عقد في السراي، قبل ظهر اليوم، بدعوة من رئاسة مجلس الوزراء، وبرعاية مجموعة الدعم الدولية للبنان، الاجتماع التحضيري للمؤتمر الوزاري الرفيع الذي سيعقد في روما لدعم الجيش والقوى الأمنية والعسكرية اللبنانية، بمشاركة وزيري الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والدفاع الوطني يعقوب الصراف وسفراء وممثلين لـ: جامعة الدول العربية، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، “اليونيفيل”، الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، إيطاليا، مصر، قطر، الإمارات العربية المتحدة، الأرجنتين، أوستراليا، البرازيل، الصين، الدانمارك، فنلندا، اليونان، الأردن، الكويت، هولندا، عمان، رومانيا، السويد، تركيا، بريطانيا، الجزائر، أرمينيا، أوستراليا، كندا، قبرص، ألمانيا، اليابان، كوريا، المغرب، النروج، روسيا، أسبانيا وسويسرا والمدير العام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وعدد كبير من ضباط قوى الامن الداخلي والجيش والقوى الامنية وملحقين أمنيين وعسكريين.
في بداية الجلسة، جرى عرض للخطوط العريضة للخطة الخمسية التي سترفعها قوى الامن الداخلي الى مؤتمر روما، ثم قال المشنوق: “قلائل يعرفون ان قوى الأمن الداخلي واحدة من أعرق المؤسسات في لبنان. فقد دخلت أخيرا عقدها الخامس بعد المئة، أي أنها تكبر لبنان الكبير بأكثر من 50 عاما. لكن رغم ذلك، فان قوى الأمن لا تشيخ. هي تشبه لبنان، في الاستمرار وفي الصمود وفي مواجهة جميع التحديات التي تعيشها البلاد منذ تأسيسها إلى يومنا هذا.
وأضاف: “منذ سميت وزيرا الداخلية والبلديات، وضعت هدفا تأسيسيا من بين الأهداف التي صممت تنفيذها، وهو تطوير عمل قوى الأمن الداخلي على المستوى الاستراتيجي، عبر نقلها من حال الارتجال إلى حال التخطيط، وتقريبها من اللبنانيين، وتطوير صورتها في أذهانهم”.
وتابع: ان الخطة الخمسية التي نتقدم بها اليوم، هي خطة تطويرية لنقل المؤسسة إلى جيل جديد من العمل والحداثة، ولتعزيز مهنيتها ودورها على صعيد لبنان. كل هذا لتمتين ثقة اللبنانيين بدولة القانون وكي يشعروا بأن الشرطة فعلا في خدمة المواطنين”.
وقال: “لا ابالغ في القول إن في لبنان قصة نجاح حقيقية. هي قصة نجاح امنية، استطاعت تجنيب لبنان تمدد حرائق المنطقة، و ما اكثرها، على الرغم من وجودنا على تماس مباشر مع الحروب والمشاريع التوسعية الإقليمية المحيطة بنا. و على الرغم ايضا من استضافة لبنان لمليون ونصف مليون نازح من جحيم الحرب السورية، ما حتم علينا مواجهة تحديات امنية مستجدة ومعقدة. فخلال الاعوام الثلاثة الماضية فقط، استطاعت قوى الامن الداخلي توقيف اكثر من 300 مشتبه فيه بجرم الارهاب وتفكيك اكثر من 60 خلية ارهابية.
الفضل الأول في ذلك يعود الى ضباط مؤسسة قوى الامن الداخل وعناصرها، الذين يعملون ليل نهار كالمتطوعين، من دون كلل او ملل، الى جانب رفاقهم في الجيش والأمن العام، لحفظ امن لبنان ومواطنيه وسلامتهم. اما الفضل الثاني فيعود الى الرؤية الاستراتيجية التي عملت عليها وزارة الداخلية منذ اربعة اعوام حتى اليوم، والتي قامت على مرتكزات ثلاث:
الاولى هي تعزيز التنسيق بين الاجهزة الامنية والجيش. وقد نجحنا الى حد كبير في ذلك، لذا نستطيع اليوم ان نتكلم بكل ثقة على عمليات مشتركة بين الاجهزة الامنية وعن تبادل المعلومات والخبرات في مكافحة الارهاب. وقد بدأ هذا التنسيق في عهد العماد جان قهوجي وهو مستمر مع العماد جوزف عون.
