اعتبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، تعليقا على قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تعليق انعقاد جلسات مجلس النواب لمدة شهر، أنها “فرصة كافية للتوصل إلى نتيجة منطقية وعادلة”. وأشار إلى أن الفريق السياسي الذي ينتمي إليه “لم يكن جزءا من الصراع والمواجهة بل هو سهل كل المبادرات والمشاريع”.
كلام المشنوق جاء خلال تمثيله رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل تكريم المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، بدعوة من رئيس جمعية رجال الأعمال اللبنانية الهولندية محمد خالد سنو في دارته، بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري ونواب وسفراء وشخصيات سياسية وقضائية واجتماعية واقتصادية وعسكرية.
المشنوق
وقال المشنوق: “أوضح فخامة الرئيس عون خلال جلسة مجلس الوزراء قبل يومين انه عندما ذكر الفراغ، كان يتحدث عن خيار سلبي لن يلجأ اليه ولن يسمح به. لقد استعمل نصا دستوريا يسمح بتعليق جلسات مجلس النواب لمدة أربع أسابيع، وهي فرصة للجميع للتشاور والنقاش والتوصل الى نتيجة منطقية وعادلة. والحمد لله استطعنا كمجموعة سياسية خلال هذه الفترة ألا نكون جزءا من هذا الصراع، لم نتدخل في مواجهات وقد سهلنا كل المبادرات والمشاريع، والرئيس سعد الحريري فتح بابه وعقله لكل ما يمكن أن يعرض عليه. لم يكن هناك رفض مسبق أو موافقة مسبقة لأي مشروع، فقد وافق على النسبية وعلى التقسيمات الادارية، كما وافق على كل ما تم التحدث فيه، من دون الالتزام، إلا إذا كان هناك صيغة نهائية وبموافقة الجميع، لكن فتح المجال للمناقشة الايجابية في كل المواضيع، وأتمنى أن تكون مهلة الشهر كافية للوصول إلى النتيجة المرجوة”.
أضاف: “أولا أوجه الشكر إلى صاحب هذه الدار على هذه المناسبة الكريمة التي عنوانها تكريم رجل يتسم دائما بجديته وبمصداقيته وبأخلاقه. وهو لقاء مبارك بحضور سماحة مفتي الاعتدال الشيخ عبد اللطيف دريان. قليلون في لبنان يغادرون المناصب الكبيرة زاهدين فيها. وأقل منهم يطلبون مغادرتها، أو يرفضون البقاء فيها. اللواء ابراهيم بصبوص واحد من هؤلاء القليلين القليلين الذين ليس “في عينهم”، كما يقولون بالعامية. بل هو جاء إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي كما يأتي العسكري إلى واجبه وإلى خدمة بلده، طمعا بالمسؤولية، وليس بالوجاهة. أنتم تعرفونه جيدا، متفانيا ونزيها وصلبا ويمتلك قدرة كبيرة على تحمل ضغط العمل. وقد تميزت ولايته الامنية بهدوء أمني. ولمن لا يعرف، لم تشهد ولاية أحد من قبله محاكمة عشرات الضباط وعشرات العناصر، بسبب مخالفات تتراوح بين الإهمال وصولا إلى اكثر من ذلك بكثير”.
وتابع: “اعتمد اللواء بصبوص مبدأ الثواب والعقاب، فكافأ المتميزين بالتزامن مع محاسبة المتورطين. مارس هذا الدور بروية وهدوء ودون ضجيج إعلامي، لكن بحزم ورصانة، وبعد دراسة وتدقيق، وكان دائما مرتاح الضمير، كما عرفته. وقاد عملية تطوير وتحديث لأجهزة عديدة في قوى الأمن، وبدأنا معه الإعداد لخطة خمسية هدفها تحديث قوى الأمن الداخلي، وسنستكملها بإذن الله مع اللواء عماد عثمان”.
وأردف: “خلال ولايته حملنا لواء مكافحة الإرهاب بهدوء وبهدوء وبهدوء. الإرهاب الذي نجحت قوى الأمن الداخلي مع غيرها من القوى العسكرية في التصدي له بكفاءة نادرة يشهد عليها العرب والغرب، من خلال الانضباط العالي والولاء الوطني الاستثنائي، والعمل دون توقف، وبالتنسيق المستمر مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وبتفاني الكثير من الضباط والأفراد في عملهم، ليلا ونهارا، لحماية لبنان واللبنانيين”.
وقال المشنوق: “كذلك شهدت ولايته عمليات استباقية ناجحة، فككت شبكات عديدة قبل تنفيذ عملياتها، وأوقفت إنتحاريين قبل تفجير أنفسهم. كانت ولايته هادئة أمنيا، بعمله وإدارته الرشيدة، وهو حرص على جعلها “نظيفة” إداريا. أيضا وأيضا كان ولا يزال يتميز بقدرة كبيرة على الصبر، وقدرة أكبر على الصمت، والصمت صعب جدا. يقول الكاتب الأميركي إرنست همينغواي إن الإنسان يلزمه سنتان ليتعلم الكلام، وخمسين عاما ليتعلم الصمت. واللواء بصبوص لم يكن بحاجة إلى خمسين عاما، فهو من طينة الرجال القادرين على الصمت، حتى حين يكون الكلام مغريا. لم تغره وسائل الإعلام ولا الأضواء التي تبحث عن القادة الأمنيين وتلاحقهم بحثا عن سبق صحافي ولخدمة جمهور متعطش دوما لمثل هذه الروايات”.
