنة، وبالتالي لن ترتفع فوائدها».
كما أشار الى ان المنافسة الشرسة بين المصارف اليوم، قد تدفعها الى عدم رفع الفوائد على القروض بشكل كبير، من اجل استقطاب العملاء.
اللقاء الشهري
استُخلص من النقاش المطوّل الذي دار خلال اللقاء الشهري بين مصرف لبنان وجمعية المصارف في شأن الاوضاع القائمة في سوقي القطع والفوائد، التالي:
– لفت الحاكم الى ان المصارف اقرضت اكثر من 80% بالليرة اللبنانية في اواخر العام 2016 وفي العام 2017 ما خلق فجوة في الآجال.
– اعلن الحاكم ان مصرف لبنان على استعداد لتحمّل الكلفة الاضافية بالفوائد التي قد تترتب على المصرف في حال حافظ المودع عند استحقاق الوديعة عليها بالليرة اللبنانية لفترة لا تقل عن ثلاثة اشهر.
أي انه طلب من المصارف ان تعطي فوائد أعلى على الودائع المجمّدة بالليرة اللبنانية، في حال قرر صاحب الوديعة تحويلها الى الدولار عند تاريخ انتهاء التجميد.
وأبدى استعداده لتحمّل فارق الكلفة الاضافية لرفع الفائدة. وشدد الحاكم في هذا الاطار على ضرورة التزام مدراء الفروع بتعليمات واضحة من ادارات المصارف لتشجيع منحى احتفاظ العملاء بودائعهم المحررة بالليرة.
– شجع الحاكم المصارف على توسيع هوامش الفوائد بين الدولار والليرة، إذ لاحظ توجّه المصارف في الآونة الاخيرة، بهدف جذب السيولة بالعملة الاجنبية، الى رفع الفوائد على الودائع بالدولار، الى معدلات وصلت في بعض المصارف الى 6 في المئة، مما قلّص الهامش بينها وبين الفوائد على الليرة التي كانت تجذب المودعين بسبب نسبها المرتفعة.
(الجمهورية)