الثانية قامت على تطوير القدرات التقنية والالكترونية. فالحرب على الارهاب في يومنا هي حرب عقول اكثر منها حرب عضلات. وها نحن اليوم نشهد على عمليات استباقية استثنائية لشعبة المعلومات من خلال التطور الالكتروني. وقد شهد اللبنانيون جميعا كشف عمليات خطيرة آخرها كشف محاولة الموساد الاسرائيلي اغتيال المسؤول في حركة “حماس” في صيدا في وقت قياسي لم يتجاوز 72 ساعة، بالاضافة الى العملية النوعية للايقاع بمسؤول داعشي كبير في بيروت.
اما الثالثة فهي التدريب وتعزيز القدرات وتطويرها. فمعهد قوى الامن الداخلي اليوم اصبح مركزا متخصصا للتدريب ولبناء القدرات، وهو يخدم قوى الامن الداخلي واجهزة امنية اخرى”.
وأضاف: “خدمة المواطنين، ثقة المواطنين، شراكة مع المواطنين. تختصر هذه العناوين الثلاثة الخطة الاستراتيجية الخمسية لقوى الامن الداخلي، والتي تاتي تتويجا للعمل الدوؤب الذي بدأ منذ اربع سنوات ليس فقط لتطوير قوى الامن الداخلي بل لاحداث نقلة نوعية في العمل الامني. فهذه الخطة الاستراتيجية، وهي عملية متكاملة شاركت فيها جميع الادارات والاقسام في قوى الامن الدخلي من خلال فريق التخطيط الاستراتيجي، تتميز بشموليتها، اذ تبدأ بتحديد اهداف الرؤية الخاصة للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، اضافة الى الآليات والبرامج التي تحقق هذه الرؤية”.
وتابع: “يقال ان الحكم استمرار وهذا المشروع يؤكد هذه المقولة، فلقد بدأ العمل على هذا المشروع في عهد المدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، وتابعه بفاعلية اللواء عماد عثمان، وسيستمر تطبيق هذه الخطة في المستقبل بمعزل عن اي تغيير. وهي ايضا ستبقى مستمرة مع اي متغييرات وزارية ستحصل مستقبلا.
وقال: “ان الخطة الخمسية هي في صلب سعينا لترسيخ مبدأ الدولة القوية و القادرة، المحتكرة لقدرة ومشروعية استخدام القوة على ارض لبنان. واذ نقدمها لكم، نتطلع الى اليوم الذي يصبح السلاح غير الشرعي، كل السلاح غير الشرعي، بإمرة الدولة وحدها من دون سواها. ونتطلع ايضا الى اليوم الذي يعود فيه الجيش اللبناني الى ثكنه، متفرغا للقيام بدوره المركزي في حماية حدود الوطن. وتبقى قوى الأمن الداخلي وحدها المسؤولة عن أمن كل لبناني ومقيم على الأراضي اللبنانية”.
وأضاف: “إننا نرى في مؤتمر روما فرصة تاريخية لوضع قواعد عملية للأمن في لبنان، نحصل فيها على حاجاتنا العسكرية من أجل مستقبل آمن ليس للبنان فقط بل للعالم كله”.
وتابع: “إن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي من أفضل الأجهزة الاستخبارية اللبنانية التي عملت لسنوات طويلة مضت، ومستمرة في التنسيق مع معظم الأجهزة المماثلة لعملها في مختلف دول العالم”.
وختم: “اخيرا وليس آخرا، فإن هذا العمل التأسيسي المتكامل هو ثمرة تعاون مع عدد كبير من اصدقاء لبنان المانحين وعلى رأسهم المملكة المتحدة، والذين نتطلع الى مزيد من التعاون معهم في المستقبل القريب والبعيد. فالامن والامان في لبنان، في ظل تحديات الحروب المحيطة والارهاب المنتشر وازمة النازحين، مسؤولية لبنانية كما هي دولية، فتعالوا نذهب سويا نحو مجتمع وعالم اكثر امانا”.
الجلسة الثانية: الخطة الخمسية للجيش
ثم عقدت الجلسة الثانية من الاجتماع ظهرا وتم خلالها عرض الخطة الخمسية للجيش والتي سترفع الى مؤتمر روما.
“مؤتمر روما في 15 آذار”
ولدى مغادرته السراي، قال الوزير المشنوق: “انتهى الاجتماع مع سفراء الدول المعنية بمؤتمر روما، وقد تأكدت ثلاثة امور خلال الاجتماع، الاول هو ان مؤتمر روما سيعقد في 15 اذار وهو موعد نهائي وقد اعلن ذلك السفير الايطالي لكل الحاضرين.