أضاف: “عملت واياه ثلاث سنوات، خبرته خلالها، يعمل دون ملل، يتحمل المسؤولية، يتابع مشاكل الناس وحقوقهم في كل لبنان، ويعلي المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، ودائما يحاول ان يخرج المؤسسة من زوايا السياسة إلى رحاب الوطنية. إن نسيت لن أنسى أبدا مقدار عاطفته ومقدار تفانيه واهتمامه ومتابعته من دون ملل او كلل اي قضية انسانية تتعلق بطفل ضائع او ببنت صغيرة معتدى عليها بشكل ظالم، ولا شيء كان يمنعه، أو يمنعني، من أن نتهاتف بعد منتصف الليل للتحادث حول قضايا انسانية تفصيلية وموجعة. الجانب الانساني فيه هو أقوى جانب لديه وهو الذي حمى الجوانب الأخرى فيه”.
وتابع: “سيسجل في تاريخ قوى الأمن الداخلي أن اللواء بصبوص كان رمزا للجدية والنزاهة والشفافية وعنوانا لمدرسة المسؤولية. وسيتذكره التاريخ ايضا على أنه كان الأكثر هدوءا. وقد سلم الراية لمن لا يقل عنه مسؤولية وجدية، إلى اللواء عثمان، الذي حسبه أنه أخذ الراية من اللواء بصبوص، ليبقيها عالية ونظيفة. اللواء بصبوص من الناس الذين يصعبون على الذين يأتون من بعده، مع كل محبتي للواء عثمان ومعرفتي به لسنوات طويلة، يصعب كثيرا على الذين من بعده القدرة على السمو والترفع والقدرة على المسؤولية الصامتة”.
وختم: “سنظل نرجع إليه وإلى حكمته وخبرته، كل اللبنانيين يجب ان يفعلوا ذلك، فمن مثله لا يتقاعدون، بل يرتاحون قليلا، ويظل حضورهم دائما في الأمكنة التي ساهموا في بنائها”.
سنو
وكان الحفل استهل بكلمة لصاحب الدعوة أعرب فيها عن اعتزازه وسعادته بتكريم “قامة أمنية وعسكرية وأخلاقية أجمع المسؤولون، كما الأطياف السياسية المختلفة والمواطنون، على تقدير نزاهته وتثمين أدائه الوطني وفعالية إدارته في توطيد الأمن”.
وقال سنو: “لا بد لي من التنويه بأعمال صاحب السماحة مفتي الاعتدال الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي عمل على لم الشمل وتطوير المؤسسات التابعة لدار الفتوى، ويعتز البيارتة بأن معالي الوزير والنائب نهاد المشنوق أمين على حسن تمثيلهم في المجلس النيابي، ويفتخرون بإنجازاته في وزارة الداخلية والبلديات، ويقدرون تواصله مع قاعدته الشعبية”.
أضاف: “إن اللبنانيين عامة والبيارتة خاصة يثمنون غاليا جهود دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري لإنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية حفاظا على لبنان، وتنشيط العمل الحكومي بإنجاز التعيينات الأمنية، ونعلق آمالا كبيرة على توصل حكومته للتفاهم على قانون انتخابي مقبول من جميع الجهات السياسية، واستكمال التعيينات، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب”.
وقدم سنو الى بصبوص درعا تكريمية عربون “محبة وتقدير لخدمة وحفظ امن لبنان واللبنانيين”.
بصبوص
من جهته، شكر بصبوص صاحب الدعوة على تكريمه، وتوجه الى المشنوق بالقول: “إن كل كلمة قلتها عني افتخر واعتز بها وسأضعها وساما على صدري حتى الموت”.
أضاف: “إنه لشرف كبير لي أن أكرم اليوم في بيت عزيز على قلبي في بيروت، بيروت ام الشرائع، بيروت ست الدنيا، بيروت الدرة الغالية، أهل بيروت الطيبين الكرام، أهل العزة والكرامة، اهل العنفوان، اهل بيروت الذين لهم الفضل الكبير علي. انا صحيح من إقليم الخروب، وعلى مسافة 40 كم تقريبا من بيروت، لكن إقليم الخروب يعتبر ابن بيروت، بيروت لها الفضل الكبير على إقليم الخروب لأن 90 بالمئة من سكان إقليم الخروب يعملون في بيروت سواء في القطاع الخاص أو الوظائف العامة أو التجارة”.
وختم: “هذا التكريم أهديه لقوى الأمن الداخلي ككل في الخدمة الفعلية، ولشهداء قوى الأمن الداخلي وعلى الأخص الذين سقطوا مؤخرا، وأهديه لقوى الأمن الداخلي ضباط ورتباء وأفرادا وعلى رأسهم الصديق اللواء عماد عثمان الذي أتمنى له التوفيق”.