الامر الثاني تم عرض استراتيجية خمسية لقوى الامن الداخلي والهدف الرئيسي منها هو ترسيخ مبدأ الدولة القوية القادرة والعادلة والتي هي وحدها مسؤولة عن امن كل اللبنانيين والوحيدة التي يمكنها ان تستخدم القوة على الاراضي اللبنانية في كل المجالات، لان هذه الخطة يقصد بها انه مع الوقت وخلال السنوات المقبلة ان يصبح السلاح غير الشرعي في إمرة الدولة، وعندها ينسحب الجيش الى ثكنه ويتسلم الحدود ويكون حاضرا لمساندة قوى الامن عند اي ضرورة وتقوم قوى الامن بعملها الامني على كل الاراضي اللبنانية وعلى كل المقيمين على هذه الاراضي، وهذا هو الهدف الاستراتيجي للخطة.
الامر الثالث، هو ليس فقط المراهنة على مؤتمر روما، بل نحن، بطبيعة الحال، ومن خلال هذه الخطة والتي يشكل الجيش فيها شريكا رئيسيا واساسيا وهو عرض لاستراتيجيته للسنوات الخمس المقبلة ايضا، ولاصرار لبنان على مسؤوليته في تنفيذ كل القرارات الدولية سواء ال1701 او أي قرار دولي اخر يحمي الاستقرار واللبنانيين من أي أخطار عسكرية قد تتأتي لأي سبب من الاسباب.
هذه الاهداف الثلاثة كانت واضحة خلال النقاش مع كل السفراء والملحقين العسكريين وممثلي كل الدول المعنية بمؤتمر روما”.
واضاف: “اما في ما يتعلق بالحضور، وردا على سؤالكم عن السفير السعودي فهو موجود في المملكة منذ وقت، منذ ايام ولم يكن حاضرا، ولكن شارك في هذا الاجتماع كل من سفراء الكويت وعمان وقطر ومصر اي معظم التمثيل الديبلوماسي العربي كان موجوداط.
سئل: هل تشارك المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر، علما انه قيل إن سبب تأجيل المؤتمر الى 15 اذار هو رفض بعض الدول العربية المشاركة فيه وعلى رأسها المملكة؟
اجاب: “ليس هناك ايه دولة عربية رفضت، ربما قد تكون بعض الدول قد تمهلت في الاجابة، ولكن لم ترفض اي دولة عربية الحضور.
ان تعيين الموعد في 15 اذار يؤكد ان هناك اجواء ايجابية حيال حضور كل الدول التي يقال انها لن تحضر والا لما حدد الايطاليون موعدا نهائيا في 15 آذار”.
سئل: هل التأجيل هو افساح في المجال امام الدول التي لم تبد رغبة في الحضور؟
اجاب: “لم يتم التأجيل، فموعد 28 شباط الذي حكي عنه لم يكن مثبتا على الورق، بل كان متداولا به ولبنان لم يتلق دعوة اكيدة ان المؤتمر كان سيعقد في 28 شباط ونحن في وزارتي الداخلية والدفاع لم نتلق دعوة رسمية تحدد 28 شباط، وبالتالي اصبح 15 آذار وكأنه تثبيت للموعد وليس الغاء او تأجيلا”.
سئل: هل يتطلب تثبيت الموعد المزيد من الاجتماعات؟
اجاب: “لقد ثبت الموعد، والوزارات المعنية بمؤتمر روما اي الوزارات الامنية قامت بواجباتها وطبعت الكتيبات باللغتين العربية والانكليزية وسلمتها الى الملحقين العسكريين والامنيين وللسفراء المعنيين تسويقا لوقت انعقاد المؤتمر في 15 آذار”.
سئل: هل مؤتمر روما يؤكد سياسة النأي بالنفس لدى الحكومة؟
اجاب: “بالتأكيد، سيكون هناك كلام سياسي، فنحن في الحكومة سياستنا واضحة، واذا كان هناك من نقاش سيكون حول سياسة الحكومة لان النأي بالنفس يحتاج ايضا الى حماية امنية وقدرة للقوى الامنية على ان تسيطر على كل الاراضي اللبنانية، وهذا المؤتمر هو واحد من مؤتمرين سياسيين، اذ سيأتي بعده مؤتمر “سيدر-1″ الذي سيتم خلاله البحث في الشأن السياسي بشكل اوسع بكثير من مؤتمر روما”.